الدولة التى لا تعمل - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 11:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدولة التى لا تعمل

نشر فى : الخميس 7 فبراير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 7 فبراير 2013 - 8:00 ص

من الواضح أن الأزمة، التى بدأت تتفاقم فى جميع قطاعات الدولة، بات انها تحتاج لثورة اخرى، حتى نتجاوز ما نمر به، فعلى ما يبدو، ان ما حدث من توجيه اتهامات لرجال النظام السابق، ثم محاكمة الكثيرين منهم، وسجن البعض، دفع كل من يشغل منصبا عاما، يفكر ألف مرة قبل التوقيع على اى ورقة، او الموافقة على اصدار اى قرار، وغالبا بعد التفكير العميق لا يوقع ولا يسير او ييسر اى عمل، وبالتالى صارت البلاد مشلولة والاعمال شبه متوقفة، وهذا ما بدا جليا فى تعطيل الحركة الاقتصادية، خاصة وانه أصبح من السهل ان تصيب الاتهامات اى مسئول، بل واصبح معظم المسئولين الحكوميين من المبشرين بالذهاب لنيابات الاموال العامة.

 

بالطبع لا يعترض احد على ضرورة محاسبة كل من سرق مالا عاما، او اهدره، وبالطبع ايضا لا يعترض احد على ضرورة محاصرة الفساد وتجريم اهدار ثروات البلاد، فالأكيد ان احد اهم الاسباب التى دفعت الشباب للثورة على النظام السابق، هو الفساد الذى استشرى فى اعماق بنية الاقتصاد المصرى، لكن فى ذات اللحظة لا يجوز ان يتحول كل من يتصرف فى المال العام الى متهم الى ان تثبت براءته، وتصبح يد الجميع مرتعشة فى التوقيع على اى قرار حتى لو كان ضروريا وعاجلا للمصلحة العامة، وهى امور تنذر بخطر داهم على حركة الاقتصاد، وان كان الخطر لم يعلن عن نفسه حتى الآن، لأنه يتوارى خلف الازمات السياسية العميقة التى لا تتوقف، ولا تعطى الفرصة لأى مراقب لمتابعة هذا الخطر الذى سيعصف بالكثير عما قريب.

 

وما بين ضرورة محاسبة لصوص وقراصنة المال العام، وواجب قيام كبار المسئولين بمهامهم، تبقى مساحة يجب ان تتحرك فيها ادارة الدولة على وجه السرعة، خاصة ان الوضع الاقتصادى اصبح لا يحتمل المزيد من التأخير، وهى مساحة لا بأس بها تسمح باستكمال مطاردة الفساد، والتحفيز على العمل والانجاز دون الايحاء بالتراجع عن محاسبة المسئولين، لكن فكرة الاستسلام بأن المرحلة تتطلب فقط التشديد فى ملاحقة الفاسدين، فهذا فساد فى حد ذاته، لأنه يمنع الدولة من مواصلة اعمالها، وهو الامر الذى يعود بضرر بالغ على المواطن، لأن المواطن طالب بمنع الفساد، لكنه لم يطلب ابدا منع العمل او التوقف عنه لأى سبب من الاسباب.

 

هنا على وجه التحديد، لا وجود الا للدولة ورئيسها ورئيس وزرائها، ولا تستطيع اى قوة اخرى، المساعدة فى هذه الامور، ولا يحق لمن فى الحكم ان يتعلل بتعطيل قوى المعارضة لتسيير الامور فى البلاد، فهذه وظيفتهم الاولى ومسئوليتهم، وعليهم القيام بها وتهيئة المناخ العام لذلك، وايضا هم المسئولون عن بث جو الرعب الذى تعيشه قيادات الدولة، وبالتالى عليهم تطمين كل مسئول خائف وقيادة مرعوبة، فى اطار من احترام القانون والحفاظ على المال العام ايضا، فمنح اى موظف عام سلطات واسعة، لا يعنى ابدا الموافقة على تمكينه من نهب حقوق المواطنين، سواء بالسكون وعدم العمل بدافع الخوف، او العمل وتحقيق جزء من واجبه على حساب المال العام، لذا لا داعى لأن نسمع مزيدا من النقاشات والتصريحات والبيانات، فالمطلوب الآن من الدولة ومن رأس الدولة، الاعلان عن ان الدولة وأجهزتها تقوم بما عليها فى ظل نظام لا يسمح بالفساد، وبهذه المناسبة عودة الدولة للعمل لا يتطلب حوارا وطنيا، فقط العمل ثم العمل ثم العمل.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات