حينما طرقت وداد باب القصر - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 3:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حينما طرقت وداد باب القصر

نشر فى : السبت 6 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 6 أبريل 2013 - 8:00 ص

ربما لا يعرف الكثيرون، أن حركة ٦ ابريل، تأسست بناء على انتفاضة لعمال مدينة المحلة (٦ إبريل ٢٠٠٨) من بين انتفاضاتها الخالدة والعديدة على مدى أكثر من نصف قرن، وربما كان الشباب الذى أسس للحركة من الذكاء أولا لتخليد ذكرى الانتفاضة وثانيا اختيار عنوان مناسب يعكس توجه حركتهم ونبلها مثل نبالة هؤلاء العمال البسطاء، الذين كانوا فى مقدمة الشعب المصرى بإعلان احتجاجهم ضد غطرسة وفساد وظلم النظام السابق، وبالتالى صارت حركة شباب ٦ ابريل رمزا لنضال هذه المدينة ضد السلطة الباطشة.

 

المحلة، مدينة تعكس حالة مصر السياسية والاقتصادية، وفى ذات الوقت تكشف عن أن هذا الشعب كان فى الكثير من الأوقات بطلا ذكيا شجاعا ووطنيا مخلصا، ومن ذكريات المحلة، وفى ذكرى انتفاضتها وهبتها الكبرى مثل اسمها «المحلة الكبرى» يكفى أن نشير إلى ثلاث وقائع تؤيد ما نقول وتثبت للتاريخ إن فى هذه البلاد ناس لا تعرف الاستكانة مهما كان ظلم وبطش الحاكم، والأهم أن كل أبطال هذه المدينة دائما من بسطاء الناس ومن أُناسها العاديين الذين يعرفون جيدا كيف يدافعون عن حقوقهم وكيف يطلبون ما يستحقون بعدالة نادرة يصعب على كبار الساسة أن يفعلوا مثلهم.

 

وأولى الوقائع التى تمنح أبطال هذه المدينة صك الوطنية والإخلاص، واقعة شهيرة تعرضت لها حكومة الدكتور أحمد نظيف فى بداية عملها حيث هب العمال وأضربوا فذهب إليهم الوزير المختص، يحمل فى جيبه قرارات بزيادات فى أجور العمال حتى ينهى القصة ويعود منتصرا لحكومته فى ساعات قليلة، إلا أنه فوجئ برفض العمال للزيادات وأن مطالبهم تتلخص فى مطلب وحيد هو زيادة الاستثمارات لمصنعهم والقيام بعمليات إحلال للماكينات حتى يعود المصنع لسابق مكانته ويقوى على المنافسة، باختصار كان مطلب العمال هو عدم قتل مصنعهم، وكان هذا الوزير من الذكاء أن عاد وقال لرؤسائه جملته الخالدة «احذروا المحلة» وطبعا لم يفهم أحد وقتها ماذا يقول هذا الوزير.

 

أيضا كانت المحلة وأبطالها هم من رفعوا سقف المعارضة لأول مرة فى مصر بالغضب على الرئيس، كانت الاحتجاجات العمالية والطلابية أيضا وبالطبع رجال السياسة يتوقفون دائما عند وزير أو رئيس وزراء، أما المحلة فأعلنت رفضها للرئيس شخصيا وعبرت عن غضبها بجميع الوسائل القاسية، أيضا كانت رسالة مدير الأمن وقتها أذكى من تقديرات رجال السلطة، قال بشكل واضح افعلوا شيئا لهؤلاء، هذا غضب حقيقى ومطالب ملحة للمواطنين وليس من باب التهييج السياسى، وأيضا لم يستمع أحد لتحذيراته.

 

أما الواقعة الثالثة فكانت بطلتها عاملة بسيطة اسمها وداد، لم تعرف السياسة يوما ولم تشارك فى أى إضراب.. حتى جاء اليوم الذى اقتربت فيه من الفساد فخرجت وثارت واعترضت، وحينما لم تجد الإجابة قادت فريقا من المعارضين وذهبت لقصر العروبة مقر حكم مبارك وطرقت الباب وصرخت فى وجه رجال نظامه، وبذلك كانت أول مواطن يصل بغضبه لباب السيد الرئيس الذى لم يفهم الرسالة أيضا، بينما عادت وداد للمحلة.. مدينتها التى فهمت رسالتها جيدا، وفهمنا نحن أنها لحظة فارقة فى تاريخ مصر.

 

ومن الوزير ومدير الأمن إلى وداد، كانت المحلة دائما على موعد مع الوعى والغضب والتعبير الذكى الوطنى، والمشكلة أن الأنظمة لا تفهم أبدا إلا فى الوقت الضائع وبعد صفارة النهاية، أو مع النفير الأول للثورة.. تحية للمحلة فى عيدها النضالى الخاص.  

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات