مخاطر قتل التفاوض - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 10:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مخاطر قتل التفاوض

نشر فى : الأربعاء 6 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 6 مارس 2013 - 8:00 ص

لا أعرف على وجه الدقة، لماذا تفعل بنا حكومة الدكتور هشام قنديل ما تفعله هذه الأيام، وكأنها صاحبة مصلحة فى عدم استقرار الأوضاع، أو أنها لا ترغب بالفعل فى مواجهة المشكلات التى تتفجر كل يوم، وأنا أتحدث صراحة عما يسميه البعض احتجاجات فئوية، وهى فى واقع الأمر مظالم واضحة لا لبس فيها كان على الحكومة، أن تعمل على حلها قبل أن يعلو صراخ المضارين، أو أن يتحول صراخهم إلى أفعال عنيفة، والمدهش فى القصة، أن السيد الرئيس محمد مرسى فى أيام حكمه الأولى، أسس ديوانا للمظالم، لكن على ما يبدو ان الهدف منه كان اعلان انحياز الرئيس للدفاع عن المظلومين، دون ان يكون ذلك امرا واقعا، وأن ترفع هذه المظالم بالفعل.

 

بصراحة إن صمت الحكومة على ما يحدث، هو المبرر الأول لغالبية أشكال العنف التى نراها تتسع يوما بعد يوم فى الشارع المصرى، فهى تترك الأمور حتى لحظة الانفجار، ثم تعلن الحل، والذى يكون فى الغالب أسوأ الحلول وأبغضها وأكثرها كلفة، وأقلها عدالة للدولة، ولنا فى قصة أصحاب البازارات فى الأقصر أسوة حسنة، فقد أصحاب البازارات يطالبون منذ فترة ليست بالقصيرة بحل مشكلة إيجارات بازاراتهم المتراكمة عليهم، بسبب تعطل النشاط السياحى، لكن أحدا لم يسمع لهم، حتى تفاقمت المشكلة، ثم هددوا، وأيضا لم يستمع اليهم أحد، فما كان منهم إلا أن خرجوا وقطعوا الطرق فى جميع المناطق السياحية، فما كان من الحكومة إلا أن اعلنت، بعد ساعات قليلة، إعفاء أصحاب البازارات من الإيجارات لمدة عام.

 

والذى يراجع جميع الاحتجاجات التى حققت مطالبها، خلال العامين الماضيين، سنجد انها جاءت بعيدا عن التفاوض وبعد اتخاذ اجراءات عنيفة مثل الإضراب أو الاعتصام أو قطع الطرق للذين لا يملكون الإضراب عن العمل، وهذا يعنى بوضوح شديد، أن هذه الحكومة، ومن الانصاف أن نقول والحكومات التى سبقتها، اعتمدت العنف كحل للمشكلات، أو لرفع المظالم، ويعنى أيضا أن التفاوض ليس الطريقة المناسبة لحل العقبات التى تواجهها الجماهير، وفى وسط هذا الزحام ربما يقوم البعض باحتجاج أو بقطع طريق للمطالبات بأشياء هى أبعد ما تكون حقوقا لهم، لكن هذه هى الطريقة الناجحة التى يرونها أمامهم.

 

هنا يجب على الدولة أن تتدخل بشكل واضح لتعيد التفاوض كوسيلة أساسية لعرض المشكلات حتى تعمل الحكومة على فرزها والاستجابة لما هو حق ويمكن تنفيذه على الفور، لأن ترك الأمور على ما هى عليه الآن، يعنى استمرار الفوضى وتعطل الإنتاج، وظلم العباد، وتمكين المغيرين على حقوق لا يستحقونها، لأن قتل التفاوض يشير للجميع إلى طريق واحد فقط «خد حقك بإيدك»، ولا يترك للحكومة فرصة تحقيق هذه المطالب فى وقت مناسب تسمح الظروف بتحقيقها، لأن الناس يمكن أن تصبر إذا ادركت أن هناك أملا، أما تركهم للمجهول، هو الذى يدفع لفعل «حالا و دلوقتى» لأنهم بصراحة لا يصدقون الدولة.

 

أما الخطر الحقيقى، أن ما تفعله حكومة الدكتور هشام قنديل، سيتم توريثه للحكومات اللاحقة، التى لا ذنب لها أن ترث مثل هذه التركة، التى تعوق أى محاولات للإصلاح، لأن مصر بلد يصعب تغيير سلوكياته ناسه، فاذا ما سلكوا طريقا، فلن يحيدوا عنه بسهولة.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات