نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب حسن مدن، يعرف فيه ما هو علم قراءة الشفاه، كما يتم الاستعانة بهذا العلم للتحقيق فى بعض التهم عند الحاجة، مثلما حدث مع اللاعب الإنجليزى جود بيلينجهام... نعرض من المقال ما يلى.
مشهد وصفته فى كتابى «يوميات التلصص» عاينته فى مقهى يتكون من قسمين، داخلى وخارجى، يفصل بينهما حاجز زجاجى شفاف، وإذا كان بوسع الأذن أن تلتقط مفردات مما يتحدث به من يصادف وجودهم معك فى أحد القسمين، فإن الحاجز الزجاجى بين القسمين يحول دون سماع أصوات من يجلسون فى القسم الثانى، حتى لو صادف أنك جلست ملاصقا للحاجز الزجاجى، وعلى الطرف الثانى من الزجاج جلس آخرون. إنك ستراهم، لكنك لن تسمع ما يقولون. ومن باب الفضول سعيت، يومها، لتخمين ما يتحدثون حوله بمراقبة تعابير وجوههم وحركة شفاههم وهى تخرج الكلام.
من حيث لا أعلم كنت أقوم بما يصفونه فى العلم بقراءة الشفاه، التى توصف بأنها «وسيلة تواصل بصرية، تعتمد على مشاهدة فم المتحدث، خصوصا شفتيه»، لفهم ما ينطق به من كلمات. وبمراقبة حركة الشفاه التى غالبا ما تكون مرئية فى الاتصال وجها لوجه، يتم التعرف البصرى إلى الحروف والكلمات والجمل المنطوقة، ويجرى تشبيه قراءة الشفاه بطريقة اكتساب وتعلم القراءة، ففى هذه الأخيرة «نقوم بالتعرف إلى رموز مرسومة تسمى حروفا، ثم نقوم بتخزينها فى الذاكرة، ونستدعى تلك الحروف عندما نشاهدها ونريد قراءتها».
اتضح أن «قراءة الشفاه» باتت وسيلة تحقيق، يجرى اللجوء إليها وقت الحاجة. هذا ما طالعتنا به الأنباء أخيرا، حيث نقلت وكالة «فرانس برس» عن رابطة الدورى الإسبانى لكرة القدم (الليجا) أن الرابطة استدعت خبيرا فى قراءة الشفاه، للتحقيق فى إهانات مزعومة وجهها الإنجليزى جود بيلينجهام نجم «ريال مدريد» إلى مواطنه لاعب وسط «خيتافى» مايسون جرينوود، بعد أن تقدم الأخير بشكوى إلى مدير مباريات الدورى، كما هو معتاد فى مثل هذه الحالات، فكان أن طلبت الرابطة خبيرا فى قراءة الشفاه للتصرف بحسب الإثباتات.
ينقل المتابعون أن لاعب الوسط الهجومى بيلينجهام (20 عاما) نال الكثير من ثناء المعلقين الرياضيين ومحبى الكرة على أدائه الذى وصف بالرائع بعد انتقاله من «بوروسيا دورتموند» الألمانى، ولكن ما أفسد ذلك، وبحسب مشاهد نشرتها وسائل الإعلام الإسبانية، ظهوره وهو يصف جرينوود بـ«المغتصب» خلال المباراة التى فاز فيها «ريال مدريد» على أرض فريق هذا الأخير، ويبدو أن ثمة أساسا ل«الشتيمة» التى وجهها بيلينجهام إلى الغريم جرينوود البالغ من العمر 22 عاما، حيث جرى إيقافه عن اللعب عام 2022 من قبل رابطة الدورى الإنجليزى، على خلفية اتهامات بالاغتصاب، قبل أن تسقط عنه التهم منذ نحو عام.
أسقطت التهم، لكن ليس بالوسع نسيان أنها وجهت إليه يوما، وهذا ما قد تؤكده شفتا بيلينجهام بعد استنطاقهما.