ثورتا الشتاء والصيف - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 12:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثورتا الشتاء والصيف

نشر فى : الأربعاء 4 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 4 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

من الواضح أن الصراع السياسى، عاد مجددا لكلاسيكيته المعهودة ليتمحور حول ثورة الخامس والعشرين من يناير، وربما يكون الجديد هذه المرة، أن هناك بعض الأصوات ترغب فى نسخها لصالح ثورة ٣٠ يونيو، وعدنا من جديد لنسأل من كان مع الثورة ومن كان ضدها، بتنا نفتش فى مواقف الجميع، ونراجع انحيازات كل تيار، ونبحث عن مواقف مغايرة للقيادات، من جديد عاد الحزب الوطنى للمشهد، وخرج منه الإخوان، والثوار حائرون متجادلون مختلفون بين ثورتى الشتاء والصيف، حتى أبناء الجيل الواحد يفعلون ذلك. 

بمجرد طرح فكرة الانتخابات الفردية للبرلمان المقبل قامت الدنيا، ولم تقعد حتى الآن، فريق يعلن بكل ثقة أن الانتخابات الفردية هى الأنسب لمصر فى ظل غياب واضح للأحزاب السياسية، كما أن هذه الطريقة ستمنع وصول الإخوان المطرودين المطاردين للبرلمان المقبل، فهم محترفون فى هذه الصنعة، وفى ذات اللحظة خرج أحد قيادات حزب الإخوان (الحرية والعدالة) ياسر محرز ليعلن أن حزبه يرفض الانتخابات الفردية، لأنها تقضى على الحياة الحزبية، وأن القوائم هى الأفضل (وكأن جماعته قررت المشاركة فى الانتخابات)، بينما يصرخ الثوار مؤكدين أن هذه الطريقة فى الانتخابات ستعيد الحزب الوطنى للسلطة، وأنه سيحصد المقاعد بسهولة لن يتخيلها أحد، لنجد أنفسنا جميعا، فى ذات المأزق الذى كنا نتحدث فيه أثناء مناقشة قانون انتخابات برلمان الثورة، وكأن الزمن توقف بنا، وكأن نهر السياسة آسن لم تجرِ به أى مياه منذ عامين. 

أبطال ثورة الخامس والعشرين من يناير، الذين أعلنوا من قبل أن جماعة الإخوان التى سرقت ثورتهم، وهى الجماعة التى رفضت مشاركتهم فى البداية فى الثورة على الحزب الوطنى، ثم جلست مع النطام لتتفاوض معه لصالحها، بينما كان الثوار متمسكين برحيل النطام، يشعرون اليوم بأنهم مهددون من جديد باختطاف ثورتهم من ثوار يونيو، رغم أن كليهما كان شريكا فى الأولى، ولا توجد أية خلافات حقيقية فيما بينهما، فكلاهما يبحث عن صياغة معادلة جديدة لثورة الشتاء مطروحا منها جماعة الإخوان، حتى تكون النتيجة ثورة الصيف مضافا إليها حزب النور، لكن حزب النور اعترض على الثورة الأولى، وصمت حيال الثورة الثانية، فعن أى مكتسبات ثورية يتحدث قادته، تماما مثل صراخ الجماعة ليل نهار بدعوى أنهم يدعون الشعب للحفاظ على مكتسبات ثورة يناير، رغم أن هذه الجماعة تأخرت فى الثورة الأولى، وكانت هدف الثورة الثانية، فلماذا لا يطرح الحزب الوطنى نفسه وسط هذا الانقسام، باعتباره «شريك» فى الثورة الثانية، بعد أن كان هدف الثورة الأولى؟ 

وإذا بحثنا عن تصحيح للمعادلة، وقررنا الالتزام بالمفهوم الثورى بموجاته المتعددة، وأعدنا الحق إلى أصحابه، وتلافينا أخطاء الماضى، وجب علينا إزاحة كل من تسبب فى إفساد الحياة السياسية من طريق الانتخابات، (سواء كانوا إخوانا أو نظاما قديما، أو قوى تقف فى منتصف المسافة بينهما، وكانت تقتات على خلافاتهما)، وإفساح المجال بصدق وجدية أمام شباب الثورة ليتمكن من الوصول لمقاعد البرلمان، مشاركا نخبا نزيهة أخلصت لهذا الوطن، لأن الإصرار على تمكين المفسدين، لا يعنى سوى انتظار ثورات متعددة حتى يتحقق التغيير الذى لن يتنازل عنه الجيل الذى قرر أن مصر لن تستمر فاسدة سياسيا بأى عنوان أو تحت أى مظلة، سواء تصالحت ثورة الشتاء مع ثورة الصيف أو تخاصمتا.. إنها الحقيقة التى يفر منها البعض وينكرها البعض الآخر.. الحقيقة التى ستنتصر فى النهاية.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات