الجامعة والبلطجى - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 10:21 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجامعة والبلطجى

نشر فى : السبت 4 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 4 مايو 2013 - 8:00 ص

ما بين السياسة والتعليم، يقف العنف بجسارة يفسد الاثنين داخل الجامعات المصرية، فلا نحن نتحدث عن كيفية تطوير المناهج التى أصبحت مثار سخرية الطلاب، ولا استطعنا الوصول إلى صيغة واقعية لممارسة العمل السياسى داخل الحرم الجامعى فى ظل اشتباكات بين آلاف الطلاب (أحداث جامعة عين شمس) وظهور أسلحة آلية (واقعة جامعة المنصورة)، مع التأكيد على أن كل هذه الأحداث لا علاقة لها بالسياسة وأنها من مخزون النظام السابق، وأن أبطال هذه الأحداث، خاصة أحداث جامعة عين شمس، من أتباع أجهزة أمنية، كانت تفرض سيطرتها على الطلاب لمنع الاحتجاجات أثناء حكم مبارك، بل ويشير البعض إلى أن السيطرة على جامعة عين شمس بالتحديد كان منذ زمن الرئيس الراحل أنور السادات بحثا عن مؤيدين للصلح مع العدو الإسرائيلى، فى وقت اعترضت عليه جامعات مصر كافة.

 

وللأسف، يتضمن هذا العنف أيضا اعتداءات أو محاولات اعتداء من الطلاب على أعضاء هيئات التدريس فى ظاهرة تنبئ بالقضاء على القواعد والقوانين الحاكمة لسير الحياة الجامعية، وهذا ما يعنى أن بعض الطلاب قد خرج عن المسار وانحرف به إلى منطقة مظلمة يصعب الخروج منها، وقد شاهدت بنفسى محاولات طلاب عين شمس محاولة إيذاء رئيس الجامعة بصاعق كهربائى، وهو مشهد من وجهة نظرى كان من واجب أجهزة الدولة المختلفة التوقف عنده والتعامل معه بحسم وقوة يعكسان هيبة الدولة، ولكن بما أن الأمر قد مر، والدولة توارت خجلا تجاه هذا الحادث، فلا يبقى إلا ان يقوم الطلاب بتصحيح هذه الأوضاع بأنفسهم، باعتبارهم جزءا أصيلا من الثورة المصرية، إن لم يكونوا هم الأصل الذى فجرها ورعاها وحماها.

 

إن المشكلة داخل جامعات مصر شديدة التعقيد، لا يلتفت إليها أحد، وربما يكون من العبث أن نتحدث عن تطوير التعليم بالجامعات، ومن السذاجة أو الرفاهية أن نناقش معايير العمل السياسى داخلها، قبل مواجهة العنف ووأده، حتى نتمكن من العودة لتطوير التعليم وتقنين السياسة، وعلينا أن نعترف أولا أن السلوكيات تغيرت، والممارسات تبدلت، وأصبح لدينا داخل أسوار الجامعات بعض الطلاب ممن بمكن وصفهم بالبلطجية، وهذا بيت الداء الذى يجب نعترف به ولا ننحى أمام فكرة أن هؤلاء ثوار وأننا نعيش فى مد ثورى، فهذه أكاذيب أعتقد أنها من صنع البلطجية ومن يقف وراءهم، لأن الثورة والثوار أنقى وأذكى وأشرف من ذلك بكثير، لأن الجامعة فى نهاية المطاف مؤسسة تعليمية راقية تفهم الثورات وتعتنى بها بل وتخضعها للبحث والدراسة، أما استخدام الأسلحة البيضاء والشوم وصواعق الكهرباء فكلها أدلة دامغة على سيطرة عقلية البلطجى على مقاليد الأمور داخل ما نسميه «حرم» أى أن قدسيته قد انتهكت وتدنست، فكيف ننتظر من الجامعة أن تنتج لنا المستقبل الأفضل.

 

أذكر واقعة شهيرة حينما كنت تلميذا فى المدرسة الإعدادية، فأثناء معركة بين بعض أبناء الحى الذى كنا نقطنه، هم أحد صبية بلطجى ــ معروف بقسوته ــ بتشويه وجه زميل لنا بمطواة «قرن الغزال» فما كان من البلطجى إلا أن نهر صبيه وطالبه بالتوقف عما يفعل ثم صرخ فى وجهه: «ده هيدخل الجامعة يا...» فقد كان هذا البلطجى قاسى القلب يفهم جيدا معنى الجامعة وأهميتها، وربما صار هو بلطجيا لحرمانه من التعليم.

 

للأسف ما كان يفهمه البلطجى، لا يفهمه ولا يدركه بعض أساتذة وطلاب جامعات هذا الزمان.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات