الطعام فى ثياب المؤامرة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 2:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الطعام فى ثياب المؤامرة

نشر فى : الخميس 4 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 4 أبريل 2013 - 8:00 ص

لا أحد يستطيع أن ينكر فداحة ما حدث بجامعة الأزهر، خاصة ان هذه ليست المرة  الاولى، حيث حدث ذلك كثيرا فى المدينتين (البنين والبنات) ولكن عدد الاصابات كان هينا ولم تكن بعض الاصابات بالغة مثل هذه المرة، الى جانب ان ضبط الطعام ومراقبته ليست بالقصة التى تحتاج الى خبرات نادرة أو جهد مضنٍ، فقط ضمير من يعمل ومن يشرف على طعام هؤلاء الشباب، وتطبيق المواصفات فى توريد هذه الاغذية، ثم حفظها واعدادها بما هو متفق عليه، لذا يكون الاهمال فى مثل هذه الوقائع قاسيا وغير مبرر، فى أمر قد يعرض حياة الطلبة للخطر، والمشكلة الأخرى ان الطالبات والطلاب اعترضوا كثيرا من قبل على هذا الامر بالتحديد، فمع كل اصابة بما اسموه (تسمم غذائى) كانت الاصوات ترتفع، وتصرخ مطالبة بإصلاح الحال، لكن لم يستجب أحد لنداءاتهم، لذا كانت غضبتهم عنيفة وقوية وصارخة هذه المرة.

 

ومن الواضح ان قصة الاهمال فى مدينتى الازهر، هى قصة متكررة، فى اماكن كثيرة ومواقع أخرى، شكاوى من دون اجابات، حتى تصل الامور لنقطة هى اقرب للكارثة، ووقتها يحدث ما حدث فى احداث الازهر الاخيرة، ساعتها تفيق الحكومة وتستفيق الدولة، وتحاول هى الاخرى برد فعل غاضب وصارخ معالجة الامر، بعد التهويل منه، فيبقى لدينا ضحايا من صغار المسئولين وبعض كبار الموظفين، على اساس عقاب المتسبب فى المشكلة، مع بعض التعيينات الجديدة لتهدئة الامور وكأن الازمة وجدت طريقها للحل، يضاف الى ذلك تحويل القضية برمتها للنيابة العامة للتحقيق والاحالة للجنايات على اعتبار ان ذلك يشفى غليل من تعرض للمشكلة.

 

وكالعادة فى مصر هذه الايام، تتناثر على الفور، قصص جانبية تضفى على أية حادثة أجواء المؤامرة، من نوعية أن القصة كلها تستهدف شيخ الازهر بسبب موقفه من قضية الصكوك، او أن هذا فى اطار صراع الاخوان مع الازهر، أو ان فئات بعينها فعلت ذلك وفقا لتعليمات سياسية من قادتها، وربما يكون ذلك صحيحا أو أن بعضه موجود، الله أعلم، لكن الذى أعرفه جيدا ان تقديم طعام فاسد لهؤلاء الطلبة جريمة، وعدم الاخذ بشكواهم والاستماع لهم جريمة، وترك ذات الامر يتكرر خلال شهور تعد على اصابع اليد الواحدة جريمة، وألا يجتمع مجلس جامعة الازهر لمواجهة المشكلة جريمة، وهى جرائم تتكرر فى مواقع كثيرة فى بلادنا بعد الثورة، وليس صحيحا ايضا كما يرى جانب آخر أن الفلول هم السبب وعليهم ان يرحلوا، المسألة ببساطة ان هناك منظومة فاسدة تعمل فى مصر منذ سنوات طويلة لم تستطع الثورة، حتى الآن، البدء فى مواجهتها، وربما يكون السبب المباشر هى الصراعات السياسية الساذجة التى تضفى قصصا خرافية، على أحداث وقائع فساد معلن وسوء ادارة ظاهر للجميع، وحكومة تتنصل من مسئولياتها، ودولة وساسة يكتفون فقط بتوجيه اللوم للخصوم، أم العمل على الاصلاح والانتاج، وحل المشكلات فهى دائما أمور مؤجلة تحت دعاوى لا نفهمها اسمها «استكمال بناء المؤسسات».

 

المشكلة ان الطلبة تأكل طعاما فاسدا والمطلوب باختصار حل المشكلة وتحقيق مطالب هؤلاء الطلاب وفى مقدمتها ان يكون الطعام جيدا، فما علاقة عزل شيخ الازهر بذلك وما دخل الصكوك بالعمل على اعداد وجبة جيدة لطالب مغترب لا يقوى دخل اسرته على اطعامه خارج المدينة، على جميع المسئولين والساسة ايضا التعامل بشرف ونخوة مع مشكلة انسانية لبعض شباب الامة، فلا داعى لتمييع الامور ولا داعى ايضا لإلباسها ثياب المؤمرات، لأن ذلك يعمق الازمات ولا يحلها.. يا سادة الطعام فاسد فماذا لديكم لحل المشكلة؟

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات