منطق الدولة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 12:39 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

منطق الدولة

نشر فى : الثلاثاء 2 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 2 يوليه 2013 - 8:00 ص

ما بين الموقف الرسمى لمؤسسة الرئاسة، وموقفها غير الرسمى عبر بيانات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، نفهم جيدا أن المنطق غائب تماما عن كليهما، ومن الواضح أن ما حدث أول من أمس (الأحد)، لم يكن مفهوما عند الطرفين، وهذا يعنى أننا بصدد أزمة عميقة على كل المستويات، سواء فى الحاضر القريب والبعيد، أو فى المستقبل، وأن من فى الحكم لا يعى أو يريد أن لا يعى منطق الدولة فى التعامل مع مثل هذه المواقف.

 

وربما كان ما قاله المتحدث الرسمى للرئاسة مساء أمس الأول (إيهاب فوزى) عن التحرش بسيدة أجنبية، باعتباره الحدث الأهم فى اليوم متناسيا كل شىء كل الأحداث كل الجماهير كل الطلبات كل المطالبات كل الحوادث، يعكس بوضوح إنكار مؤسسة الرئاسة للواقع الذى كانت تعيشه مصر، سواء فى القاهرة أو على امتداد محافظاتها شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، وإذا كان السيد إيهاب فهمى، قد اهتم بحادثة التحرش، ألم يلفت نظر سيادته هو والمؤسسة التى يتحدث باسمها حوادث القبض المتعددة على الذين يحملون أسلحة وذخائر وقنابل، ألا تكفى حادثة واحدة من هؤلاء للتعليق عليها، هل من المعتاد أن يكون لدينا كل هذه الأسلحة فى لحظة اندلاع ثورة، ووجود مؤيدين ومعارضين فى شوارع مصر، ألم يكن من الواجب أن تشجب الرئاسة حالات القتل المتعمد وتتقدم بالتعازى لأهالى الشهداء من أبناء مصر، ثم كيف تؤكد الرئاسة مجددا على ما سبق وطرحه الرئيس فى خطابه الأخير وهو الخطاب الذى تجاهل كل دعوات التظاهر ولم يشر إليها من قريب أو بعيد، هل هذا منطق من فى سدة الحكم؟ 

 

وعلى الجانب الآخر، وصل الإنكار إلى درجة التجاوز المعيب، فقد خرج قادة الإخوان والحرية والعدالة ليعلنوا أن من فى الشوارع هم من الفلول والبلطجية، ومن لف لفهم قال إن هؤلاء من الكفار، هل هذا يليق بمنطق حكام يتحدثون عن الشرعية والقانون؟ هل ملايين الشعب المصرى من البلطجية؟ أو استجابوا لدعوات البلطجة كما قال بعض المتحدثين على اعتبار أن الأعداد كانت أكبر بكثير من وصفهم بالبلطجية والفلول؟ ألم يرى السادة تدافع الجماهير فى ميادين الثورة؟ ألم يسمعوا هتافاتهم؟ ألم يكتشفوا جسامة ما فعلوا خلال السنة الماضية؟ وحتى الطرح السياسى لبعضهم للخروج من الأزمة يقف عند حدود الحوار غير المشروط وحول الانتخابات البرلمانية فقط، وكأنهم كانوا فعلا لا ينوون إجراء انتخابات برلمانية، وان تحديد موعدها هو التنازل الذى يمكن أن يقدموه بعد أن أعلن الشعب ثورته مجددا. 

 

مصر فى لحظة فاصلة بين استمرارها كدولة تستمد شرعيتها من سيادة الشعب، أو أن تصبح مصر فرقا وأحزابا ستظل تبحث عن الأقوى والأعنف والأشرس، وبالطبع من ليس قويا ولا عنيفا ولا شرسا اليوم، بالتأكيد سيصبح كذلك غدا أو بعد غد، وتحديد المصير هنا لا يملكه فى البداية إلا من فى سدة الحكم عليه أن يمتثل للسيادة الشعبية ورغبات المواطنين، لان سيادة الشعب مقدمة على أى شرعية لأن الشعب هو مصدر الشرعية، كما أن منطق الدولة يفرض ذلك على كل من فى الرئاسة ومؤسسات الدولة، التى ستنهار بسرعة لن يتوقعها أحد إذا ابتعدت الرئاسة والمؤسسات الصلبة عن المنطق الذى يجب أن يطيعوه من أجل الحفاظ على الدولة، إلا إذا استطاعة فرقة أو جماعة أو قوى فرض رأيها وبعكس المنطق وتغليب مصلحتها على مصالح الشعب والدولة العليا وهذا ما أحذر منه بصراحة لأن ساعتها سنصبح جميعا نادمين. 

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات