بانتظار المصالحة مع الرئيس المؤمن.. إعادة نشر - نادر بكار - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 2:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بانتظار المصالحة مع الرئيس المؤمن.. إعادة نشر

نشر فى : الثلاثاء 2 يونيو 2015 - 9:10 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 2 يونيو 2015 - 9:10 ص

أحيانا لا تحتاج سوى الإشارة إلى حديث غيرك تعبيرا عما يجيش بصدرك، ولا تحتاج أن تسود صفحات جديدة بما استفاض غيرك فى شرحه وتفصيله... مقال «بانتظار المصالحة مع الرئيس المؤمن صدقى صبحى» للكاتب الصحفى محمد أبوالغيط لخصّ (كربلائية) الإخوان التى تكلمت عنها عامين كاملين، والآن تأخذ فصلا مأساويا جديدا فى التلاعب بأحلام البسطاء والمتاجرة بآلامهم... اقتطفت من المقال واختصرت ما تتسع له المساحة ويلخص القضية:

(1)


(الرجل المسن يساق إلى المشنقة شامخا رافعا رأسه، وربما إصبع السبابة أيضا. هذا الإصبع الذى قال عنه رافضا تقديم التماس بالعفو: «إن إصبع السبابة الذى يشهد لله بالوحدانية فى الصلاة، ليرفض أن يكتب حرفا واحدا يقر به حكم طاغية». مضى شهيدا، ومن فوق مشنقته كانت أقدامه أعلى من رءوس جلاديه. أثبت عمليا صدق عبارته: «إن كلماتنا تبقى عرائس من شمع حتى إذا متنا من أجلها توهب لها الحياة».

صورة أسطورية فاتنة حقا. هذه هى فعلا «فتنة الستينيات» التى توقف زمن الإخوان عندها.

(2)


بمجرد انتشار الأخبار عن توزيع إدارات بعض السجون ــ على رأسها استقبال طرة ــ استمارات على المعتقلين، جاء فيها: «أنا (فلان) المتهم بقضية (كذا) أقر أنى لست عضوا فى جماعة الإخوان المحظورة، ولم أمارس العنف، وهذه رغبة منى بالتصالح مع الدولة»، انتشر خطباء الإخوان داخل الزنازين، وخارجها فى الفضاء الإلكترونى والواقعى، ليرددوا مرارا وتكرارا أن هذه نسخة مما حدث فى الستينيات حين حاول عبدالناصر أن يفتن الإخوان، وأننا لن نسقط فى الفتنة، وأننا على نهج سيد قطب ثابتون صامدون حتى الشهادة أو النصر...إلخ إلخ.

لكن لم يتوقف أحد من هؤلاء المتحمسين الثائرين ليسأل نفسه ببساطة: وماذا حدث بعد هذه اللحظة الأسطورية؟

ما حدث بعدها هو أن سيد قطب مات، ثم تصالح الإخوان بشكل كامل مع الرئيس السادات.
السادات الذى كان عضو اليمين فى محكمة الشعب التى شكلها عبدالناصر برئاسة صلاح سالم، والذى يروى الإخوان حتى اليوم مهازلها، كطلب رئيسها من يوسف طلعت قراءة الفاتحة بالمقلوب، وكنص قانونها على إصدار الأحكام خلال 48 ساعة.

السادات تولى مناصب عضو مجلس قيادة الثورة، رئيس مجلس الأمة (مجلس الشعب)، الأمين العام للاتحاد القومى (حزب الدولة)، نائب رئيس الجمهورية جمال عبدالناصر. السادات هو نظام عبدالناصر نفسه.

لكن أسطورة الصمود الإخوانية ــ على نهج سيد قطب طبعا ــ لا تخبر أبناءها الآن بكل هذا!

(3)


دائما الميل إلى التبسيط والاختزال، إلى وجود أبيض ناصع تماما يمثل الخير المطلق، وأسود معتم تماما يمثل الشر المطلق، مع حذف كل التفاصيل والتعقيدات واختيار اللحظات الأسطورية «الفاتنة» فقط.

يتذكرون لقطة سيد قطب الصامد فى الستينيات، ولقطة مرسى رئيس الشرعية الصامد الآن، من دون أى تفكير فى النقطة السابقة لها، ما هى الخطايا التى ارتكبها الإخوان قبل الوصول إلى هذا المصير فى الستينيات أو فى عصرنا؟ أو النقطة اللاحقة: ما هو المسار الذى اتبعوه بعدها؟
هذا ما يُنتج جيلا من الدراويش الذين شاهدنا إدارتهم للدولة بعقلية «مسئول الأسرة» الإخوانية!
هذا بالضبط ما أنتج الرئيس مرسى الذى كان يثق تماما بوزير دفاعه السيسى لأنه كان يصوم الاثنين والخميس، ويبكى فى صلاة الظهر!

هذا بالضبط ما أنتج انتشاء مرسى ببعث مسمى «ديوان المظالم» كأنه خليفة جديد، وكل المغازلة لمشاعر «أسلمة» الدولة الأسطورية!

وهذا بالضبط ما أنتج رواية عامة عند «معشر الإخوان» بأن كل ما حدث خلال تاريخ الجماعة كان مُقدرا له أن يحدث، لأن الله يبتلينا الابتلاء تلو الابتلاء، ليمحصنا قبل أن يأذن بالنصر، وبالتالى فالأولوية ليست مراجعة المسار، وليست الثورة الداخلية على القيادات ــ من يقول إنها ليس لها تأثير أكثر بؤسا من أى نقاش معه ــ بل الأولوية أن نصلح ما بيننا وبين الله، نصلى الفجر، وسينزل النصر حين يأذن!