صيف مع العدو.. العودة إلى الجذور - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:27 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صيف مع العدو.. العودة إلى الجذور

عبدالله محمد
نشر في: الثلاثاء 23 أبريل 2019 - 2:45 م | آخر تحديث: الثلاثاء 23 أبريل 2019 - 2:45 م

شهلا العجيلي تعزف لنا لحنها الخاص "صيف مع العدو" الرواية الصادرة عن منشورات (ضفاف/ مجاز/ الاختلاف) 2018، والتي تنافس على القائمة القصيرة لجائزة "البوكر العربية".. وتأتي لنا بسردية تٌقدمٌ الشيء إلى شيء بنسق وتتابع، لتصوغ لنا الروائية الأثر ابتداء من كاتدرائية في كولونيا للعودة إلى الجذور في "الرقة".

يأتي الإهداء من شهلا العجيلي إلى الرقة هذه المدينة التي تقع في شمال سوريا قائلة: "إلى الرقة كما ستبقى في ذاكرتي".

لتقدم لنا شهلا العجيلي بطلتها «لميس» التي تشارك في دور الراوي فتنقل لنا معاناة وألم عائلتها، انطلاقا من ألمانيا والعودة لذكريات الرقة في سوريا، مرورا بين ثنايات النصوص فتكون الجدة كرمة التي تغلف لنا ماهية الرواية من العودة للتاريخ والمعاناة والفن والترحال مروراً إلى الحروب التي خلفت لنا الخراب والدمار والهجرة والفرار إلى اللجوء لألمانيا ورحلة التكيف والتعايش الجديدة، وحول الأستاذ المختص بعلم الفلك الذي اتخذته لميس عدواها اللدود كونه عشق الأم.

تنطلق الحكاية بلغة سردية عذبة سلسة لغة متسلسلة مرورا عبر الأزمان والبلدان العربية المختلفة، دخول الشخصيات وخروجها السلس رغم كثرتهم، فأنت تدخل عالم شهلا العجيلي فهي المتخصصة الحاصلة على دكتوراة في الأدب العربي الحديث، فأنت في عالم مختص يعرف كيف يستخدم أدواته بعناية شديدة، فتقدم لنا رواية الأجيال المتمثلة في الجدة كرمة ونجوى أم لميس، فهي حكايات ثلاثة من النسوة نتعرف من خلالها على التاريخ العربي، فتأهب لحظة حديث لميس، تظهر شخصيات كثيرة وصولاً لـ الجدة الفرع الممتد إلى الأب والأم والخال والعائلة والأصدقاء، الجدة التي كانت راقصه في فرقة بديعة مصابني، وما بين الحبال المتصلة يكون التاريخ تنقلك بداخل مصر في الإسكندرية والقاهرة وإلى بيروت إلى أن تصل للرقة بسوريا، التي كانت تعد مركزاً اقتصادياً وقوة عسكرية هامة في حقبة العصر البيزنطي، بعد الفتح الإسلامي تم تسميتها الرقة وتعني في اللغة الصخرة المسطّح.

العائلة التي محاطة بالأصدقاء والأقارب ومن بينهم صديق الطفولة عبود لتخبرنا لميس قائلة: "حين غادرت أنا فقد عبود حكاياته الساحرة، وتحول من ولد رزين إلى معتوه! صار شقيا" فتعبر عن تميزه قائلة: "إن ما كان يميزه من قبل هو تحفظه الأصيل ولباقته العفوية اللذان أنشأته عليهما أنا. اللباقة التي تسللت خلال مئات السنين من بلاطات القياصرة، وقصورهم الصيفية إلى عامة الناس في أزقة بلادهم وساحاتها".

تخبرنا عن جدتها التي تهتم أن تعرف التاريخ من خلالها من عبر أعينن عايشت ورأت الأحداث والوقائع خاصة أن الجدة تحمل حكاية الأجيال، تخبرنا لميس قائلة: "تحب جدتي أن تنام في بيتها، رغم أنها قاربت الثمانين، وصار البقاء وحدها مغامرة، وأنا أرجوها دائماً أن تبقى عندنا على أستطيع أن أصل إلى الأسرار التي مازالت تحتفظ بها."

في المجمل تلك حكايات تسردها الكاتبة بشكل انسيابي سلس دون تكلف أو إفراط إلا أن هناك بعض الملل حين تقف دون تشويق رغم أن حبال الرواية ممتدة تحكي تاريخ يقرب لمئة عام، إلا أن خفة الحكي ليست كافية على المتلقي فلا بد من عنصر تشويق مستمر حتى لا يمل القارئ، وشعورك بحالة تلك الأسرة التي تعيش في ألمانيا هو شعور حاد بكل ما تعنية الكلمة مؤلم أحياناً وفي بعض الأحيان يفرح إلا أن براعه الأسلوب في تشريح الحالة الشعورية لدى الشخوص الأساسين ظاهر وقدمتها شهلا العجيلي بشكل بارع وجميل، ومدى اهتمامها البالغ بالجذر الذي هو متمثل في بلدها هنا في الرواية تكون مدينة الرقة التي أتت لنا روايتها "صيف مع العدو" مهداه إليها، كما لو أنها تقول ها هي حكاياتي التي تنتمي للمكان وحيث المكان وخروج التطرف والدمار فيه الأن أتى نزيف الأنين والصرخات منيراً لنا في تلك الرواية بشكل سردي بليغ بعد كل تلك النزاعات والحروب، تنتهي بحرفة وأسلوب سلس.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك