المرأة العاملة ودورها فى المجتمع المصرى القديم - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:11 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المرأة العاملة ودورها فى المجتمع المصرى القديم

مجسم لنساء يعملن
مجسم لنساء يعملن
هند صلاح الدين
نشر في: الأحد 6 مايو 2012 - 1:35 م | آخر تحديث: الأحد 6 مايو 2012 - 1:35 م

لقد كانت للمرأة مكانة كبيرة ودور مؤثر فى المجتمع المصرى القديم عبر تاريخه الطويل باعتبارها رمزا للأمومة ومنبعا للحنان وشريكة للرجل فى البيت وفى العمل أيضا، بل ولقد أكدت الديانة المصرية القديمة على دور المرأة وعملها فنسبت إلى بعض الإلهات الإناث عددا من الوظائف اللاتى اختصصن بها عن غيرهم من الآلهة الذكور فكانت الإلهة سشات راعية للمعرفة والكتابة واعتبروها أول من حسب وخط بالقلم، كما نسبوا للإلهة إيزيس حرفة الطب وعلاج الأمراض، وكذلك بعض فنون الكتابة أيضا وذكروا أنها قالت «أرشدنى أبى إلى سبل المعرفة» وإنها التى ابتكرت خطا جديدا ومختصرا للكتابة الخط الديموطيقى.

 

وحظيت المرأة المصرية بمكانة مساوية للرجل تفوق كثيرا مكانتها فى العديد من مجتمعات العالم القديم المعاصرة لها، وأباح لها المجتمع ممارسة نشاطها المناسب لها فى بيئتها الخاصة طالما تمتعت بالثقافة والكفاية الشخصية وذلك فى العديد من شئون المجتمع المدنية والدينية.  وعلى الرغم من أن التعليم المدرسى كان من شأن الذكور أساسا إلا أن الوثائق الأثرية المتأخرة تبين أن بعض الفتيات قد تعلمن الكتابة والقراءة فى بيوتهن كما كان يمكن قبولهن بالمدارس بداية من العام الرابع لتلقى التعليم المقرر للأبناء الذكور الذين يعدهم آبائهم ليصبحوا موظفين بالدولة، وعموما فقد كان التعليم فى المدرسة أو فى نطاق العائلة واجبا أساسيا على الآباء الذين يعلمَون أبنائهم احترام مبدأ الماعت، ربة النظام والعدالة الذى يعنى الخضوع لمبدأ الصواب والبعد عن المخالفة.

 

إذا تلقت المرأة تعليما مناسبا ومتخصصا فإنه يمكنها الترقى إلى بعض الوظائف المرموقة التى يقوم بها الرجال؛ فنعلم أن السيدة نبت التى كانت الحماة الثانية للملك بيبى الأول من الأسرة السادسة قد شغلت فى القرن 23 ق.م منصب القاضية فى ساحة العدل ومنصب الوزيرة الملكية أيضا.

 

ومنذ عهد الدولة القديمة استطاعت بعض الفتيات أن تحترف مهنة الطب والجراحة بل حملت السيدة بسشت التى عاشت فى الأسرة الرابعة فى القرن 25 ق.م لقب رئيسة الطبيبات؛ ويعد هذا المثال الأول للطبيبات حتى الآن، ومن المعتقد أن هذه المهنة كانت تتطلب ممن يمارسنها أن يعالجن النساء والأطفال وسيدات الأسرة المالكة أيضا.

 

أما النساء اللاتى يتلقين التعليم الذى يؤهلهن للالتحاق بالإدارة فقد كن يلتحقن بالدواوين الحكومية تحت درجة كاتبة، ووصلت بعضهن إلى درجة المديرة ورئيسة المخازن، وكذلك أمينة الخزانة ومديرة قطاع الإنتاج، وانتشرت فى عهد الدولة الوسطى مهنة مديرة الإدارة ومديرة الأختام، واشتهرت فى هذه الوظيفة السيدة تشات وكيلة أملاك خنوم حتب الثانى حاكم إقليم بنى حسن بمصر الوسطى التى كانت مسئولة عن جميع أملاك سيدها. وكانت وظيفة الكهنوت من أقدم الوظائف التى شغلتها المرأة فقد كانت النساء تلتحق بسلك الكهنوت النسائى للعديد من الآلهة بعد أن تتلقى قسطا من التعليم الدينى حيث تقوم بعض المعاهد الدينية التى يشرف عليها كهنة متخصصون بتعليم الفتيات قواعد الطقوس وفنون الإنشاد والرقص الدينى والتوقيعى قبل التحاقهن بالمعابد للعمل ككاهنات ومنشدات وعازفات، ولم يقتصر الكهنوت النسائى على عموم النساء فقط بل شغلت بعض الملكات والأميرات أرفع المناصب الكهنوتية خاصة فى عصر الدولة الحديثة والمتأخرة، وهو منصب حرم آمون المقدس الذى كان منصبا يجمع بين الصبغة الدينية والنفوذ الإدارى الأعلى فى معبد الكرنك، وكانت صاحبته تكتسب شيئا من حرمة الإله وتشرف على مقدساته وكاهناته. ومن الطريف أن بعض السيدات كن كسيدات الأعمال، ومنهم السيدة نينفر صاحبة الأراضى الشاسعة والعقارات فى الدولة الحديثة، التى استطاع وكلاؤها التجاريون ترويج منتجات مزارعها وتسويق تجارتها حتى أطراف سوريا.

 

واختصت النساء فى مصر القديمة بحرفة صناعة الأقمشة وصباغتها؛ حيث كن يلتحقن للعمل بنسج الأقمشة فى مصانع النسيج التى تتولى إدارتها وتسويق منتجاتها بعض السيدات من الطبقات الراقية أيضا. والتحقت بعض النساء بالعمل فى القصور الملكية للعمل كوصيفات للعائلة المالكة ومشرفات على الزينة الملكية وصناعة أغطية الرأس وباروكات الشعر وتصفيفه، ومن الطريف فى هذا المجال أن بعض النساء قد حرصن على الاستفادة من تلك المهنة عند العمل لدى الأسر الغنية، الأمر الذى عبر عنه الحكيم عنخ شاشنقى فى قوله مع شىء من التهكم: «ليت لى أم ماشطة تحقق الخير من أجلى». وإلى جانب ذلك فقد امتهنت السيدات اللاتى ألزمتهن ظروف الحياة بالسعى فى سبيل الرزق ومعاونة الأب أو الزوج بعض المهن الصغيرة التى لا تتطلب تعليما مدرسيا فى التجارة البسيطة فى الأسواق المحلية وكذلك فى أعمال الزراعة وبذر الحبوب أو جمع بقايا الحصاد وغربلة البذور.

 

كما عملت النساء فى مهن القابلات والمرضعات والمربيات للأسر الغنية، بل وعملن كنادبات فى الجنائز، وفى مهنة المعمار أيضا.

 

وكفل المجتمع المصرى القديم حقوق المرأة العاملة فكانت تحصل على مستحقاتها المادية والاجتماعية مساوية للرجل تماما، بل تشير نصوص العصر المتأخر وبداية العصر اليونانى الرومانى إلى وجود بعض النقابات العمالية للنساء للحفاظ على حقوقهن، وكان الالتحاق بهذه النقابات يتم بعد عقد امتحان للعاملة فى تخصصها، ثم تدفع اشتراكا سنويا للنقابة ليكون معاشا لها بعد التقاعد، وتقوم النقابة بتسويق منتج العاملة وتحديد سعره وخصم الضريبة منه.  وكانت المرأة تستطيع أن تصل بجهدها وعملها إلى الثراء والمكانة التى تتمناها شأنها شأن الرجل فى مجتمع يؤمن بمبدأ المساواة وينبذ الفوارق ويؤكد على إتاحة الفرصة للجميع.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك