«الشروق» تكشف بالمستندات ونتائج التحاليل: «بلح أسوان مسرطن»

آخر تحديث: الخميس 25 يونيو 2015 - 12:52 م بتوقيت القاهرة

تحقيق – مصطفى حمدى :

رش البلح الأسوانى الجاف بمبيدات حشرية مسرطنة مهربة لحفظه من «التسوس»

الكارثة تبدأ من أحواش كبيرة تضم آلاف الأجولة من البلح بها عشرات الأطنان وبجوراها قطط وفئران نافقة

عبوات المبيدات فى السوق 4 أنواع «هندى وألمانى وصينى» ومحلية مجهولة الصنع بأسعار من 10 إلى 15 جنيها للواحدة

تاجر: نخسر كل عام 30% من إجمالى الإنتاج بسبب «السوس» وسوء التخزين

صاحب مخزن: الزراعة تنتج محلولا رديئا لمكافحة الحشرات فنضطر لاستخدام المادة السامة

مادة «الملاثيون» المضادة للحشرات الأكثر ضررا للإنسان يستخدمها بعض معدمى الضمائر من التجار

مزارع استخدام المواد المحظورة لحفظ منتج البلح هو أمر طبيعى للحفاظ على المحصول الذى يفقد المزارع ما يقرب من ثلثه عند إصابة المخزون بالآفات

د. أحمد المزهاوى: النتائج التى كشفتها «الشروق» كارثية.. وقد تكون وراء الأمراض السرطانية والفشل الكلوى والزهايمر التى زادت بشكل كبير

د. زيدان الشال: إسرائيل وراء تهريب تلك المبيدات ضمن حربها لتدمير مصر بالمسرطنات

الزراعة: أكثر من 2 مليون نخلة تنتج نحو 100 طن بلح سنويا فى أسوان

كشفت «الشروق» من خلال تحقيق استقصائى عن كارثة صحية، تؤكد تورط مسئولين بوزارة الرزاعة فى فضيحة إهمال وفساد، وقد يزيح التحقيق الستار عن أسرار الأمراض السرطانية التى تهاجم فجأة عدد كبير من المصريين، إذ تبين أن عددا كبيرا من تجار «البلح» بأسوان يرشون المحصول بمبيدات حشرية مسرطنة تدخل البلاد عن طريق التهريب أو يتم تصنيعها محليا من جهة «مجهولة المصدر» من أجل حفظ البلح من السوس والتآكل من الحشرات. ويعد البلح الذى يتم تصنيعه بأسوان هو الأشهر على المائدة الرمضانية، نظرا كونه جافا ما يطيل مدة حفظه، فيما تنتج الوادى الجديد البلح «الرطب».

توصلت «الشروق» لبداية خيوط الكارثة فى قرية «فارس» التابعة لمدينة «كوم أمبو» والتى تبعد عن القاهرة ما يقرب من ألف كيلو متر، حيث تبدأ الفضيحة داخل أحد الأحواش الكبيرة الذى لا تتجاوز مساحته 1500 متر، والمخصصة لتخزين البلح الجاف، حيث تبين وجود آلاف الأجولة بها عشرات الأطنان وبجوراها قطط وفئران نافقة، وأن سبب وفاة تلك الحيوانات وجود مادة سامة يستخدمها المزارع أثناء عملية تخزين البلح لمدة طويلة تصل إلى موسم لحفظه من الحشرات والآفات، حسبما قال حسين الأسوانى «56 عاما»، صاحب مخزن لـ«الشروق»، الذى كشف عن أنه لا يوجد اهتمام من وزارة الزراعة بمزارعى النخيل سوى إنتاج محلول يكافح الحشرات وهو ردئ الصنع، حيث لا يؤثر فى عملية الحفظ، مؤكدا أنهم مضطرون لاستخدام المادة البديلة لعدم وجود بديل سواها.

• شرارة الانطلاق

لا يختلف وضع المزارعين داخل مدينة إدفو عن كوم أمبو كثيرا، فالمواطنون يعتمدون على زراعة وتجارة البلح، وهى المصدر الرئيسى لهم، حيث إن المحافظة بها أكثر من 2 مليون نخلة تنتج نحو 100 طن بلح سنويا، طبقا لإحصائية وزارة الزراعة، كما أوضح عدد كبير من المزارعين، فيقول الحاج مدنى محمد «41 عاما»، إن استخدام المواد المحظورة لحفظ منتج البلح، هو أمر طبيعى للحفاظ على المحصول، حيث يفقد المزارع ما يقرب من ثلثه عند إصابة المخزون بالآفات.

فى قرية الرمادى القبلى التى تعد آخر قرى مدينة إدفو من الناحية الجنوبية، والتى يبلغ عدد سكانها 35 ألف نسمة، يعمل أهلها جميعا فى زراعة وتجارة التمور، وتتكون القرية من منازل كبيرة شبه خالية من خدمات الرصف والصرف الصحى، وملاصق لها أحواش كبيرة، ويبدأ تجفيف البلح الأسوانى بعد جنى المحصول من النخل، حيث تبدأ عملية التجفيف بترك البلح بمكان جاف فى الهواء وفرزه تحت الشمس، ويتم تقلبيه بين الحين والآخر لمدة ثلاثة أشهر لحين جفافه، ويوضع بعد ذلك فى أجولة من الخيش جيدة التهوية، لكى لا يتعرض للترطيب، حسب قول سعيد محمد، «36 عاما»، مزارع الذى أوضح أن المحصول يوضع فى أجولة وتوضع أنواع من الحبوب وسطه، لمنع تلف البلح الذى يمكن تخزينه من 5 إلى 10 أعوام.

وتابع أن عبوات المبيدات تتواجد فى السوق فى 3 أنواع «هندى وألمانى وصينى»، حيث إن المزارعين يتعرفون عليها من خلال لونها فقط، لأن معظمها مكتوب عليه بلغات لا يفهمونها، وعن أماكن الحصول عليها رد قائلا: «من أى محل عطارة بنشترى العبوة من 10 إلى 15 جنيها للواحدة».

ويحفظ جميع مزارعى النخيل والتجار بأسوان التمر «الجاف» فى أجولة بأحواش كبيرة، ثم يأتى عامل أو موظف من وزارة الزراعة ويقوم برش مبيد الحفظ من حشرات التمر فى الحوش، لكن التجار لا يكتفون بذلك، حيث يضعون «برشام» التبخير الذى يحتوى على أوكسيد ألمونيوم داخل أجولة التمر لحفظه من يوم طرحه فى الأسواق فى شهر سبتمبر، حتى يأتى موسمه فى شهر رمضان المبارك. هكذا أكد فرحان كريم، «65 عاما»، مزراع وبائع تمور بالشارع السياحى بمحافظة أسوان. وأضاف: «نشترى العبوات من محلات العطارة أو من أى أماكن أخرى». مؤكدا أن المزارعين ليس لديهم وسائل أخرى لحفظ البلح الناشف وإلا سيخسرون ثلث المحصول، وعن أضرار تلك المواد التى تضاف للبلح أجاب قائلا «هى مضرة بس أكيد الناس هتغسل البلح قبل ما تاكله».

من جانبه، قال حسن فؤاد، «44 عاما» أحد مزارعى مدينة إدفو بمحافظة أسوان، إن التمور تخسر كل عام نسبة لا تقل عن 30% من إجمالى إنتاج كل مزرعة بسبب «السوس» وسوء التخزبن، مشيرا إلى أن ارتفاع تكلفة الأيدى العاملة والمبيدات، أجبرتهم على استخدام «البرشام» الذى يحتوى على فوسفيد الألمونيوم، مؤكدا أنهم يطلقون على تلك العملية تبخير البلح لحمايته من السوس، مؤكدا أن غياب جمعية لتسويق البلح وعدم وجود مظلة قانونية يعملون تحتها، جعلتهم يستخدمون أى مبيد لحماية تمورهم المخزونة من الخسارة.

وعن مصدر تلك العبوات، قال حسن فؤاد: «تباع داخل محلات العطارة خلسة لأنها تأتى مهربة من الصين والسودان ودول الاتحاد الأوربى». مشيرا إلى أن بعض التجار يضيفون مادة «الملاثيون المضادة» لـ«الحشرات» والفئران والبرغوث على التمر، مؤكدا أن تلك الطريقة هى الأكثر ضررا على الإنسان ويستخدمها بعض معدومى الضمائر من التجار كمكون إضافى على أكسيد الألمونيوم لضمان حماية البلح من الحشرات الضارة نهائيا. وأكد أن جميع التجار يعرفون جيدا خطورة ومدى فاعلية «البرشام» الذى يحتوى على أكسيد الألمونيوم، لدرجة أنه يقتل أى قط أو فأر بمجرد المرور بجواره، إلا أنهم يضطرون لفعل ذلك حتى لا يتعرضون للخسارة.

⇐ الأقراص المسرطنة التي يستخدمها التجار في حفظ البلج

• كارثة الأحواش

«الشروق» لم تكتف باستطلاع آراء المزارعين حول المواد التى يستخدمونها لحماية التمر، حيث انتقلنا إلى عدة أحواش لحفظ البلح، بحجة أننا تجار ونريد شراء كميات كبيرة من التمر لبيعه فى موسم رمضان، فوجدنا آلاف من أجولة التمر داخل الحوش، وظهر بقع رمادية اللون على الأجولة وبين حبات البلح، وبسؤال صاحب الحوش عن تلك الظاهرة، أجاب قائلا: «بسبب برشام البلح الطارد للسوس».

وأثناء جولتنا داخل المزرعة، وجدنا العشرات من العبوات الفارغة مدون عليها سلفيوس وتحتوى تركيبتها على مادة فعالة «فوسفيد ألمونيوم» بنسبة 75% ونسبة 43% مواد غير فعالة كما هو مدون على العبوة من الخارج، بالإضافة إلى عشرات العبوات الأخرى مجهولة المصدر وغير مدون عليها سوى عبارة «فوسفيد الألمونيوم».

أما رفعت السيد تاجر بلح، برر استخدام المزارعين لمبيدات حفظ التمور بعدم وجود رعاية حقيقية من وزارة الزراعة، مشيرا إلى أن التاجر إذا خسر محصوله بسبب «سوس البلح» لن يجد من يقف بجانبه من الدولة، مؤكدا أنه كانت هناك جمعية لتسويق التمر فى عام 97، إلا أنها توقفت عن العمل، مطالبا بإنشاء جمعية للرقابة على زراعة وتخزين البلح لمنع المزارعين من استخدام مبيدات مجهولة المصدر، خاصة أن معظمهم أميين ولا يجيدون القراءة والكتابة، كما طالب بإنشاء بورصة للبلح فى مدينة أسوان التى تعتبر من أكبر أسواق البلح فى مصر خاصة التمور الجافة.

وأردف رفعت قائلا: «90% من تجار أسوان تقريبا يبيعون محصول البلح دون رقابة ودون مساءلة قانونية عن المبيد الذى يضعونه عليه أو وجود رقابة». مطالبا بضرورة إنشاء شادر لعرض منتجات تجار أسوان من التمور الجافة، وذلك للتسهيل على تجار المحافظات، حيث سيجدون كل أنواع التمور معروضة تحت مظلة قانونية، فى ظل وجود رقابة بدلا من إجهادهم فى البحث عن تجار التمور فى القرى، وبعضهم قد يشترون كميات مجهولة المصدر وغير مطابقة للمواصفات.

⇐ عشرات أجولة «البلح الجاف» داخل أحد مخازن أسوان

• خطوات الشراء

حصلت «الشروق» على عينة من عبوات المبيدات المسرطنة، حيث علمنا أنها تباع علنا بمحلات العطارة وفى الطرقات تحت مرأى ومسمع من جميع الجهات المعنية بمكافحة مثل هذه المنتجات، حيث يفترش عدد من الصبية والباعة الجائلين الأرض فى عرض «الشارع السياحى بأسوان» وبحوزتهم تلك العبوات ويعرضونها للبيع لمستخدميها، وبمجرد سؤال أحدهم عن أهمية تلك العبوات رد قائلا :«إنها تستخدم لحماية التمور أو القمح من «السوس» أثناء عمليات التخزين». وعن معرفته بأماكن صناعة تلك المبيدات أو استيرادها رد بتلقائية: «يوجد نوعان هندى وألمانى، ويتم التعرف عليهما عن طريق اللون فقط، خاصة أن «معظمها مدون عليها بلغات لا يفهمونها ولا يفهما المزارعون». حسب قوله.

أحمد صاحب الـ19 عاما، برر أسباب تجارته فى تلك المبيدات، حيث يبيع العبوة الواحدة بسعر 15 جنيها، على الرغم أن لديه جميع أصناف التمور والكركديه بقوله «المكسب فيها حلو والمزارعين مش بيبطلوا سحب عليها»، وأثناء جولة «الشروق» داخل الشارع السياحى الذى تنتشر فيه العطارات بشكل كبير، تنقلنا بين عدد من تلك المحلات، وتمكنا من شراء عبوات أكسيد الألمونيوم، على الرغم من أن تلك المحلات غير مصرح لها بالبيع، وطلبنا قسيمة شراء «فاتورة» بها بيانات المنتج إلا البائعين رفضوا ذلك بقولهم «احنا بنبيع البرشام ده خدمة للمزارعين فقط، ومينفعش نطلع بيه فاتورة وإلا هنتحبس».

لم يكتف أحد أصحاب العطارات الكبرى المجاورة للبوابة الرئيسية بالشارع السياحى بعرض منتج أكسيد الألمونيوم الهندى والألمانى المتداول بين البائعين، بل عندما سأل عن حجم الإنتاج المحلى رد: «كبيرة ولا تقل عن ألف طن». ونصح صاحب العطارة بمبيد آخر عبارة عن بودرة «الملاثيون» وعند سؤاله عن كيفية استخدامها، أجاب: «توضع على أجولة البلح للحفاظ عليها من الحشرات وحصلنا على كيس منها، وتبين أن معظم العبوات التى حصلت عليها «الشروق» كانت مجهولة المصدر ومدون عليها باللغة الإنجليزية عبارات فوسفيد ألمونيوم 33% نسبة التركيز، وسام جدا، وخلت معظم العبوات من تاريخى الإنتاج والصلاحية، وأماكن التصنيع، واسم المستورد».

• رحلة البحث

محرر «الشروق» تتبع إحدى العبوات والمدون عليها إنتاج شركة «أكسيل كروب كير ليمتد» الهند، استيراد الشركة العالمية للكيماويات والتوكيلات التجارية، واتصل بالهاتف المدون على العلبة، فرد أحد المسئولين بالشركة، فأبلغه بأنه يمتلك إحدى المزارع، ويريد الحصول على عبوات «سيلفوس» المتداولة لتخزين كمية كبيرة من التمر، فرد بتلقائية «عاوز كمية قد إيه فقال له 10 عبوات فقط» ثم طالبه بتحديد موقعه لإرسالها، على أن يقوم المحرر بإرسال حوالة بالمبلغ المطلوب، وتبين أن سعر العبوة الواحدة 4 جنيهات فقط فيما يبيعها التجار بـ15 جنيها، وفى اليوم التالى طلب المحرر نفس الشركة واتفق معها على موعد لشراء «فوسفيد الألمونيوم» وتمكن من الحصول على العلبة التى تحتوى على 25 عبوة مقابل 100 جنيه، دون السؤال عن هوية المشترى أو سبب شراء هذا المنتج.

⇐ صورة من نتائج التحليل تؤكد خطورة المواد المستخدمة في الحفظ

• تحليل العبوات

تحفظت «الشروق» على العديد من العبوات الفارغة لمبيد الحفظ، الذى يستخدمه المزارعون، وأكد عدد من الأطباء والمتخصصين فى بداية الأمر، أن معظم تلك المواد مجهولة المصدر وتحتوى على مركبات الألمونيوم والفوسفين، حيث تؤثر تلك المواد على صحة المواطنين، فيما كشفت عينتا تحليل أجرتها «الشروق» بمركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الرزاعة، لكمية 2 كيلو بلح ناشف «تمر» متنوعة تحفظنا عليها من جميع مخازن التمور التى تفقدناها، وأجرت تحليل العينة الدكتورة سناء عبدالقادر الصاوى، أنها تحتوى على 32 ملى جرام من عنصر الفوسفين «السام»، فيما كشف تحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة التى أجراها الدكتور عماد رمضان محمد، أن العينة تحتوى على 1ملى جرام من عنصر الملاثيون السام.

قال الدكتور أحمد عمر المزهاوى الأستاذ الباحث المساعد فى قسم كيمياء المنتجات الطبيعية والميكروبية بالشعبة الصيدلية بالمركز القومى للبحوث، إن النتائج التى كشفتها «الشروق» كارثية، خاصة أنها موجودة فى «التمر» الذى يستخدمه المصريون بشكل مكثف فى هذه الأيام، مؤكدا أن مجرد دخول «فوسفيد الألمونيوم» الذى كشفته التحاليل فى البلح إلى المعدة يتفاعل مباشرة مع حمض الهيدروكلوريك وهى السائل الحمضى الموجود فى معدة الإنسان، مما يتسبب فى صدور غاز الفوسفين ثم يمتص عن طريق الأوعية الدموية، ما يتسبب فى تأثير مباشر على جميع أعضاء الجسم الحيوية كالقلب والكبد والكلى.

وأضاف أن المواد التى يدخل فيها فوسفيد الألمونيوم غير موجودة إلا فى الدول النامية وعلى رأسها سيريلانكا والهند والمغرب ودول جنوب شرق آسيا من بين 215 دولة، ما يعنى أن هناك بدائل أخرى غير سامة تستخدمها باقى الدول المتقدمة، مشيرا إلى أن انتشارها بتلك الصورة التى كشفتها «الشروق» فى أسوان أمر خطير للغاية، وربما يكون وراء الأمراض السرطانية والفشل الكلوى والزهايمر التى زادت خلال الفترة الماضية بشكل كبير.

وأكد عمر، أن السبب الرئيسى لانتشارها هو أنها مبيدات مادة غير مكلفة بالنسبة للمزارع، كما أنها من السهل الحصول عليها، متسائلا :«من المسئول عن دخول تلك المواد إلى مصر وترخيصها خاصة أن هناك دولا كثيرة حظرت استخدامها وعلى رأسها السعودية». مشيرا إلى أن الكارثة الكبرى تكمن فى أن المشكلة ليست موسمية وأنه من المحتمل أن يكون هناك بعض المزارعين يستخدمونها فى حفظ منتجات أخرى كالأرز والقمح والذرة.

⇐ الدكتور أحمد المزهاوي - الدكتور شهاب الشال

من جانبه، قال الدكتور زيدان شهاب الشال رئيس بحوث معهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية، إن النتائج التى كشفتها «الشروق» هى تركيزات زائدة تنعكس سلبا على المواطن، خاصة أن التمر من الثمار التى تأكل طازجة دون طهى وربما بدون غسيل خصوصا فى شهر رمضان المبارك، مشيرا إلى أن نسبة الإصابة بالكبد والكلى وسرطان الدم، وظهور طوابير الانتظار فى المستشفيات جاء نتيجة للاستخدام المفرط للمبيدات، بالإضافة إلى الرى بمياه الصرف الصحى التى تحتوى على العديد من العناصر الثقيلة مثل الرصاص والكوبلت والنيكل، التى تسبب تلك الأمراض .واقترح زيدان، خروج حملات من مراكز البحوث الزراعية لأخذ عينات عشوائية للتمور الموجودة بالأسواق وتحليلها بالمعامل المسؤلة، لبيان مدى سلامتها خلال هذه الأيام وإنقاذ المواطنين من تلك السموم، خاصة أننا فى بداية شهر رمضان.

وأضاف ان الأنفاق التى كانت بين مصر وغزة كانت تستخدم أيضا فى تهريب مبيدات وسموم، تسببت فى أمراض خطيرة مثل السرطانات، مشددا إلى أن إسرائيل وراء تهريب تلك المبيدات بأسماء لدول مستعارة، قائلا :«إذا كانت إسرائيل أوقف الحرب المسلحة بين مصر وإسرائيل إلا أن الأخيرة مستمرة فى حربها ضد مصر بوسائل أكثر شراسه ومنها إدخال المبيدات المسرطنة».

وأكد زيدان، أن غياب الإرشاد الزراعى وراء غياب الحملات التفتيشية والرقابة على المزارع، مطالبا بتعيين دفعات جديدة من المهندسين الزراعيين للعمل بقطاع الإرشاد الزراعى، لمتابعة أعمال المزارعين بدقة حفاظا على أرواح المواطنين.

⇐ بلح «مسرطن» ويظهر عليه علامات فوسفيد الألمونيوم الرمادي

 

•• السلطات السعودية تحظر «فوسفيد الألمونيوم» منذ 2014

نبهت الهيئة العامة للغذاء والدواء بالمملكة العربية السعودية، إلى ضرورة الاستخدام الأمثل لمبيد فوسفيد الألمونيوم ذات السمية العالية والمستخدم فى مكافحة آفات صوامع الغلال، ولا يوجد له بديل. وحث الدكتور صالح بن عبدالله الدوسرى، المدير التنفيذى للإدارة التنفيذية للمبيدات بالهيئة العامة للغذاء والدواء، على مراعاة اعتبارات السلامة فى التعامل مع هذا المبيد الذى هو سم قاتل يستخدم بكثافة كمبيد للحشرات والقوارض.

ونظمت هيئة الدواء والغذاء، ورشة عمل فى مقر الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، العام الماضى «الاستخدام الآمن لمبيد فوسفيد الألمنيوم»، الذى عرف منذ عام 1940، وانتشر بشكل سريع كمادة فعالة فى رش المحاصيل الزراعية، بسبب سرعة انطلاق غاز الفوسفين، وهى مادة متبخرة تنتشر فى الهواء بتركيز متصاعد من المركب، بعد تعرضه لأى مصدر من مصادر الرطوبة.

وأوضح الدوسرى، أن غاز الفوسفين سام ومميت، وقد تم رصد وفيات كثيرة ناتجة لبشر وحيوانات إثر تعرضهم لهذا الغاز، موصيا بضرورة فحص تراكيز المبيدات وأثرها على العاملين فى مجال رش المبيدات، مشددا على ضرورة تغيير العاملين الذين يرشون المبيدات بعد فترة من العمل لطبيعة مهامهم، وحتى لا يتعرضون للمبيد بشكل مركز وأكبر.

ومنعت السلطات بالمملكة تداول فوسفيد الألمونيوم، بعد تسبب رائحته فى وفاة 5 من الأطفال كانوا من ضحاياه فى غضون شهرين ضمن قائمة ضحاياه التى بلغت العشرات، وقال التقرير، إن حبة واحدة من هذه التركيبة التى تُباع على أنها مبيد حشرى قادرة على قتل طفل فى العاشرة من عمره، فهذه الأقراص تتفاعل بشكل مباشر مع الرطوبة لتنتج غاز «الفوسفين» القاتل الذى يهوى بالإنسان إلى قبره سريعا دون أن يدرى، وأوضح التقرير، أن هذا الغاز «القاتل الصامت» له قدرة عالية على الانتشار سريعا والتغلغل فى رئة الإنسان الذى يجده أمامه ليفتك به ويصيبه بالتسمم السريع.

يذكر أن الفوسفين غاز سام شديد التبخر وشديد الاشتعال ليس له رائحة ولا لون وعند التعرض للهواء يعطى رائحة الثوم أو البيض الفاسد أو السمك، أعراض التسمم تحصل فى ساعات بعد التعرض له، بعض المبيدات تحوى زنك فوسفيد أو الألومنيوم فوسفيد. الفوسفين يمكن أن يتطاير فى الجو عند ملامسته للماء أو الحمض، الفوسفين يتكون فى المعدة عند بلع الفوسيد الجاف فيتكون عندنا الفوسفين السام. التعرض للفوسفين يسبب الصدمة والتشنجات، إغماء، ضربات القلب غير المنتظمة، فشل كبدى وكلوى.

كما أن الفوسفين يكون مخرش للأغشية المخاطية للأنف والفم والحنجرة والقصبة الهوائية. شم غاز الفوسفين يسبب ضعفا وكتمة وآلاما فى الصدر، جفاف الفم، كحة، مرض وتقيوء وإسهال وآلام العضلات وصداع وخفقان، قله فى الأكسجين وتشنجات وفشل رئوى. هذه الأعراض تحدث بعد يومين إلى ثلاث أيام من التعرض لغاز الفوسفين عند التعرض للتسمم الحاد، فإنه يحصل زيادة فى ضربات القلب وهبوط بضغط الدم، تشنجات إغماء فشل القلب ثم وفاة، قد تحصل هذه الأعراض بعد أربعة أيام من التعرض للفوسفين، وقد تتأخر من أسبوع إلى أسبوعين وقد يحدث التعرض للغاز للعيون أو الجلد، فيحصل تهيج لها، والتعرض لوقت طويل فإنه يسبب الأنيميا والتهاب الشعب الهوائية وفقد كل الأمعاء أو الجهاز الهضمى ومشاكل فى الكلام وآلام الأسنان ضعف عام فقدان الوزن انتفاخات وفشل فى عظام الفك وتكسر فى العظام.

كما أن التعرض المستمر لغاز الفوسفين فى نسب منخفضة وقليلة يسبب فقر الدم والتهاب القصبة الهوائية ومشاكل الجهاز الهضمى ومشاكل فى الرؤيا والنطق وآلام الأسنان وانتفاخ الفك وكسور متتالية فى العظام. طبقا لمنظمة الأبحاث السرطانية العالمية ومنظمة الحماية البيئية الأمريكية.

• أعراض وأمراض يسببها فوسفيد الألومنيوم

فوسفيد الألومنيوم من أكثر المبيدات سمية وخطورة وتأثيرة يكون بسوء استخدامه أو عن طريق الانتحار، حيث ثلث وفيات الانتحار يحصل عند تناول فوسفيد الألومنيوم وتحصل الوفيات غالبا فى الدول النامية ومتوسط الوفيات سنويا 300 ألف حالة فى العالم، وفوسفيد الألمونيوم يستخدم بكثرة كمبيد فى الدول النامية، سواء فى المزارع العادية أو فى البيوت المحمية واستخدامه فى هذه الدول بكثرة، لرخص سعرة وفعاليته وليس له مخلفات ولا يؤثر على البذور.

أول حادثة تسمم بالفوسفيد الألمونيوم سنة 1980 حصلت فى الهند. فوسفيد الألومينوم غاز سام، ويمكن أن يستخدم على شكل أقراص أو كويرات أو على شكل حبيبات، وهى تحوى على نحو 60% من فوسفيد الألومنيوم والمبيد الحشرى كإربامات يحوى على نحو 50% فوسفيد الألومنيوم ولها أسماء تجارية كثيرة منها سيلفوسCelphos، الذى تمكنت «الشروق» من شرائه بسهولة من العطارات والشوارع بأسوان، بل ومن منبع استيراده بالجيزة.

وتنفذ وزارة التجارة والصناعة بالسعودية جولات رقابية ميدانية على عدد من المحال التجارية التى تبيع المبيدات الحشرية فى مختلف مناطق المملكة، للتأكد من عدم وجود مبيد «فوسفيد الألمنيوم» القاتل، حيث ألزمت المحال بتوقيع تعهدات خطية بعدم بيعها. منذ حظرها فى مارس 2014 الماضى، كما أعلنت عن أرقام لإبلاغ الشرطة فى حال رصد أى محلات تبيعها بالمملكة.

 التجار يلجأون للمبيدات لضمان بقاء البلح أطول فترة ممكنة

 

•• الهند تحذر من «الفوسفين» ومصر تستورده منها!

حصلت «الشروق» على صورة لدراسة هندية للباحث باسبا هوجر وآخرين، بمجلة علوم الطب الشرعى، أو نشر فى مجلة «السموم» الهند فى العدد رقم 60 السنه 2015 تحت عنوان «نزيف الجهاز الهضمى بسسب التأثير السام لمادة فوسفيد الالومنيوم» حيث ركز هذا البحث على رجل يبلغ 45 عاما تعرض إلى 3 جرامات من خمسة أقراص سيلوفس فى أحد الأطعمة وكان قد بدأ يتقيأ مباشرة، وكان القئ مشوبا بالدم ثم توفى فى اليوم الرابع وعند تشريح الجثة، وجد انتفاخ فى الرئة والكبد وتقرحات واسعة النطاق فى المعدة والأمعاء».

وتوصل الباحثون إلى أن لمركبات الفوسفيد تأثير سام على الجهاز الهضمى، ما يؤدى إلى ظهور القرح فى المعدة والاثنى عشر، ويؤدى إلى الوفاة، وذلك عن طريق استخدام أقراص سيلوفس التى تحتوى على 56% فوسفيد الألومنيوم 44% كارباميت الألمونيوم.

وتبين لـ«الشروق» أن أقراص سيلفوس المنتشرة فى شوارع أسوان، بجانب عبوات أخرى مجهولة المصدر مسجلة بوزارة الزراعة المصرية بنفس التركبية، تحت رقم 673 على أنها مقاومة فعالة لآفات الحبوب الفعالة بجميع أطوارها، ويستخدمها المزارعون بشكل عشوائى دون وجود رقابة حقيقية عليهم.

⇐ بحث هندي يؤكد أن مبيد «سليفوس» يسبب قرحًا في المعدة والاثنا عشر ثم الوفاة

⇐ عينة تمور مسرطنة من داخل مزارع أسوان

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved