الجمعيات النسائية تُحارب التطرف فى تونس - العالم يفكر - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:51 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجمعيات النسائية تُحارب التطرف فى تونس

نشر فى : الأحد 31 مارس 2019 - 10:35 م | آخر تحديث : الأحد 31 مارس 2019 - 10:35 م

نشرت مؤسسة صدى كارنيجى تقريرا للباحثين «مارو يوسف ــ حمزة الميغرى» يتناول فيه دور المرأة فى جماعات التطرف العنيف، والدور الذى تلعبه الجمعيات النسوية فى تونس فى التصدى لهذه الظاهرة ــ مشاركة المرأة فى جماعات التطرف العنيف ــ ومقترحات لتفعيل هذا الدور. ونعرض منها الفقرات التالية:
لا تزال تونس تتخبط فى مواجهة التشدد، فالحكومة تفتقر إلى الخبرات والموارد اللازمة لمعالجة المشاغل الأمنية وإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية. ولذلك تتقدم جهاتٌ من المجتمع المدنى، وعلى رأسها الجمعيات النسائية، للمساعدة فى محاربة التطرف. بيد أن الاختلافات العقائدية والتنافس داخل الحراك النسائى من أجل الحصول على الاعتراف والموارد ألقت بظلالها على الجهود التى تبذلها هذه الجمعيات.
الأسباب التى تدفع بالشباب نحو التشدد هى نفسها التى تقود النساء إلى التطرف، وتتمثل فى الفوارق الاقتصادية، وارتفاع البطالة، والاستياء من المرحلة الانتقالية الديمقراطية. وعلى الرغم من أن الحد من التفاوت بين المناطق كان مطلبا أساسيا من المطالب التى رفعتها الثورة التونسية، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم توظف استثمارات كافية فى المناطق المهمشة التى تواجه خطرا أعلى بالجنوح نحو التشدد، ولا سيما من أجل دعم توظيف المرأة.

***

وعلى وقع تراجع الثقة بقدرة الحكومة على مواجهة هذه التحديات، تعتبر جمعيات نسائية ونسوية كثيرة أن قطع دابر التشدد يقع فى صلب فلسفتها وعملها، نظرا إلى أن هدفها الأقصى هو تلبية احتياجات النساء. يُشار إلى أن هناك رابطا قويا بين حماية حقوق المرأة وردع التطرف. فى هذا السياق، تعمل منظمات قليلة على محاربة التطرف بصورة غير مباشرة فى إطار الجهود الآيلة إلى التصدى للعنف المنزلى.
وعلى نطاق أوسع، ترى الجمعيات النسائية أيضا فى دمج المرأة فى المجتمع عاملا أساسيا لمنع التهميش الذى يمكن أن يؤدى إلى التطرف. وهكذا تساهم الجمعيات النسائية، من خلال المطالبة بالمساواة وتوفير فرص اقتصادية أفضل للنساء، فى الحد من خطر التشدد. وتقود الجمعيات النسائية، منذ العام 2014، حملة مشتركة لوضع حد للعنف ضد النساء، ما أسفر فى أغسطس 2017 عن إقرار قانون يُعتبَر من أقوى القوانين الذى يَحمى المرأة من مختلف أشكال العنف.
لا يزال عدد كبير من المنظمات النسوية والنسائية يفتقر إلى الموارد الضرورية لا سيما فى الولايات التى يتحدر منها معظم الجهاديين. وتعمل الجمعيات النسوية والنسائية مع النساء فى الأرياف لتأمين وظائف لهن ومنحهن قروضا صغيرة لتأسيس شركاتهن الخاصة، لكنها تفتقر إلى التمويل من الدولة لتنفيذ مزيد من المبادرات. فضلا عن ذلك، وبسبب حرمان المرأة من الحصول على حقوق متساوية فى الميراث، غالبا ما يحتفظ الذكور بالسيطرة على الأراضى والممتلكات، ولذلك تجد المرأة صعوبة أكبر فى تحقيق الاستقلالية المادية وتأسيس شركتها الخاصة.
***
لكن العوائق الأكبر تتمثل فى الانقسامات داخل الحركة النسائية نفسها، ما يقلل من فعاليتها. فيسود انقسامٌ حاد بين الجمعيات النسائية الإسلامية من جهة والجمعيات النسوية العلمانية من جهة أخرى. لقد انتشرت الجمعيات النسائية الإسلامية فى مطلع العام 2011، بعد رفع الحظر على الحراك الدينى وتستخدم هذه الجمعيات إطارا دينيا لتعزيز حقوق المرأة واستقطاب قاعدة محافظة ومتدينة فى المناطق الفقيرة من خلال نشاطها الخيرى، وغير السياسى كما يُزعَم. أما الجمعيات النسوية العلمانية فتركز على بذل جهود للتأثير فى السلطات والمجتمع الدولى بغية انتزاع مزيد من الحقوق السياسية للمرأة بناء على الإعلان العالمى لحقوق الإنسان.
كما أن الانقسامات داخل الحركة النسوية والنسائية تجعل من الصعب على الجمعيات التعاون فيما بينها وتنسيق جهودها، ما يؤدى على الأرجح إلى تكرار الأنشطة نفسها أو حتى تضارُب الأهداف. ترى المنظمات النسوية العلمانية فى صعود الجمعيات النسائية الإسلامية محاولة لأسلمة المجتمع التونسى، ما يُشكل، فى رأى تلك المنظمات، تهديدا لقيم الدولة الديمقراطية والمدنية. أما الجمعيات النسائية الإسلامية فتعتبر أن النسويين العلمانيين يسعون إلى فرض القيَم الغربية.
والانقسامات موجودة أيضا بين المجموعات النسائية العلمانية. فعددٌ كبير من هذه المنظمات يرفع لواء القضايا الأساسية نفسها، لكنها تتنافس فيما بينها على الموارد من الدولة والمانحين الدوليين، وكذلك على الحصول على الاعتراف من النساء التونسيات.
إن الدور الذى تؤديه الجمعيات النسائية والنسوية فى معالجة جذور التشدد هو على قدر كبير من الأهمية بغية إيجاد حلول للمشكلات الأمنية التونسية فى المدى الطويل. لكن فى غياب استراتيجية شاملة وجبهة موحدة، قد تقع الجهود التى تبذلها الجمعيات النسوية والنسائية فى دائرة التكرار وغياب الفعالية .فى حين أن تأسيس حركة تَجمع المنظمات الإسلامية والعلمانية على السواء – وقادرة على الوصول إلى النساء المنتميات إلى فئات أوسع من أعمار ومناطق وخلفيات ثقافية ومعتقدات دينية مختلفة – يبقى هدفا بعيد المنال، قد يشكل الحصول على مزيد من التمويل والتسهيلات من الدولة عاملا أساسيا لمساعدة جميع الجمعيات النسائية على معالجة المشكلات على غرار البطالة والإقصاء من عملية صناعة القرار المحلية.

النص الأصلى:من هنا

التعليقات