هل تقارير حقوق الإنسان الغربية معيبة وغير جديرة بالثقة؟ - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الخميس 16 مايو 2024 2:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل تقارير حقوق الإنسان الغربية معيبة وغير جديرة بالثقة؟

نشر فى : الجمعة 30 ديسمبر 2022 - 7:55 م | آخر تحديث : الجمعة 30 ديسمبر 2022 - 7:55 م
نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب سفيان صديق، يقول فيه إن التقارير الغربية بشأن أوضاع حقوق الإنسان فى دول العالم النامى انتقائية ومعيبة وقائمة على خدمة مصالح أوروبا الخاصة. بكلمات أخرى، التقارير الغربية تهتم بالأبعاد السياسية لانتهاكات حقوق الإنسان (كحرية التعبير، والسجن التعسفى) وتغفل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية (كوضع الأعراق المختلفة)، هذا يعنى الافتقار لمعيار موضوعى وهام فى تقييم حالة حقوق الإنسان. الكاتب رأى أن هذا التوجه يمنع كشف حقيقة أوضاع حقوق الإنسان فى الغرب؛ بمعنى أنها تتقدم فى مجال احترام الحريات وحقوق الإنسان إذا أخذنا بالبعد السياسى، بينما تسجل مستوى مخجلا فى احترام حقوق الإنسان بالنسبة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية (الاعتداء على السود كمثال، وغيرهم من الأعراق).. نعرض من المقال ما يلى.
تُصدر العديد من الحكومات الغربية والمنظمات غير الحكومية الممولة من الغرب تقارير حول أوضاع حقوق الإنسان فى البلدان فى جميع أنحاء العالم. تشترك هذه التقارير عادةً فى ثلاث خصائص؛ فهى تحدد الدول النامية باعتبارها منتهكا رئيسيا لحقوق الإنسان؛ وتقدم الدول المتقدمة باعتبارها مدافعا عالميا عن تلك الحقوق؛ أما الدول التى تعتبر منافسا استراتيجيا فينظر إليها على أنها «محور الشر». ويدعم هذا التأكيد أحدث تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية.
ولكن هناك جانبا آخر جديرا بالملاحظة فى هذه التقارير وهو اهتمامها المفرط، بالجانب السياسى لقضايا حقوق الإنسان، والذى يمر دون أن يلاحظه أحد إلى حد كبير ولا يُناقش كثيرًا. بعبارة أخرى، فإن التقارير تعمد إلى استبعاد الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لانتهاك حقوق الإنسان، وبالتالى تتجاهل مجموعة واسعة من المعايير التى يشملها إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (UDHR).
يتم تغطية العديد من الجوانب السياسية فى هذه التقارير بما فى ذلك حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات؛ السجن التعسفى وسوء المعاملة؛ سلوك قوات الأمن؛ تغطية حرية الصحافة، وما إلى ذلك. طبعا لا يعنى هذا التقليل من حقيقة أن ظروف حقوق الإنسان فى الدول النامية بائسة نسبيًا، نظرًا لوضع بيئاتها السياسية المليئة بالقصور. ومع ذلك، لا جدال فى أن أى دولة، بغض النظر عن مستوى تطورها، سوف نجد أنها تفتقر إلى تقييم موضوعى لحقوق الإنسان كما جاء ذكرها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان.
ومع ذلك، فإن المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الأكثر أهمية للنهوض بحقوق الإنسان والتى تم التأكيد عليها بشدة فى جميع مواد إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يتم حذفها عن قصد عندما تقوم الحكومات الغربية والمنظمات غير الحكومية بإعداد تقاريرها. تحصر تقارير حقوق الإنسان الغربية عادةً تغطيتها لعدد صغير من حالات الانتهاكات المحددة والإجراءات القضائية المتخذة فى البلدان النامية ضد الأشخاص المشتبه فى ارتكابهم أعمالًا إجرامية تنتهك قوانين بلادهم، بدلا من اتباع نهج شامل لتحليل حقوق الإنسان. مثل هذا الإغفال المتعمد يمثل مشكلة ويتم القيام به لسببين على وجه الخصوص.
أولا، تفضل الحكومات الغربية وما يسمى بجماعات حقوق الإنسان اتباع نهج مرقع ومشتت، بسبب وجهات نظرهم المتحيزة تجاه الدول النامية. إذ كثيرًا ما تكافح الدول النامية للحفاظ على أمنها الداخلى بسبب الافتقار إلى السيطرة الحكومية، ومحدودية الموارد، والقضايا الأمنية المستمرة بما فى ذلك الإرهاب، وتجارة المخدرات، والصراع الداخلى. لهذا ومن أجل تحسين الأمن العام، غالبًا ما تجبرهم هذه الظروف على اتخاذ إجراءات صارمة فى التعامل مع التهديدات الإجرامية أو الإرهابية.
على سبيل المثال، تزامن ظهور قوة النخبة فى بنجلاديش، أو كتيبة العمل السريع، مع تصاعد التطرف فى الدولة الواقعة فى جنوب آسيا فى حقبة 11 سبتمبر. منذ إنشائها فى 26 مارس 2004، ساهمت سلطات إنفاذ القانون بشكل كبير فى مكافحة الإرهاب والتشدد بشكل فعال، واجتثاث الاتجار بالبشر، ووقف تعاطى المخدرات، وتفشى استخدام الذخيرة والأسلحة النارية غير المشروعة. كبحت قوة النخبة خطر الإرهاب واعتقلت 2729 مسلحًا حتى الآن، وبالتالى، تم تحييد الجماعات الإرهابية الهائلة مثل جماعة مجاهدى بنغلادش، إلخ. بالإضافة إلى ذلك، قام القوات بتنفيذ 333 عملية واعتقال 1238 شخصًا لتصفية تجار المخدرات العابرين للحدود والقرصنة وشبكات الاتجار.
صحيح سيطرت كتيبة العمل السريع فى النهاية على زمام الأمور فى حربها ضد الإرهاب والمخدرات والاتجار، إلا أن أعمالها أدت إلى أضرار جانبية غير مبررة بسبب الثغرات الهيكلية والقيود فى بلد نام مثل بنجلاديش. وعلى الرغم من غضب المجتمع المدنى الدولى فى العالم الغربى تجاه هذه الانتهاكات، إلا أنه يمكن تخفيف حدتها من خلال بيئة العدالة السياسية والإدارية فى الدول النامية حيث سيكون للتطبيق الشامل للمعايير الغربية نتائج عكسية.
السبب الثانى، من شأن إعداد تقارير عن حقوق الإنسان مع التركيز على الجوانب السياسية، وإغفال تلك المتعلقة بالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، أن يستر أوضاع حقوق الإنسان الأقل وضوحًا ولكن الأكثر تعقيدًا فى العالم الغربى.
على سبيل المثال، أظهر استطلاع حديث أجراه معهد بيو للأبحاث أن نصف الشعب الأمريكى تقريبا (58٪ فقط) يرى أن أوضاع الأعراق تتحسن فى الولايات المتحدة. ووفقًا لبحث أجرته صحيفة واشنطن بوست، تقتل الشرطة فى الولايات المتحدة ما يقرب من 1000 شخص كل عام من خلال إطلاق النار، خاصة على الأفراد السود بشكل غير متناسب ومتكرر. وبذلك، يُنتهك فى النهاية العديد من أشكال حقوق الإنسان الأخرى المنصوص عليها فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، مثل الحق فى الحياة (المادة 3)، والحق فى الاعتراف أمام القانون (المادة 6)، والحق فى المساواة أمام القانون (المادة 7)، والوصول إلى العدالة (المادة 8)، والحق فى محاكمة عادلة (المادة 10).
إذن، تقارير الغرب عن حقوق الإنسان انتقائية تتماشى مع أجندته المكيافيلية البراجماتية لإخفاء انتهاكاته لحقوق الإنسان غير المعروفة، والتى ارتكبها داخل وخارج بلدانه، بينما يستخدم فى ذات الوقت سلاحه الأخلاقى الوهمى ضد الدول النامية لحثهم على السير على الطريق المستقيم.
ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

التعليقات