حبر ٢٠١٨: شخصيتان .. وصحيفة - أيمن الصياد - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حبر ٢٠١٨: شخصيتان .. وصحيفة

نشر فى : الأحد 30 ديسمبر 2018 - 6:30 ص | آخر تحديث : الأحد 30 ديسمبر 2018 - 10:47 ص

على وقع «صفقات» لا يتورع بعض أطرافها أن تكون على «الدماء» يتركنا عام صاخب «ومحبط»، ليفتح الباب لعام جديد، نعرف مقدما ماذا يخطط لنا البعض فيه، إن محليا؛ أو إقليميا. فالعناوين واحدة. «من يملك القوة يحكم» أو يتصور أنه يحكم؛ بمنطق المقايضة، والصفقات .. والدماء.

وكنت قد استننت أن أخصص هذه السطور كل عام لحصاد ما اجتهدت به طوال العام «حبرا في هذه الصفحة، أو رأيا - لا نملك غيره - في هذه المناسبة أو تلك». أضعه، كما اعتدت أمام القارئ الكريم، الذي أحسبه - كما أقول كل مرة - صاحب الحق الأول والأخير في أن يراجع، ويحاسب .. ومن ثم يقرر «إذا ما كان لحبر أقلامنا ثمة فائدة».

ـــــــــــــــــــــــــ

 

لولا «واقعة خاشقجي»، التي أربكت الحلفاء والتحالفات، ولولا «صحيفة» لم تسمح للجريمة أن تموت، ما كان هذا العام، ربما قد انتهى دون أن يعلن «السمسار» الأمريكي عن صفقته «الصهيونية» بامتياز

اعتادت الصحف، واعتدنا نحن معشر الصحفيين والكتاب أن نخصص صفحات ما بين عامين لحصاد عام مضى، وتوقعات عام جديدوللتذكير بأكثر الشخصيات التي أثرت في مجريات الأحداث.

كل الصحف العالمية تقريبا وضعت على قوائمها، بالإضافة إلي جمال خاشقجي؛ الكاتب الذي أحدث مقتله «غيلة» ما لم تحدثه كتاباته من تأثير، الرؤساء: الأمريكي؛ دونالد ترامب، والروسي؛ فلاديمير بوتين، والتركي؛ رجب طيب أردوجان. ورغم أنني كنت قد خصصت مقالا لكل منهم؛ «سمسارا، وقيصرا، وسلطانا» إلا أن اعتبارات المساحة قد لا تسمح لي (إذا أذن لي القارئ الكريم) بغير التذكير بترامب (وصفقته)، وخاشقجي (ودراما قصته)، والصحيفة التي ذكرتنا (وإن نسي البعض، أو تناسى) كيف هي الصحافة في عالم اليوم.

***

«السمسار..»

لولا «واقعة خاشقجي»، التي أربكت الحلفاء والتحالفات، ما كان هذا العام الدموي قد انتهى دون أن يعلن دونالد ترامب عن صفقته لحل الصراع العربي الإسرائيلي، أو قل لإعلان الانتصار «النهائي» للمشروع الصهيوني؛ الذي نعرف.

صحيحٌ أننا لا نملك، حتى اللحظة نسخة «رسمية» لبنود «الصفقة». ولكننا نعرف (بحكم ما بات واضحا ومعلنا) أن بنودها الرئيسية لن تخرج عن أن تكون «تقنينا» أو بالأحرى «شرعنة» لما حرص الطرفان (نتنياهو ــ ترامب) على أن يجعلا منه «أمرا واقعا»، استباقا لأي صفقة / تسوية «نهائية».

١ـ ففيما نعرف أن دونالد ترامب اتخذ قراره «الاستباقي» قبل حوالي العام بجعل القدس «الموحدة» عاصمة رسمية وأبدية لإسرائيل معتبرا أن ذلك would open the door to a deal

٢ـ وفيما نعرف أن دونالد ترامب اتخذ قراره «الاستباقي» بمحاولة القضاء على وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئى فلسطين UNRWA في محاولة لشطب قضية اللاجئين (أو عودتهم) من بنود التسوية النهائية.

٣ـ وفيما نعرف أن الإسرائيليين اتخذوا قرارهم «الاستباقي» بإقرار قانون «يهودية الدولة» الذي يجعل من تلك الأرض «وطنا قوميا لليهود دون غيرهم» مما يشطب واقعيا قضية «عودة اللاجئين»، والتى من المفترض أنها كانت إحدى قضايا التفاوض حول «الحل النهائي» حسب ما تقضي به تفاهمات أوسلو.

٤ـ وفيما نعرف أن شبكة المستوطنات (المستعمرات) الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (المحتلة) توحشت وتمددت سرطانيا بشكل يحول واقعيا (واستباقا لأي حل نهائي) دون قيام دولة فلسطينية «قابلة للحياة»، وهو التعبير الدبلوماسي الآثير الذي سمعناه مائة مرة على مدى ربع قرن من عمر أوسلو.

٥ـ وفيما نعرف أن إخلاء تلك المستوطنات ليس موضوعا للتفاوض (حسب كل التصريحات الإسرائيلية والأمريكية ذات الصلة). فبأي دولة فلسطينية إذن يعدنا السيد ترامب.

٦ـ وفيما نعرف أيضا أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي «لا حدود رسمية لها» حتى تاريخه. في فبراير ٢٠١٧ طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي من الولايات المتحدة رسميا أن تعترف «بالسيادة الإسرائيلية» على مرتفعات الجولان «السورية»، وفي ديسمبر من العام نفسه لم يتردد حزب الأغلبية الإسرائيلي «الليكود» في التصويت رسميا على قرار بضم الضفة الغربية «المحتلة».

٧ـ ثم أننا نعرف أن إسرائيل التي تطالب «بترتيبات أمنية» تضمن لها الأمن، (كما يقولون) أو «السيادة الأمنية»، كما يقول الواقع هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تملك «سلاحا نوويا».

……………..

هل ترك ترامب ونتنياهو شيئا للتفاوض عليه، بعد كل ما جرى على الأرض، وكل ما اتخذ من قرارات بشأن القدس، والمستوطنات، واللاجئين، والحدود؟

عن أي «صفقة» إذن يتحدث ترامب؟

الشيطان يكمن في التفاصيل. وبالضرورة في «الورقات الثلاث» التي يلعب بها السماسرة.

(من مقال: «الشيطان يكمن في التفاصيل» - ٣٠ سبتمبر ٢٠١٨)

***

الشيطان يكمن في التفاصيل. وبالضرورة في «الورقات الثلاث» التي يلعب بها السماسرة

ليس معنى هذا بحال أننا نبحث عن حرب أو توتر إقليمي، تغيب فيه طموحات الاستقرار والتنمية والرخاء. ولكننا نعلم:

١ــ أن لا سلام بلا عدل، (بالضبط كما لا استقرار لوطن بلا عدل).

٢ــ أن لا استقرار مع شيوع الإحساس بالظلم والغبن وضياع الحقوق.

٣ــ أن لا سلام مع عنصرية دينية تجسدها «دولة يهودية نقية» كما يقول المشروع الصهيوني المعلن، حتى ولو كان لدينا من استدرج؛ مفتونا أو مخدرا إلى هذا الفخ «المعلن» بتكريس هويات طائفية تكون أساسا لصراعات المستقبل.

باختصار، نحن هنا لا نبحث عن حرب، ولكننا نعلم أن للسلام شروطا إن لم تتحقق فنيران الحرب ستظل تحت الرماد.

(من مقال: «هل كانت حقا آخر الحروب؟» - ٧ أكتوبر ٢٠١٨)

***

بعد أسابيع من صدور كتاب لواحدة من مساعدي ترامب المقربين يصفه بالمعتوه Unhinged صدر كتاب وودوارد حافلا باللقاءات والتسجيلات الموثقة، وكنا قد علمنا أن الصحفي الكبير لم ينجح في أن يلتقى بالرئيس (رغم عديد المحاولات). فالرئيس لا يحب الصحافة أصلا، فما بالك لو كان الصحفي هو بوب وودوارد الذي سبق له أن أخرج رئيسا من البيت الأبيض. الرئيس خائف. وكيف لا يخاف وأمامه صحفي بقامة بوب وودوارد. لو كان في عالمنا العربي، ما أضاع «وقته الثمين» مع الصحفي المشاغب. جرة قلم «رئاسية» كانت تكفي لقصف قلم الصحفي، أو وضعه خلف القضبان ليتعلم كيف تكون مخاطبة الرؤساء والملوك. وكيف أن انتقاد الحاكم (وأحيانا حاشيته أو حزبه أو مؤسسته) هو عيب في «الذات الملكية» المصونة، والمحصنة بحكم القانون، والأعراف البالية، والتخريجات الدينية لفقهاء السلاطين.

لا يختلف الترامبيون عن بعضهم البعض في كرههم للصحافة، أو بالأحرى لبدهية حق الناس في أن تعرف. فهم إما لا يحبون أن يعرف مواطنوهم ما يفعلون، وإما يعتقدون بأنهم «وحدهم يعرفون» ما فيه خير البلاد والعباد، بحكم «ما يوحى» به إليهم، وبأنهم لا يُسألون عما لا يفعلون.

(من مقال: «الصحافة .. والرئيس» - ١٦ سبتمبر ٢٠١٨)

***

«الصحفي …»

لم ينجح الصخبُ المتعمد حول ما لم يتأكد إخفاءَ ما تأكد: هناك إنسان اختفى. ليس في قفار بادية، ولا محيط متلاطم، بل بعد أن دخل قنصلية بلاده في مدينة أوروبية إسلامية كبرى في وضح النهار في يوم من أيام العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين. حيث لا شيء يختفي هكذا، ولا الحقيقة مهما كان ركام البيانات الرسمية.. والأكاذيب.

غاب المنطق عن كثير من الجدل الذي بات عقيما (ولا إنسانيا)، وحضرت ألاعيب السياسة؛ تصفية للحسابات، أو بحثا عن صفقات. ولكن وسط كل هذا الضجيج حول ماذا جرى، ومن فعلها. وهي أسئلة مشروعة وضرورية بلا شك. بقيت الحقيقة «المرة» التي لا جدال حولها، والتي أخشى أنها ضاعت وسط كل هذا الصخب:

١ــ أن هذا «كاتبٌ» كان يحمل قلما لا قنبلة.

٢ــ أن هذا «إنسانٌ» قُتل أو على الأقل اختفى دون أثر.

وفي الحقيقتين ما لا يصح «أخلاقيا» أن نتجاهله، مهما كانت حساباتنا أو انحيازاتنا المسبقة.

وأحسب أن مما لا يحتاج «البشر» أن نذكرهم به: أن لك أن تتفق أو تختلف مع سياسات هذا النظام أو ذاك، ولك أن تتفق أو تختلف مع آراء هذا الكاتب أو ذاك، ولكنك قطعا، «كإنسان»، لن ترضى بأن يختفي هذا «الإنسان» أو ذاك.

……………..

لم ألتق الرجل غير مرة واحدة، وإن لم تخني الذاكرة فأظنها كانت على الساحل الإماراتي للخليج، وقت أن كان الخليج «العربي» واحدا، أو كنا نظن. كان أمام تشاؤمي متفائلا. وبدا أمامي كعادته، يضع ثقته «متفائلا» في غير محلها. بالضبط، كما فعل حين خطا خطوته الأخيرة «وحيدا» نحو باب قنصلية بلاده في ذلك اليوم الملبد بالخيانة.

«كلهم قتلوك يا جمال»، ثم وقفوا كما في حكايا شكسبير يتبادلون الاتهامات.

كلهم قتلوك؛ بالسلاح، أو بالصمت، أو متاجرة إعلامية بقضيتك، أو بمقايضة دمائك على طاولة صفقات سياسية، أو اقتصادية قذرة.

بعض من يعرف يقينا ما جرى لك (بحكم موقعه، أو بحكم المنطق) لم ينطق. والبعض الآخر لم يتردد في أن يكذب.

كلهم خانوك يا جمال، إلا جريدتك تلك (التي تنتمي للأسف لعالم غير عالمنا) والتي تعرف معنى أن يقتل صاحب قلم لا لشيء إلا بسبب آرائه.

……………..

ذهب جمال إذن، إلى حيث لا نعرف (حتى الآن على الأقل)، فأين ستذهب قضيته؟

أخشى ألا تستقر في النهاية في ساحة العدل «النقية» التي يرجوها المتفائلون.

فالبعض يراهن على الوقت والنسيان.

والبعض يراهن على «محفظته».

وفي هذا العالم الميكيافيلي / الترامبي يحكم النفوذ والمال المعادلة.

(من مقال: «عن الإنسان .. الذي اختفى» - ١٤ أكتوبر ٢٠١٨)

***

هي الثقافة ذاتها. لا اختلاف مسموحا به مع ما يقول به الحاكم (وفقهاؤه). ولا فارق أن يأتي الأمر بالقتل من سلطة مستبدة، أو من فقيه، أو من أمير لجماعة تكفيرية

أزعم أن من قتل جمال (وكل جمال) ليس مجرد فرد أو مجموعة أمنية رسمية (وإن فعلت)، بل قتلته قبل ذلك ثقافة تسمح بذلك.

ثقافة «شوفينية أو دينية» مشوهة تسمح بأن يظن من قتل جمال (وكل جمال)، عبر تاريخنا كله أنه إنما يقوم بواجبه لصالح الوطن، أو لرفعة الدين وإعلاء كلمة الله.

ثقافة تسمح بأن يظن من يملك القوة؛ سلاحا كان، أو نفوذا، أو تراتبية اجتماعية أوسياسية أن لا تثريب عليه. فهو يعرف أن لا أحد يجرؤ على سؤاله، فمابالك بمساءلة أو محاسبة.

من قتل جمال (وكل جمال) هي هذه البطرياركية الأبوية، التي كتب عنها هشام شرابي قبل ثلاثين عاما. (١٩٨٨) فلم نقرأ.

هي الثقافة ذاتها. لا اختلاف مسموحا به مع ما يقول به الحاكم (وفقهاؤه). ولا فارق أن يأتي الأمر بالقتل من سلطة مستبدة، أو من فقيه، أو من أمير لجماعة تكفيرية.

هي الثقافة ذاتها؛ ثقافة لا تنتمي لهذا العصر، ، فما بالك بمستقبل يتزينون بلافتاته.

ثقافة أخذت من الجاهلية أسوأ ما فيها: «العصبية».

وأخذت من الرأسمالية أسوأ ما فيها: أن «المال وحده يحكم». 

وأخذت من الإشتراكية أسوأ ما فيها: «قمع الستالينية»، ودولة الحاكم الفرد.

وأخذت من تاريخنا الإسلامي أسوأ ما فيه: فقه الحاكم المتغلب، و«السمع والطاعة» بلا رقيب ولا معقب.

(من مقال: «الثقافة التي قتلت» - ٢٨ أكتوبر ٢٠١٨)

 

***

«… والصحيفة»

أين جمال خاشقجي؟

السؤال «المنطقي»، أيا ما كان رأيك في الرجل، طرحته الواشنطن بوست عشية اختفاء كاتبها (الزائر)، ثم كان أن نجحت في أن تجعله العنوان الأكبر «المانشيت» في كل جريدة، والخبر الأول في كل نشرة أخبار. والسؤال الحاضر في كل مؤتمر صحفي.

لا مفر من الإجابة.. وهكذا كان.

وهكذا أثبتت الصحافة الحرة «أنها تستطيع».

بدا أن «البوست» قررت أن تخوض المعركة. لتبدأ موجة تسونامي إعلامية كفيلة بكشف كل ما تطمره رمال الصحراء؛ نفيا، أو أكاذيبا، أو صفقات مالية

فعلتها الواشنطن بوست (وإن لم يُقض الأمر بعد) كما فعلتها من قبل عندما أخرجت الرئيس الأمريكي من البيت الأبيض (١٩٧٤) وأعادت الجيش الأمريكي من فيتنام (١٩٧٣).

أربكت الواشنطن بوست بتبنيها القضية حسابات «الرئيس». بالضبط كما أربكه كتاب كبير كتابها بوب ووادورد عن ترامب «الخائف» في البيت الأبيض.

يقول لنا تاريخ الصحافة إن الجريدة الأمريكية (التي أصبحت عالمية)، لم تكتسب مصداقيتها ومكانتها تلك إلا بعد هاتين المعركتين مع السلطة: البيت الأبيض، ووزارة الدفاع.

هذه صحافة تعرف أن «كشف الحقيقة» هو مهمتها. وأن أداءها لمهمتها بحرية هو لصالح المواطن.. «والوطن».

لا يوجد دولة قوية بلا حكم رشيد، ولا يوجد حكم رشيد بلا شفافية ومحاسبة. ولا يوجد شفافية ومحاسبة بلا صحافة حرة، وحرية «حقيقية» للرأي والتعبير.

لهذا لا يحب المستبدون (والفاسدون) الصحافة «الحرة». لا غرابة في الأمر.

……………..

أربكت الواشنطن بوست بتبنيها القضية حسابات «الرئيس». بالضبط كما أربكه كتاب كبير كتابها بوب ووادورد عن ترامب «الخائف» في البيت الأبيض

لا نريد أن نكرر قصصا حكيناها ألف مرة عن الدور الذي تلعبه الصحافة «حينما تكون حرة مستقلة» في صناعة دول قوية، ومجتمعات حيوية تأخذ بأسباب المستقبل.

هل يجادل أحدكم في أن الولايات المتحدة الأمريكية دولة قوية؟ لا أتحدث هنا عن سلاحها وترسانتها النووية، بل عن جامعاتها الأولى في العالم، وشركاتها الأكبر، سواء العريقة منها (جنرال موتورز) أو التكنولوجية الحديثة (أبل، وجوجل، وأمازون وميكروسوفت…الخ)، وأتحدث أيضا عن هوليوود، وعن عدد الأمريكيين الحاصلين على جائزة نوبل… إلخ.

هل تريدون أن تعرفوا كيف جعلت حرية الرأي والتعبير (حرية الصحافة) من أمريكا (التي لم يتجاوز عمرها الـ ٢٤٢ عاما) دولة عظمى؟

شاهدوا فيلم The Post الذي يحكي قصة الواشنطن بوست (الجريدة) ومعركتها مع السلطة انتصارا لحق الناس في المعرفة. واقرأوا ما قاله رئيس التحرير Benjamin C. Bradlee يومها: «إذا كان بوسع السلطة أن تقول لنا ما يمكننا نشره، وما لا يمكننا نشره، فلا قيمة للصحافة؛ إذ إنها بذلك تفقد دورها ووظيفتها». واقرأوا الحكم الشهير للمحكمة العليا يومها، والذي يذكر بحقيقة أن الصحافة إنما وجدت «لخدمة المحكومين لا لخدمة الحاكم»

In the First Amendment، the Founding Fathers gave the free press the protection it must have to fulfill its essential role in our democracy. The press was to serve the governed، not the governors

……………..

للصحافة سلطة، لا يدركها أولئك الذين اعتادوا عليها «داجنة»، لا تكشف المستور، ولا تنطق بما يغضب أولي الأمر، والنفوذ، والسلطان «أصحاب الذهب والسيف». ولكن لا تنسوا أن عدم إدراك الشيء لا يعني عدم وجوده. فما أحدثه الزخم الإعلامي الذي ترتب على اختفاء خاشقجي، أثبت ذلك واضحا وجليا.

لا مكان في عالم اليوم لصحافة أنور خوجة، وسعيد الصحاف. ولا لخطباء معاوية وكل خليفة «متمكن». أحمد سعيد نفسه (رحمه الله) أدرك ذلك وأكده لي (بصدق نبيل يُحترم) قبل أن يرحل.

رحم الله جمال خاشقجي، الذي أحدث بغيابه «إعلاميا» ما ربما لم يحدثه في حياته.

(من مقالي: «الصحافة .. حين تسأل» - ٢١ أكتوبر ٢٠١٨ / «الرسالة The Post» - ٤ مارس ٢٠١٨)

***

وبعد ..

فأعود لأكرر ما أقوله في مثل تلك الأيام من كل عام

أن هذا بعضٌ مما كتبت في عام فائت، أو بالأحرى بعض ما وجد طريقه «ممكنا» للنشر، كما قد لا يغيب عن فطنة القارئ الكريم. الذي ما زلت أحسب أنه صاحب الحق «الوحيد» في أن يحاسب كاتبه.

ـــــــــــــــــــــــــ

لمتابعة الكاتب:

twitter: @a_sayyad

Facebook: AymanAlSayyad.Page

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

روابط ذات صلة:

ــ حبر ٢٠١٤ .. مصر وجوارها

ــ حبر ٢٠١٥ .. بين عامين

ــ حبر ٢٠١٦ .. ما بين الواقع والرجاء 

ــ حبر ٢٠١٧ .. عام الصفقة والصفعة

ــ «السمسار» في الشرق الأوسط الجديد

ــ القيصر

ــ السلطان .. أتاتورك «الثاني»

أيمن الصياد  كاتب صحفى
التعليقات