استبداد الأقلية - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 8:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استبداد الأقلية

نشر فى : الإثنين 30 مايو 2011 - 9:30 ص | آخر تحديث : الإثنين 30 مايو 2011 - 9:30 ص

 لا أستطيع أن أفهم المطالبات بدستور جديد الآن، وانتخابات رئاسية قبل البرلمانية ومجلس رئاسى، سوى أنها افتئات على نتائج استفتاء مارس الماضى، الذى صوّت فيه 77% من المشاركين بالموافقة على التعديلات الدستورية، والقبول بخارطة الطريق التى أعلنها المجلس العسكرى، والتى حددت كيفية إدارة المرحلة الانتقالية.

بعض المعترضين أسقطوا المطالبة بمجلس رئاسى، وهو مجلس لم يكن أحد يعرف كيف سيتم تشكيله ومن سيختار أعضاءه، وإن كنت على ثقة أن الحوار حول ممثليه، لن يبعد كثيرا عما شهدناه فى الحوار الوطنى والوفاق القومى وجلسات ائتلافات الثورة.

مانشهده الآن حالة واضحة من استبداد الأقلية، التى تريد الانقلاب على اختيار شعبى حر لم يشكك أحد فى نزاهته، فليس صحيحا أن الذين صوّتوا بنعم فى الاستفتاء ينتمون إلى تيار الإسلام السياسى، فقد قلت نعم، وأزعم أن ملايين غيرى ممن قالوها، لاصلة لهم بالإسلام السياسى، وربما بالإسلام أصلا.

هذه الأقلية تدعى لنفسها احتكار الحكمة والوطنية، فأتباعها الذين نزلوا إلى الميدان فى الجمعة الماضية هم «حماة الثورة»، وأما الآخرون ــ الأغلبية ــ فهم «خونة وانتهازيون».

المعبرون عن تيار «لا» يزعمون أنهم ينطلقون من أرضية ليبرالية، وبعضهم شموليون أدركتهم الليبرالية على كبر، ولذا فإنهم يمارسونها على طريقتهم، دون أن يدركوا أن الليبرالية فى أبسط معانيها تعنى حماية الأقلية من استبداد الأغلبية، وأن الديمقراطية تقتضى منهم الإذعان لصندوق الاقتراع، وتفرض عليهم الاصطفاف خلف الأكثرية.

مايدهشك أن هؤلاء كثيرا ماحذّرونا من انقلاب الإخوان على الديمقراطية إذا وصلوا للحكم،والآن فإنهم يثبتون أن ولاءهم للتقاليد الديمقراطية محل شك، وقد أزعجنى جدا مانشر منسوبا إلى الدكتور محمد البرادعى ــ ونحسبه ليبراليا أصيلا ــ من أن «الديمقراطية لاتعنى خضوع الأقلية لاختيار الأغلبية»، وهو منطق عجيب، يقود فورا إلى الفوضى وعدم احترام القانون.

الخائفون من سيطرة الإخوان غير محقين، والدستور الجديد لن يكرّس لدولة دينية، والإخوان قبل غيرهم أعلنوا انحيازهم للدولة المدنية وأنا أصدقهم.

أما المتلاعبون بالألفاظ، المختبئون خلف ستار تملق شباب الثورة وذرف الدموع على ضحاياها، فإنهم يمارسون لعبة خطرة، ويدفعون البلد إلى المجهول، وكلامهم عن تواطؤ المجلس العسكرى وانحيازه إلى تيار دون آخر، لغو مرسل لايليق.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات