تفاءلوا - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 7:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

 تفاءلوا

نشر فى : الإثنين 30 يناير 2012 - 9:05 ص | آخر تحديث : الإثنين 30 يناير 2012 - 9:05 ص

أختلف مع كثيرين ممن رأوا فى الجلسة الافتتاحية لمجلس الشعب أسبابا للإحباط والتشاؤم، بل على العكس أرى فيها أسبابا للفرح بالثورة وبأولى ثمراتها الحقيقية: برلمان جاء باختيار حر وبانتخابات نزيهة لأول مرة منذ ستين عاما، وماجرى فى الجلسة الإجرائية وخصوصا تلاوة القسم أمر طبيعى، فالمجلس كله إلا قليلا، هم أعضاء يدخلونه لأول مرة، وبعد أن كان هؤلاء محظورا عليهم العمل بالسياسة وربما الكلام أصلا، هاهم يجلسون على الكراسى ذاتها التى استبد بها زورا وبهتانا نواب الحزب الوطنى المنحل لدورات متتالية، بل إن بعضهم كان فى سجون النظام السابق حين قامت الثورة، ومنهم النائب الإخوانى سعد الكتاتنى، فإذا به الآن يجلس على مقعد الرئاسة، فيما يقبع فتحى سرور فى غرفته السابقة بسجن طرة.

 

يحتاج النواب الجدد إذن بعض الوقت كى يدركوا ما هم مقبلون عليه، وسيكون على تيار الأغلبية الإسلامية، وفى القلب منه حزب الحرية والعدالة، أن يقدم نموذجا لحماية الأقلية البرلمانية وتمكينها من التعبير عن ذاتها، والمشاركة بفاعلية فى صنع المستقبل، وأن يحترم قبل غيره حق الاختلاف، وأن يحتضن الرؤى التوافقية ويشجعها، وأن يجتث ثقافة الإقصاء والإبعاد من جذورها، ويحيى بديلا عنها روح التعاون والمشاركة والتنافس فى خدمة الوطن، بمنطق المشاركة لا المغالبة، وأن يؤكد قبل ذلك ومعه، ولاءه لشعارات الثورة الكبرى: عيش، حرية، عدالة اجتماعية، مدركا أن الطريق لن يكون ممهدا، وأن العقبات ستتوالى، بعضها نتاج سنوات طويلة من الكبت والقمع والحرمان، وبعضها يصنعه من يمارسون السياسة بمنطق المكايدة، ولا يصدقون أنها ــ السياسة ــ لا تعرف العداوات الدائمة، وتجنح إلى التوازنات وتغليب أنصاف الحلول فى كثير من الأحيان، لتحقيق المصالح العليا للوطن، خصوصا فى ظروف دقيقة كالتى نمر بها.

 

اختار الشعب الإخوان ليقودوا سفينة الوطن فى هذا الوقت العصيب، وعليهم أن يردوا التحية بأحسن منها، ليس فقط لمن منحوهم ثقتهم، وإنما أيضا لمن صوّتوا لغيرهم، فهذه هى مسئولية الأغلبية، وهذا هو شرط النزاهة.

 

على البرلمان الجديد أن يبدأ العمل فورا وفق أجندة واضحة، وأن يعتاد العمل تحت ضغوط شارع انطلق للنور فجأة بعد سنوات طوال من الظلم والإظلام، وقد يغشى بصره أحيانا وهج النور المفاجئ، أو يلجم بصراخه صوت العقل والحكمة، لكنه إن اطمأن عاد إلى صوابه، واستعاد اتزانه ورشاده، وأظن أن برلماننا الخالى من عز وعزمى وسرور ورفاقهم سيفعل، تفاءلوا.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات