تكنولوجيا التعليم وتعليم التكنولوجيا - محمد زهران - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 7:37 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تكنولوجيا التعليم وتعليم التكنولوجيا

نشر فى : الجمعة 29 سبتمبر 2023 - 7:30 م | آخر تحديث : الجمعة 29 سبتمبر 2023 - 7:30 م
الكل يتحدث عن الذكاء الاصطناعى سواء عن علم أو بغير علم خاصة أنه أصبح حديث العالم و«الموضة» التكنولوجية الجديدة. الشىء الجميل فى الموضوع هو اهتمامنا بالتكنولوجيا الحديثة. الشىء الذى يجب أن ننتبه له هو نوعية المحاضرات التى تتكلم عن الذكاء الاصطناعى، نحتاج إلى ثلاثة أنواع من المحاضرات:
• النوع الأول يتكلم عن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى ونقاط قوتها وضعفها ومستقبل هذه التكنولوجيا. من يتكلم فى هذا الموضوع يجب أن يكون باحثا فى هذا المجال من تخصص هندسة وعلوم الحاسب سواء فى جامعة أو شركة.
• النوع الثانى هو تطبيق الذكاء الاصطناعى فى مختلف مجالات الحياة مثل الصحة والزراعة والإعلام إلخ. المتحدث فى هذا النوع من المحاضرات يجب أن يكون ملما بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعى من حيث الاستخدام وخبيرا فى تخصصه الذى سيستخدم فيه هذه التكنولوجيا.
• النوع الثالث من المحاضرات تتحدث عن تأثير استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى على الأفراد وعلى المجتمع ككل. هذا يستلزم خبراء فى علم النفس وعلم الاجتماع ولهم معرفة بتلك التكنولوجيا بشكل عام.
مقالنا اليوم يتحدث عن النوع الثانى، سنتحدث عن تأثير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى على العملية التعليمية ثم سنتطرق إلى ما يجب تدريسه للطلاب عن تلك التكنولوجيا.
...
التكنولوجيا تساعد المدرس كما تساعد الطالب. مثال: منذ عدة أسابيع أجريت تجربة مع برنامج (chatGPT) وأخبرته أن دوره سيكون أستاذا لمادة كذا (المادة التى أدرِّسها) لمرحلة الدراسات العليا وعليه وضع ثلاث أسئلة فى النقطة كذا من المادة مع إعطائى إجابتها التفصيلية، وقد أعطانى فعلا المسائل الثلاث لكنى وجدتها ليست بالصعوبة الكافية فطلبت منه مسائل أصعب وقد كان. إذا التكنولوجيا تساعد فى تحضير المادة التعليمية، ولكن يجب أن يراجعها الأستاذ لأننا حتى الآن على الأقل لا نثق تماما فى مخرجات تلك البرمجيات ثقة لا تستلزم المراجعة بعدها. لكن ماذا عن الطالب؟
...
يجب أن نعترف أن الطلاب سيستخدمون تلك التكنولوجيا مثل (chatGPT) سواء شئنا أم أبينا، لذلك لا يجب أن نمنعها بشكل رسمى فى المدارس والجامعات، لكن يجب تقنين استخدامها. هذا معناه أنه يجب تعديل الواجبات والمشاريع التى تُعطى للطالب آخذين فى الاعتبار أنه سيستخدم تلك البرمجيات. هذا لا يعنى مجرد تطوير وسائل كشف الغش، لكن أيضا تعليم الطلاب كيف يستخدمون تلك التكنولوجيا للحصول على المعلومة ثم التأكد منها ثم تنقيحها. تلك التكنولوجيا تستطيع مثلا تلخيص بحث علمى وهذا يوفر بعض الوقت للطالب لكن الربط ما بين الأبحاث لاستخراج فكرة جديدة هى مهمة الطالب. هناك الكثير مما يمكن قوله عما تستطيع تلك التكنولوجيا عمله لمساعدة الطالب لكن كما قلنا يجب أن نقنن ذلك لأن تلك التكنولوجيا لها مساوئ.
...
برمجيات مثل برمجيات المحادثة تساعد الطالب الكسول أو محدود القدرات ليكتب تقارير تبدو للوهلة الأولى أنها مكتوبة بعمق ودقة واحترافية، لكنى قلت «للوهلة الأولى» لأنه مع التدقيق سنجد أبحاثا قد غفل عنها التقرير أو معلومات مهمة ناقصة أو حتى معلومات خاطئة. قد نجد التقرير مكتوبا بلغة تفوق قدرات هذا الطالب. لذلك يجب مناقشة الطلاب فى تلك التقارير.
...
الجزء الثانى من عنوان مقال اليوم يتحدث عن تعليم التكنولوجيا. نحن فى عصر تسيطر عليه للأسف الشركات عابرة القارات والتى همها الأول هو الربح. لذلك عند التعيين فإنهم يبحثون عن المهارات، أى أن الدرجة الجامعية وحدها لا تكفى، لذلك قد نرى بعض الشركات المتخصصة فى تطوير البرمجيات تعين شخصا تخرج فى كلية أدبية أو لم يحصل على درجة جامعية أصلا لكنه بارع جدا فى البرمجة. لقد تحدثنا فى مقالات سابقة عن أهمية الحياة الجامعية فى بناء الشخصية وتطوير طريقة التفكير لكننا الآن نريد أن نركز على الجزء المتعلق بالمهارات.
فى هذا العصر الذى نعيش فيه حيث تتطور التكنولوجيا على مدار الساعة يجب أن يتم تدريب الطلاب على المهارات المتعلقة بالتكنولوجيا مثل التعامل مع برمجيات الذكاء الاصطناعى فى مرحلة مبكرة من الرحلة الدراسية، ولن نبالغ لو قلنا منذ المرحلة الابتدائية. فمثلا:
• الخطوة الأولى من الممكن تعليم الأطفال ماهية الذكاء الاصطناعى ونجعلهم يتعاملون مع بعض الألعاب التى تستخدم تلك التكنولوجيا حتى يشعروا بكيفية التعامل مع تلك التكنولوجيا.
• الخطوة الثانية نشرح لهم ببساطة ماهية الذكاء الاصطناعى وكيف يعمل.
• الخطوة الثالثة هى تدريبهم على تطوير برمجيات بسيطة للذكاء الاصطناعى بلغات برمجة مصممة للمرحلة السنية الصغيرة. هناك لغات تصلح للسن دون العاشرة.
• الخطوة الرابعة تعتمد على تخصص الطالب، الخطوات الثلاث السابقة تنتهى عند المرحلة الإعدادية. فى المرحلة الثانوية يتجه الطالب إما للتخصصات العلمية أو الأدبية. حسب التخصص يتدرب الطالب على استخدام الذكاء الاصطناعى فى تخصصه فى المواد الأدبية أو العلمية فالذكاء الاصطناعى قد ضرب بسهم فى جميع المجالات تقريبا.
• الخطوة الخامسة هى المرحلة الجامعية وتشبه الخطوة الرابعة لكن بتعمق أكبر.
...
الخطوات السابقة قد تصلح كنقطة بداية لإدخال مهارات استخدام الذكاء الاصطناعى فى المرحلة المدرسية ثم الجامعية. أقول نقطة بداية لأنها جاءت بعد تفكير سريع من كاتب هذه السطور وقد تحتاج إلى تمحيص وتعديل عندما تنزل إلى أرض الواقع.
استخدام التكنولوجيا فى التعليم هو فى نفس أهمية تعليم التكنولوجيا.
محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات