كيف نواجه سد النهضة؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف نواجه سد النهضة؟

نشر فى : الأربعاء 29 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 29 مايو 2013 - 8:00 ص

مأساة ان يفكر جزء كبير من نخبتنا السياسية والفكرية بنفس منطق جمهور الدرجة الثالثة لمشجعى الكرة وروابط الألتراس.

 

 ان يكون السب والضرب والانتقام والهجوم والعدوان هو أول شىء يخطر على بال الشخص أو الحزب أو الجماعة لحل مشكلة سياسية او اجتماعية، فاعلم أن هناك خللا كبيرا فى هذا المجتمع وسلامته النفسية.

 

 إذا كنا نستنكر هذا السلوك بين الباعة الجائلين، عندما يتشاجرون بالمولوتوف والأسلحة البيضاء، فالمنطقى ان نضع يدنا على قلوبنا عندما ينتفض السياسيون والمثقفون للمطالبة بتوجيه ضربات انتقامية لسيناء بعد حادث خطف الجنود دون ادراك للعواقب. نفس هذا التفكير الانفعالى انتشر بعنف فى الساعات الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعى عقب الإعلان عن أن إثيوبيا قررت تحويل مجرى النيل الأزرق تمهيدا لبدء الخطوات الفعلية فى إنشاء سد النهضة.

 

سمعنا البعض يطالب رئيس الجمهورية والجيش بسرعة توجيه ضربة للسد الإثيوبى باعتباره خطرا على الأمن القومى المصرى.

 

انشاء السد قد يمثل خطرا فعليا على حصتنا من مياه النيل البالغة 55 مليار متر مكعب سنويا، وهناك تقديرات تقول انه قد يتسبب فى نقصان الحصة بنحو 18 مليار متر. أديس أبابا تنفى ذلك وتقول ان هدفه الرئيسى ليس المياه بل توليد الكهرباء. لكن شبه المؤكد ان الدبلوماسية المصرية يبدو أنها وصلت لنتيجة انها ستتعايش مع هذا السد مع الحصول على بعض الضمانات.

 

مشكلتنا مع إثيوبيا قديمة جدا بشأن مياه النيل بسبب اعتراضها هى وغالبية بلدان حوض النيل على اتفاقية 1929 التى تعطى مصر حق الفيتو على أى مشروعات مائية، هذه الأزمة تفاقمت فى السنوات الأخيرة لأسباب متعددة منها اهمال نظام مبارك الإجرامى لهذا الملف، وتطور الحياة فى هذه البلدان وحاجتهم للكهرباء وتفكيرهم فى مشروعات متنوعة، وأيضا للدور الخارجى الذى يفكر فى ايذاء مصر.

 

إدارة محمد مرسى ليست السبب الجوهرى فى هذه المأساة، لكن عندما تكون حكومته غير قادرة على ابعاد الباعة الجائلين عن احتلال شارع طلعت حرب ومنطقة وسط البلد وغالبية محطات المترو، وعندما تكون عاجزة عن تأمين موكب هشام قنديل أو وزير الداخلية نفسه، فإن الرسالة التى تصل إلى إثيوبيا ان رد الفعل المصرى على إنشاء السد وتحويل المجرى سيكون مجرد بيانات صحفية.

 

الطبيعى أن تكون فى أيدينا أوراق ضغط كثيرة لنحافظ على حقوقنا، وليس منطقيا أن تكون ورقة التهديد بالتدخل العسكرى هى رقم واحد.

 

 المنطقى ان تكون هناك مصالح اقتصادية كبرى تقنع أى دولة فى حوض النيل بأنها ستخسر كثيرا إذا أنشأت اى مشروع يضر مصر.

 

تخيلوا لو ان مصر هاجمت سد النهضة، فما هو السيناريو اللاحق، هل سنرسل قوات دائمة تحتل إثيوبيا لمنعهم من إقامة السد؟!.

 

فى قضية سد النهضة نحتاج ان نكون متوافقين داخليا، وان تكون هناك رؤية واحدة، واتصالات ومفاوضات ولقاءات مع الجانب الإثيوبى وبقية بلدان الحوض وان نمد يدنا للتعاون مع الأشقاء الأفارقة.. عندما نستنفد كل هذه الحلول وتتهدد مصالحنا بالفعل يمكن أن نفكر فى الحل العسكرى.

 

اخطر ما فى قرار اثيوبيا الاخير انه يكشف انكشافنا الشامل وهو اننا على الناس من محمد حسنى مبارك الى محمد مرسى!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي