الثقافة التي قتلت - أيمن الصياد - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثقافة التي قتلت

نشر فى : الأحد 28 أكتوبر 2018 - 12:00 ص | آخر تحديث : الأحد 28 أكتوبر 2018 - 10:37 ص

أود أن أشير أولا إلى أنه لا يوجد عربي «حقيقي» كان يتمنى أن تواجه السعودية / العربية (بفعل بعض أبنائها، وبفعل ثقافة تراكمت، فترسخت) ما تواجهه الآن. 

كما أود أن أشير مرة أخرى إلى أننا في هذه الجريدة، وعلى الرغم من كل القرائن والشواهد وارتباك البيانات الرسمية، وعلى الرغم من قائمة من الأسئلة «المفتوحة» التي يظل التهرب منها إدانة في حد ذاته، وعلى الرغم مما ذهب إليه فريق التحقيق «المشترك» من أن القتل غدرا وغيلة كان مرتبا ومخططا، حرصنا، مهنيا على ألا نستبق تحقيقات نعرف بأنها قد لا تكتمل أبدا. 

ولكن يبقى على هامش دفتر التحقيق، ما يستحق ربما أن نفكر فيه بهدوء. 

من قتل جمال (وكل جمال) ليس مجرد فرد أو مجموعة أمنية رسمية (وإن فعلت)، بل قتلته، وقتلتهم قبل ذلك ثقافة تسمح بذلك

بعض الذين يستنكرون ما يقولون إنه مبالغة في الاهتمام بالواقعة، يتحججون بمقولة إنه «ليس الأول». أتفق معهم. وأضيف: «وليس الأخير». ولكن تمهلوا من فضلكم، فلهذا بالضبط، نهتم بما جرى. لأننا ببساطة نراها واقعة «كاشفة» لواقعنا العربي (وليس السعودي فقط، بالمناسبة)، ولما وجب علينا أن نراه واضحا، وصريحا، إن كنا نريد تغييرا «حقيقيا» لا يسمح بتكراره، وإن كنا نريد خطوة حقيقية «لا دعائية» نحو المستقبل.

ربما كنا بحاجة إلى أن نخرج أولا من «حلبة الملاكمة»؛ هجوما ودفاعا. ونعود إلى الخلف خطوتين، علنا نرى الصورة جلية واضحة، فنحسن الوصف «والتوصيف».

ما أقرت به «البيانات الرسمية»، ولم يعد بالتالي محلا للجدال: أن «مواطنا لا يحمل سلاحا قُتل في حرم قنصلية / ممثلية بلاده، وعلى يد نفر من المسؤولين الرسميين». 

أغرقتنا التفاصيل، وصخب العراك، فغفلنا عن ما في الحقيقة التي اتفقت عليها البيانات «الرسمية» من دلالات. أرجوكم اقرأوا العبارة مرتين. 

لا علاقة لي هنا بمجريات «تحقيق» جنائي، أو سياسي. بل أحاول القراءة فيما لن يدونه المحققون (السعوديون، أو الأتراك، أو حتى الدوليون) في ملف القضية. فعلى هامش الأوراق التي ستكون في النهاية أمام هيئة المحكمة، إن عقدت محكمة ما أحسب أن علينا أن نتدبره.

هل كان يمكن لمن ارتكب تلك الجريمة / المأزق (ومثلها كثير، وإن اختلفت التفاصيل) أن يفعل لو لم تكن هناك منظومة مجتمعية وثقافية وسياسية تسمح بذلك؟

أحسب أن هذا هو السؤال الرئيس. أو بالأحرى هو السؤال الباقي، بعد أن يهدأ الصخب، مثله مثل كل صخب.

ثقافة تسمح بأن يظن من يملك القوة؛ سلاحا كان، أو نفوذا، أو تراتبية اجتماعية أوسياسية أن لا تثريب عليه. لأنه يعرف أن لا أحد يجرؤ على سؤاله

أزعم أن من قتل جمال (وكل جمال) ليس مجرد فرد أو مجموعة أمنية رسمية (وإن فعلت)، بل قتلته قبل ذلك ثقافة تسمح بذلك.

ثقافة «شوفينية أو دينية» مشوهة تسمح بأن يظن من قتل جمال (وكل جمال)، عبر تاريخنا كله أنه إنما يقوم بواجبه لصالح الوطن، أو لرفعة الدين وإعلاء كلمة الله.

ثقافة تسمح بأن يظن من يملك القوة؛ سلاحا كان، أو نفوذا، أو تراتبية اجتماعية أوسياسية أن لا تثريب عليه. فهو يعرف أن لا أحد يجرؤ على سؤاله، فمابالك بمساءلة أو محاسبة.

ثقافة لا تسمح للمرءوس أن يراجع رؤساءه في هذا الأمر أو ذاك. فأحلامهم أوامر. ولهذا ربما (أكرر: ربما) لم يراجع أي من الذين أوكل إليهم تنفيذ جريمة القنصلية من نقل إليهم الأوامر، كما أن من نقل الأوامر لم يكن ليراجع قطعا من أصدرها. يالها من ثقافة قاتلة.

حكى لى يوما من كان المسؤول الأول عن أحد الأجهزة الأمنية في بلد عربي أن «الرئيس» لم يكن أبدا يقول ما يريد، أو بالأحرى ما علينا فعله مع هذا أو ذاك، بل تكفي إشارة من عينيه، لتجتهد الحاشية (وما أدراك ما يعنيه هذا الاجتهاد) ليس في فهم إشارة الرئيس، بل في «المنافسة في تلبيتها».

أزعم أن من قتل جمال (وكل جمال) ليس مجرد فرد أو مجموعة أمنية رسمية (وإن فعلت)، بل قتلته قبل ذلك «ثقافة» تسمح بذلك.

من قتل جمال (وكل جمال) هي هذه البطرياركية الأبوية، التي كتب عنها هشام شرابي قبل ثلاثين عاما. (١٩٨٨) فلم نقرأ. 

قتل جمال خاشقجي أولئك الذين قتلوا الحلاج (قبل أحد عشر قرنا) ليخرسوه. ثم عاد ورثتهم الأوفياء للثقافة ذاتها ليخرسوا كل رأي «آخر»، أو كل من يغضب عليه ولي الأمر؛ زعيما كان ولي الأمر هذا أو خليفة أو ملكا أو رئيس حزب حاكم، أو أميرا لجماعة دينية في الموصل، أو سيناء، أو في أقاصي الصعيد. لا فرق. كلهم يعتقدون أنهم يملكون الحقيقة المطلقة.  

هي الثقافة ذاتها. لا اختلاف مسموحا به مع ما يقول به الحاكم (وفقهاؤه). ولا فارق أن يأتي الأمر بالقتل من سلطة مستبدة، أو من فقيه، أو من أمير لجماعة تكفيرية

هي الثقافة ذاتها: الذين صلبوا الحلاج، وقطعوا أطرافه، ورموا ما بقى منه في نهر دجلة خوف «الثورة» زمن الاضطرابات السياسية والأزمات الاقتصادية الطاحنة، هم الذين جلدوا أحمد بن حنبل (الإمام) لا غيره. وهم الذين أحرقوا عبدالله بن المقفع صاحب «كليلة ودمنة»، والرسالة «الهاشمية» التي أوغرت صدر الخليفة. (وهي قصة تستحق العودة إليها في مقال مستقل). وهم الذين وأدوا الربيع العربي الذي كان يبشر بحرية الكلمة.

هي الثقافة ذاتها. لا اختلاف مسموحا به مع ما يقول به الحاكم (وفقهاؤه). ولا فارق أن يأتي الأمر بالقتل من سلطة مستبدة، أو من فقيه، أو من أمير لجماعة تكفيرية.

هي الثقافة ذاتها؛ ثقافة لا تنتمي لهذا العصر، ، فما بالك بمستقبل يتزينون بلافتاته.

 ثقافة أخذت من الجاهلية أسوأ ما فيها: «العصبية».

وأخذت من الرأسمالية أسوأ ما فيها: أن «المال وحده يحكم». 

وأخذت من الإشتراكية أسوأ ما فيها: «قمع الستالينية»، ودولة الحاكم الفرد. 

وأخذت من تاريخنا الإسلامي أسوأ ما فيه: فقه الحاكم المتغلب، و«السمع والطاعة» بلا رقيب ولا معقب.

وكان «ذهب المعز وسيفه» دائما هناك. 

 

***

ثم كان أن قتل جمال خاشقجي أولئك الذين يبدون «متعارضين»، ولكنهم في النهاية «متفقون» في السمع والطاعة، لا يهم إن كانت للمرشد، أو للأمير، أو الرئيس. هي ثقافة واحدة، وإن استل كلٌّ سيفه في مواجهة الآخر. 

الذين قتلوا جمال خاشقجي هم الذين لا يقبلون بغير «إلغاء الآخر»، أو على الأقل إخراسه. أنظمة كانت، أو أجهزة أمنية، أو تنظيمات وجماعات متطرفة. 

الذين قتلوا جمال خاشقجي هم الذين قتلوا ناجي العلي (١٩٨٧)، وسمير قصير (٢٠٠٥)، وشكري بلعيد (٢٠١٣)، وفرج فودة (١٩٩٢). والذين تنادوا على شاشاتهم يوما لإحراق (كل) المنتمين لطائفة بعينها، أو لتيار إسلامي بعينه (هكذا على الهوية). 

قتل جمال خاشقجي أولئك الذين حاولوا قتل نجيب محفوظ (١٩٩٥)، وعلي فرزات رسام الكاريكاتير السوري الذي أغضبت رسوماته بشار الأسد فأرسل «شبيحته» ليؤدبوه (أغسطس ٢٠١١). هل يختلف شبيحة الأسد الأمنيون عن أولئك الأمنيين الذين ذهبوا إلى إسطنبول لتأديب خاشقجي، أو لإخراسه؟!  

قتل جمال خاشقجي ليس فقط الذين ذهبوا إلى إسطنبول، بل قتله الهتلريون الذين أحرقوا الكتب «لأنها تتضمن أفكارا لا تروقهم». والستالينيون الذين اضطهدوا الكتاب والمثقفين «خوفا من التأثير على عقول الجماهير» وقتله المكارثيون الذين أشاعوا الخوف عند كل من يملك قلما أو فكرا «مختلفا».

قتل جمال خاشقجي أولئك الذين لا يختلفون في التحليل النهائي عن الذين قتلوا غسان كنفاني في بيروت (١٩٧٢)، وحاولوا إخراس كل من طرح أسئلة؛ مجرد أسئلة حول الأرقام التي راجت حول مذابح الهولوكوست. فأوسعوا المؤرخ البريطاني دافيد إيرڤينج ضربا (١٩٩٢) لِتَجَرُّئِه على طرح السؤال.

***

قتل جمال خاشقجي أولئك الذين استمرأوا أوضاعا دفعت بآلاف الأبرياء إلى غياهب السجون، أو إلى تلك المنافي القسرية

قتل جمال خاشقجي أولئك الذين استمرأوا أوضاعا دفعت بآلاف الأبرياء إلى غياهب السجون، أو إلى تلك المنافي القسرية.

وأولئك الذين يسمون أنفسهم بالليبراليين ثم لم تتسع ليبراليتهم المشوهة تلك بحق التعبير (ناهيك عن حق الحياة) لمن يسمون أنفسهم بالإسلاميين.

قتل جمال خاشقجي أولئك المثقفون «المتفقون» دوما مع ما يقوله الحاكم (أي حاكم) طمعا ورهبة.

وقتله أولئك الذين يخشون الكلمة فيتفنون في «حياكة» قوانين تقيد من حرية الصحافة والتعبير. أولئك «الترامبيون» الذين لا يحبون الصحافة، بل يؤلبون الناس عليها. 

ثم كان أن قتل جمال أولئك الذين استمعوا إليه يوم كتب ناصحا بعدم التصدي للسلطة الغاشمة التي لا تعرف إلًّا ولا ذمة ولا رحمة. 

***

أستغرب أن هناك من يظن أن بإمكانه أن يحارب «التطرف الفكري» بسلاح المتطرفين ذاته؛ «مصادرة الرأي الآخر». 

وأقول للمرة الألف إنني اختلفت مع جمال كثيرا (كما أوضحت في مقالي الأول عن «واقعته»). ولكنني، سواء اتفقت معه أو اختلفت ممن يؤمنون بأنه «لا حق لك في إبداء رأيك إن لم تدافع عن حق الآخرين في أن يكون لهم رأي مخالف». وممن يؤمنون بأن في التنوع الفكري ثراء. وأن الله قد خلق لنا عقولنا لا لكي نسمع فنطيع، بل لكي نسمع فنفكر وننقد. وأن بالتفكير النقدي وحرية التعبير وحدهما تقدمت المجتمعات. أما القول بأن «من اعترض انطرد» فله سياقاته الروحية التي لا محل لها هنا من إعراب. 

***

لم يُقتل جمال فقط في هذا اليوم المشئوم الثاني من أكتوبر، بل قُتل ألف مرة بعد ذلك.

قتله أولئك الذين استكثروا علينا الاهتمام بقتله.

وقتله أولئك الذين لديهم ما يخفونه فاعتبروا الاهتمام بقتله (أكرر: بقتله) مجرد «هيستريا».

قتله إعلام استكثر على خبر فاجعة مقتله (وهو كان يوما رئيسا لتحرير مطبوعتين كبيرتين) تغطية لم تعطها للخبر غير مطبوعات أجنبية من الشرق والغرب. 

قتله زملاء مهنة وجدوا كراسيهم ومميزاتها «أبقى من دمائه». 

وقتلته مؤسسات دينية رسمية، لم تخرج بياناتها لتذكرنا بما نعرف من أن قوما قبلنا هلكوا «لأَنَهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ» بل لتذكرنا بالطاعة الواجبة لأولي الأمر. 

وقتله أولئك الذين تمترسوا في عصبيتهم وقبليتهم فظلوا يرددون الأكاذيب «الرسمية» لثمانية عشر يوما كاملة.

قتله الذين اعتبروا أن الانتصار للقبيلة، أولى من الانتصار للمظلوم. الذين نسوا ما قاله رسولهم الكريم من أن الانتصار لأخيك الظالم «يكون بالأخذ على يديه»

وقتله أولئك الذين لم تردعهم أخلاقهم، فعرضوا بخطيبته على مواقع التواصل الاجتماعي بإسفاف استدرج إليه للأسف مسؤولون رسميون.

وقتله أولئك الذين حاولوا خروجا من مأزقهم أن يشوهوا الرجل للإيحاء بأنه «يستحق القتل» هكذا خارج القانون.

قتله من أجبر من يعرفون الحقيقة على الصمت. ومن أجبر آخرين على الكذب؛ خوفا أو طمعا. 

وقتله كل هؤلاء الذين يريدون أن يقلبوا الصفحة، لنعود إلى المربع ذاته، الذي يسمح بأن يموت ألف جمال جديد، لا لسبب غير أنه قال كلمة لم تعجب هذا الحاكم أو ذاك. أولئك الذين (لأسباب مختلفة) يريدون لنا أن نعود إلى ما كان عليه الحال قبل أن تكشف دماؤه الغطاء عن واقع الحريات والقهر في عالمنا العربي. فتضيع دماؤه هدرا، كما ضاعت دماء وتضحيات الكثيرين قبل ذلك. كأن شيئا لم يكن. 

***

وقتله كل هؤلاء الذين يريدون أن يقلبوا الصفحة، لنعود إلى المربع ذاته، الذي يسمح بأن يموت ألف جمال جديد

لم يُقتل جمال فقط في هذا اليوم المشئوم الثاني من أكتوبر، بل قُتل ألف مرة بعد ذلك.

قتله أيضا كل أولئك المتاجرين بقضيته.

وقتله المتعصبون الذين أفرغوا القضية من إنسانيتها، ليأخذوها «مسيسة» إلى ميدان معركتهم الاستقطابية (القبلية) التي لا يبدو لها نهاية.

وقتله أولئك الذين كانوا على استعداد لغض الطرف حتى لا تضيع عليهم صفقات وعقود بالمليارات؟ هل سمعتم ترامب صريحا يقول: إنه لن يضيع ٤٥٠ مليارا من الدولارات من أجل واحد «مات».

وقتله بين ظهرانينا من يظنون أن الرخاء الاقتصادي؛ مليارات ومشاريع طموح يمكن أن تغنينا عن الاهتمام بحقوق الإنسان، أو بروح بريئة أزهقت. ناسين أن «الظلم يذهب البركة»، وأنه «مؤذن بخراب العمران» كما تعلمنا من ابن خلدون.

وقتله حتى من خدرته نظريات المؤامرة، فاستراح لتعليق الجرس في رقبة الآخرين. غافلا عن حقيقة أن من الطبيعي أن يتآمر أعداؤك عليك، فهكذا شأن الأعداء (بل وواجبهم) في كل زمان ومكان. ولكن أسوأ المتآمرين عليك هي أفعالك التي تفتقد الحكمة فتنقلب عليك. 

قتل جمال، أو بالأحرى استهان بقتله أولئك الذين لم يدركوا بعد أن هذا عالم لا يمكنك فيه هكذا أن تتجاهل قيما مثل «الحق في التعبير» و«حرية النشر والانتقاد» و«سيادة القانون»؛ أولئك الذين بحاجة إلى أن يرجعوا ويراجعوا المادة التاسعة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

***

وبعد..

فلعلي بحاجة لأن أُذكر بما كتبته هنا قبل أسبوعين: «عرفت جمال قليلا.. واختلفت معه كثيرا». ولذلك فأنا هنا لا أتحدث عن الرجل، الذي ذهب إلى ربه؛ الذي « يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى الصُدُورُ»، حيث «العدل المطلق»، وحيث سيدفع كلٌّ ثمنَ ما فعل، مهما حاول (في دنيانا هذه) إخفاءه. 

…………….

كما أن هذا ليس، كما قد يراه البعض، حديثا في شأن داخلي سعودي، بل هو شأن عربي بامتياز، نحن هنا نتحدث عن ثقافة حكم ترسخت «وتشوهت» في عالمنا العربي والإسلامي كله على مدى أربعة عشر قرنا ورثت فيها ثقافتنا تلك من الجاهلية أسوأ ما فيها. واستلت من النصوص «المقدسة»، ما يمكن تأويله تدعيما لتلك الثقافة البطرياركية السلطوية، التي أخذتنا في نهاية المطاف إلى ما صرنا إليه؛ سمعا وطاعة.. ودماء. 

…………….

يبقى أن أحدهم كان قد سألني ــ على «تويتر» ــ يوم جلس الكل يترقب متمترسا في مربع أمنياته: وماذا تتمنى أنت؟ 

وكانت إجابتي بنصها الذي لا أحيد عنه: «أتمنى أن تصبح بلادنا العربية «قوية». ولن تكون كذلك إلا إذا عرفت «الديموقراطية» الحقيقية. وعرف مواطنوها، قبل صحفييها «حرية الرأي والتعبير»، بلا خوف ولا قمع. وتخلصنا من ثقافة «السمع والطاعة». وأدركنا أن «الولاء» يكون للوطن، لا الحاكم. 

أرجو أن أكون قد أجبتك» 

هكذا كان نص «التغريدة».. وهكذا ما أتصور أنه يلخص كل ما سبق عاليه.

ـــــــــــــــــــــــــــ

لمتابعة الكاتب:

twitter: @a_sayyad

Facebook: AymanAlSayyad.Page

ـــــــــــــــــــــــــــ

روابط ذات صلة:

عن «الإنسان» .. الذي اختفى

الصحافة حين تسأل 

عن الخليفة والأمير والرئيس .. و«الثقافة الحاكمة»

عن «الثقافة الحاكمة» .. عودة إلى هشام شرابي (٢)

ـــــــــــــــــــــــــــ

الرسوم:

١ـ كارتون للفنان الكوبي إنجيل بوليجان كوربو

٢ـ «حنظلة» أيقونة الرسام الفلسطيني الشهيد ناجي العلي

٣ـ جمال خاشقجي على صفحة كاملة من الواشنطن بوست

أيمن الصياد  كاتب صحفى
التعليقات