«زى سوريا والعراق» - نجاد البرعي - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 10:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«زى سوريا والعراق»

نشر فى : الثلاثاء 28 أكتوبر 2014 - 5:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 28 أكتوبر 2014 - 5:50 م

الحادث الإرهابى الجمعة الماضية كان ــ وفقا لبيان المنظمة العربية لحقوق الانسان ــ الهجوم الكبير الثالث فى سيناء والخامس فى مصر.

عقب كل عملية ارهابية محدودة التأثير أو واسعة الانتشار يتعمد عددا من الاعلاميين البدء بحملة كراهية ضد المؤسسات العاملة فى مجال الدفاع عن حقوق الانسان.

لو كنت مثلى ممن ابتليوا بالعمل فى هذا الميدان، فلابد انك تلقيت سؤالا حول رأيك فى تلك الجريمة ينتهى بتساؤل استنكارى من عينة «فين بتوع حقوق الانسان من شهداء الشرطة والجيش؟» أو «ما سمعناش صوتكم فى ادانة التفجيرات ولكن عند اقل انتهاك لحقوق المجرمين تثور ثائرتكم».

طبعا سوف يؤكد الصحفى النشط ان ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا قال «عندما يكون الامن القومى لبريطانيا مهددا فلتذهب حقوق الانسان إلى الجحيم».

بالمناسبة دافيد كاميرون لم يقل تلك العبارة. العبارة ابتكار امنى ثم تُركت لبعض الاعلاميين يروجون لها.

السفارة الانجليزية نفت ان يكون رئيس وزراء بريطانيا قال مثل تلك العبارة. لا يستطيع أى رئيس وزراء فى دولة محترمة ان يردد مثل تلك الاقوال. احترام حقوق الانسان هناك هو احترام للدستور والقانون، وتلك وحدها اكبر ضمانة لحماية الامن القومى. هناك اكتشفوا انهم لا يمكنهم التضحية بحقوق الانسان لأى سبب. تبادر المؤسسات الحقوقية بإدانة أى عمل ارهابى ايا كان حجمه أو عدد ضحاياه، فلا يتم نشر تلك البيانات. المؤسسات الحقوقية لا تمل من المطالبة بتعزيز قدرات الشرطة والقوات المسلحة ليمكن لهما القيام بعملهما. تطالب المجتمع بالالتفاف حولهما وحول اسر الشهداء وتقديم الدعم المعنوى والمادى ان امكن لهم. تقدم المؤسسات الحقوقية افكارا قانونية خلاقة يمكن لو استمعت اليها الحكومة بانتباه الحد من مخاطر الارهاب دون التضحية بحقوق الانسان. عندما فكرت الحكومة فى تشريع لمكافحة الارهاب كانت المؤسسات الحقوقية اول من حاول مناقشة المسودات التى طرحتها الحكومة وقدمت ملاحظات عليها ومقترحات لتحسينها. ادارت المؤسسات الحقوقية نقاشات حول موضوع الارهاب والتصدى له وقدمت افكارا حول المناهج الدراسية وكيف يمكن ان تساعد على مكافحة الارهاب لا ان تزيد منه. عشرات من الانشطة والمقترحات يرسلها الحقوقيون المصريون إلى الدولة فتلقيها فى اقرب سلة مهملات.

بالطبع لن تجد مؤسسة حقوقية محترمة توافق على رؤية الدولة بأن الارهاب لا يمكن اجتثاثه إلا بالتضحية بحقوق الانسان. البعض حتى من خارج الدولة يرون أن الدستور والقانون هما المسئولان عن انتشار الارهاب ويطالبون بإعطائهما اجازة، هذا امر خطير. نُقل عن سيادة المستشار الجليل عبدالله فتحى وكيل نادى القضاة قوله «لابد من محاكمات استثنائية، ومن قوانين استثنائية، ونحن فى انتظار قانون الإرهاب». ببساطة نحن نرى ان الارهاب يمكن مكافحته بتطبيق الدستور والقانون بكفاءة واحتراف وبحسن نية.

القوانين الاستثنائية والمحاكم الاستثنائية هى بالضبط من سيجعل مصر «زى سوريا والعراق».

التعليقات