أسمــاء - عز الدين شكري فشير - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسمــاء

نشر فى : الأحد 27 سبتمبر 2009 - 9:38 ص | آخر تحديث : الأحد 27 سبتمبر 2009 - 9:38 ص

 لم يخطر على بالى أنى سأكتب فى هذا الأمر يوما، لكن السؤال لا يتوقف، وأصبح الآن يأتينى من كل حدب وصوب ومن شخصيات مهمة فى المجتمع وكأن المسألة مسألة أمن قومى. نعم، اسمى فشير، اسم العائلة فشير، وهى عائلة مصرية ومسلمة منذ مئات السنين، لا هم ألمان، ولا هم يهود، ولا هبطوا من القمر، بل يأتى معظمهم من المنطقة المحيطة ببحيرة المنزلة.

أما فشير نفسه، رأس العائلة، فهو مثل الكثير من رءوس العائلات المصرية، لا أحد يعرف على وجه التحديد التاريخ الذى عاش فيه ولا سر كونه هو بالذات رأس العائلة وليس أبوه أو جده. هذا هو الموضوع، ببساطة شديدة.

حقيقة لا أفهم سر الاهتمام بالاسم. لكنى سُئلت هذا السؤال آلاف المرات، دون مبالغة.
وصرت أخترع إجابات عندما كنت أمَّل من السائلين: قلت لمذيعة تعمل فى إذاعة عربية بأستراليا أن رأس العائلة كان قرصانا ألمانيا تحطمت سفينته على الساحل المصرى وأحب امرأة مصرية وتزوجها واستقر بمصر (تاريخيا لم يكن هناك أبدا قراصنة ألمان)، وقلت لضابط الجوازات الإسرائيلى وأنا أعبر الحدود مع لبنان ــ حين كنت أعمل مع بعثة الأمم المتحدة هناك ــ إن أمى كندية (وصدقنى المسكين الذى يعمل فى «أقوى جهاز أمن فى المنطقة»)، ولكن رصيدى من القصص الملفقة قد نفد، ولم يتوقف السؤال.

وأريد أن أفهم، ويمكن لمن لديه الرد أن يرسله على بريدى الالكترونى، لماذا نسأل بعضنا عن تفسير الأسماء؟ ومن منّا اسمه لا يدعو للسؤال أو للتندر؟ هل هناك أحد اسم عائلته محمد أو سمير أو جورج أم أن كل أسماء العائلات «غريبة»؟ هناك أسماء تشير لمهن، مثل الحطاب والبصال والجمال، وأسماء تشير لأماكن، مثل الطنطاوى والبنهاوى والغزاوى والبحيرى، وأسماء صفات، مثل حبيب ونظيف وجميل والطويل، وأنواع أخرى كثيرة منها أسماء لا تعنى بالضرورة شيئا نعرفه.

فما أهمية أصل الاسم: لماذا نسأل الناس عن سر أسمائها، وكأن هناك سرا، وكأن الأمر يعنى شيئا؟

هل هو مجرد فضول وتدخل ثقيل الظل فى خصوصيات الغير؟ أم هى رغبة دفينة فى التشابه وفى رفض الاختلاف؟ وهل الأسماء مادة صالحة للتندر والتنكيت؟ ما المضحك فى الأمر عندما تتندر على اسم من تحدثه؟ الحقيقة أنك حين تفعل ذلك فإنك تأتى بأكثر أشكال النكات بديهية وسهولة وأقلها إضحاكا. اسمه حمام فتقول له شيئا عن الطيور، اسمه رمضان فتقول شيئا عن الصيام أو الشهور، اسمه ذكى فتقول شيئا عن الغباء، وهكذا. لكن هل يخطر ببالك أن آلاف البشر قبلك قد قالوا له نفس «النكته» البديهية أم تتصور أنك أول ظريف يقابله هذا الشخص؟

شباب الجيل الجديد يطلق على هذا النوع من التندر والتنكيت لفظ الـ«ألش»، وهى كلمة كانت تستخدم فى كرة القدم لوصف تسديدة ضلت طريقها للمرمى، فيقول المعلق أن الكرة «ألشت». شبابنا يستخدمها فى وصف الاستظراف الفاشل، وهو معنى قريب من الاستخدام الأصلى للكلمة. الألش أن تحكى نكتة سخيفة أو قديمة مكررة وأنت تتصور أنها مضحكة.

كفانا ألش. ليس هناك مايضحك فى أسماء الناس، وإن كان، فثق تماما أن صاحب الاسم قد سمع أوجه الإضحاك الممكنة كلها قبل أن يقابلك. نجيب الريحانى ــ الأستاذ حمام مدرس اللغة العربية فى فيلم غزل البنات ــ نفد صبره من تكرار التندر على اسمه، فرد على محدثه ساخرا بدوره: «أيوه حمام، حمام، أبويا وامى سمونى كده عشان كل واحد يسألنى عن اسمى يتريق عليه شوية». أتذكر رد الريحانى كلما سألنى أحد: إيه؟ فيشر؟ فشار؟ فشور؟ وأريد أن أجيب: أيوه ياظريف، يا خفيف الدم، برافو عليك أن انتبهت لغرابة الاسم وطلعت بنكتة عليه، يا سريع البديهة، ياللى نباهتك مش على حد. لكن يمنعنى الأدب، فابتسم ابتسامة مبتسرة وأسكت، لكن صوت الريحانى يرن فى أذنى.

www.ezzedinechoukri.com

التعليقات