من الشعب للنخبة.. ارحمونا يا جماعة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 1:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من الشعب للنخبة.. ارحمونا يا جماعة

نشر فى : الإثنين 27 يونيو 2011 - 8:58 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 يونيو 2011 - 8:58 ص

 ما الذى تتوقعه النخبة من الناس، حين يرون أن الديمقراطية التى يتشدقون بها ليست سوى نطاعة وبجاحة وقلة أدب؟

ما الذى يتوقعونه حين يضيّعون أحلامهم المشروعة فى الحرية والعدالة والحياة الكريمة، وسط هذا الركام من الضجيج المفتعل حول «الدستور أم الانتخابات أولا»؟، وهى قضية ظن الناس أنها حُسمت فى استفتاء شعبى حر.

ما الذى يتوقعونه حين يطالع الناس الوجوه ذاتها التى ملأت الفضاء صخبا حول حق الشعب فى الاختيار، وهى تناور وتداور بكلام سليط أجوف، لتقول له إن اختيارك لا قيمة له، وإنك مازلت بعد فى طور الطفولة، غير قادر على التمييز بين الصالح والطالح، بين ما ينفعك وما يضرك، وأننا لهذا السبب قررنا أن ننوب عنك، «واركن انت على جنب»؟

ما الذى يتوقعونه حين يرون الأفندية المتأنقين المتفذلكين «دعاة الحوارالرشيد البناء»، وقد شرعوا أسلحتهم الفتّاكة، واستدعوا من قاموس البذاءة أقسى مفردات التخوين والتسفيه والتطجين، يلهبون بها ظهور مخالفيهم من «شركاء الوطن»، عبر فضائيات عطشى، يتنقلون بينها كالجرذان القوارض.

ما الذى يتوقعونه حين تتكالب على الناس أحزاب وجماعات وائتلافات، ترفع جميعها شعارات الثورة، ويمنّ أصحابها علينا بأنهم «كانوا هناك فى الميدان»، ثم لا يلبثون أن يكيلوا لبعضهم الاتهامات، التى تبدأ من العمالة للنظام البائد، حتى التمويل بالدولار واليورو.

ما الذى يتوقعونه حين يستبدل «الكتبة» بنفاق النظام السابق تملق شباب الثورة، مستعيدين دورهم الذى لم يعرفوا غيره، فى صناعة المستبدين والطغاة.

ما الذى يتوقعونه حين يرون أن الثورة التى اقتلعت نظاما فاسدا مستبدا جثم على أنفاس الناس ثلاثين عاما، غير قادرة على تنظيف ميدان التحرير من باعة جائلين وعصبجية، احتلوه بوضع اليد.

ما الذى يتوقعونه حين يستبد بالناس الإحساس بعدم الأمان، ويتأكد لديهم أن النخبة لا تعنيها سوى مصالحها، وأن أفرادها مرضى بانفصام الشخصية، يقولون كلاما ويفعلون نقيضه، يبيعون لهم أوهاما، ويدلسون عليهم بكلام كبير لا رأس له ولا ذيل.

حين تتسلل إلى الناس هذه المشاعر، ويتعاظم فى نفوسهم الإحباط واليأس من إصلاح أحوالهم، حين يتأكد لديهم أنهم «صفر» قبل الثورة وبعدها، وأن الديمقراطية ليست سوى «مرجيحة هواء» يتلهى بها جرذان الفضائيات وبرامج التوك شو، سيتطلعون إلى المنقذ من الضلال، سيستعيدون أسوأ وأكذب صيغة حكم يمكن أن تنتهى إليها ثورة، سيطلبون المستبد العادل، لنعيد الكرّة من جديد، خمسين عاما... إلى الوراء.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات