من فساد الإدارة.. إلى إدارة الفساد - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من فساد الإدارة.. إلى إدارة الفساد

نشر فى : الإثنين 27 أبريل 2009 - 10:08 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 أبريل 2009 - 10:08 ص

 لم يعد فى الأمر ما يدهش..
تنشر الصحف أخبارا موثقة عن كارثة تهدد حياة الناس، وتشير بأصابع الاتهام إلى مسئولين بعينهم، فتكذب الحكومة الخبر فى اليوم التالى وتعلن أنه عارٍ من الصحة جملة وتفصيلا، أو ترد باقتضاب يليق بـ«القلة المندسة» التى تحاول أن تثير البلبلة وتهيج الرأى العام، أو تسلك طريقا ثالثا، فـ«تكفى على الخبر ماجور» وتتجاهل الأمر كله.

هذا ما جرى أخيرا مع التصريحات الخطيرة التى أدلى بها المهندس محمود عبدالبر المدير التنفيذى لهيئة التعمير والتنمية الزراعية لجريدة المصرى اليوم، والتى أدان فيها أعضاء فى لجنة تم تشكيلها لـ« تطوير» ــ لاحظ ــ أداء الهيئة، واتهمهم ببيع مئات الألوف من الأفدنة من أراضى الدولة لمستثمرين بأسعار زهيدة جدا وغرامات بسيطة لتوفيق الأوضاع، وحذار أن يغرك هذا التعبير البديع «توفيق الأوضاع»، لأن معناه الصريح هو تقنين النصبة ومنحها شرعية أبدية، إذ يتم بيع الأفدنة لاستصلاحها وزراعتها، لكن سرعان ما يتم تغيير النشاط لتتحول إلى منتجعات ومدن سكنية باهظة مقابل رسوم تافهة.

واحد من القلة المندسة قال لمحرر المصرى اليوم إن صراعا عنيفا يجرى فى الخفاء على 255 ألف فدان غرب الدلتا، يضمها مشروع تطوير الرى، وأن هذه المنطقة ستشهد ارتفاعا جنونيا فى الأسعار بعد أن تصلها المياه من فرع رشيد بدلا من اعتمادها على المياه الجوفية، لذا فإن سباقا محموما يجرى بين الكبار بهدف الاستحواذ على أكبر قطعة من الكعكة، فليسارع إذن بوضع يده على الأرض اليوم، انتظارا لتوفيق أوضاعه غدا.

وهكذا تتم سرقتنا عينى عينك، من الدلتا إلى طريق مصر إسكندرية الصحراوى، فى دليل فاضح جديد على ترهل الدولة وتفسخها وتنامى مراكز القوى الجديدة وتشابك مصالحها، وتحويل الدولة بالكامل إلى خادم أمين لرغباتها، عبر التحالف مع البيروقراطية الفاسدة فى شتى المواقع، والحكومة هس، لا حس ولا خبر.

والمدهش أن ما قاله عبدالبر يجرى منذ عقود دون أن يحرك أحد ساكنا، ويعرف الناس أن رءوسا كبيرة «تلعب» فى أراضى الدولة، بأسمائها الحقيقية أو عبر آخرين، أو تستخدم نفوذها لتسهيل الاستيلاء على الأراضى مقابل عمولات كبيرة، حتى صرنا نحن ــ سكان البلاد الأصليين ــ أجراء متطفلين، يبحث الواحد منا عن جحر يؤويه أو قبر يلمه فلا يجد.

ومن غير المتوقع أن يجرى ذلك كله بعيدا عن أعين النظام وبصاصيه وعسسه.

وهكذا يا أبناء المحروسة، المنحوسة المهروسة المفروسة، تحققت نقلتنا الكبرى التى يحسدنا عليها القاصى والدانى، فانتقلنا من فساد الإدارة إلى إدارة الفساد ...
ألف مبروك

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات