على وإنجى.. ياويكا - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على وإنجى.. ياويكا

نشر فى : الأحد 26 يوليه 2009 - 10:29 م | آخر تحديث : الأحد 26 يوليه 2009 - 10:29 م
فى نهاية الجزء الأول من فيلم «رد قلبى»، وهو المقرر السنوى فى مثل هذه الأيام من كل عام، يتزوج على ياويكا ابن الريس عبدالواحد من إنجى بنت البرنس، وينتقل العاشقان للعيش فى العشة الملحقة بحديقة القصر المنيف، وتعود الروح للريس عبدالواحد وهو يهتف لحركة الضباط المباركة، فيشفى من الشلل الذى أصابه بعد أن اتهمه الأمير بالجنون، لأنه تجرأ وطلب يد ابنته لابنه الضابط.

فى الجزء الثانى من الفيلم، والذى لم يعرض على شاشات التليفزيون المصرى حتى الآن، يعود الحبيبان بعد سنوات قلائل للعيش معا فى القصر، ليس لأن إنجى رفضت أن تعيش فى عشة الجناينى، وإنما لأن على صار هو مالك القصر بعد أن طرد منه أصحابه، وكى يتخلص من ذكرياته الأليمة، كانت أول خطوة يتخذها هى إزالة العشة، فنسفها نسفا، وبدأ فى إعادة ترتيب أوراقه والتخطيط لحياته الجديدة.

أدرك على ببصيرة نافذة أن الصراعات ستدب ــ لاريب ــ بين رفاق الأمس، وأن أمامه سنوات قلائل كى يرتب أوضاعه.

كان الهاجس الذى يؤرقه هو العودة إلى العشة مرة أخرى، وعليه، بدأ فى اتخاذ تدابير تضمن له البقاء إلى الأبد ضمن صفوف الطبقة الصاعدة.

أعلن ولاءه التام للنظام الجديد، أيّد كل القرارات التى تم اتخاذها دون تفكير أو مناقشة، دافع بحماس كاسح عن توجهات القيادة، وأعلن بعلو الصوت أن دمه ودموعه وابتسامته، فداء لمصر، التى صارت فى لحظة تاريخية فارقة، هى والزعيم شيئا واحدا.

ترقى بسرعة فى صفوف التنظيم السياسى الأوحد، وبالغ فى إظهار ولائه مضحيا بكل غال ونفيس، فمنحوه مساحات إضافية من أراضى الوطن وقصوره ومساكنه، وبعد الهزيمة القاسية، التى نحتوا لها تسمية لطيفة: نكسة، والتى كان يتوقعها باعتباره قريبا من مطبخ صناعة القرار، أدرك أن الحلم ولّى، وأن كابوسا بحجم طائر خرافى يشوّش الرؤية، وعليه من الآن أن يترقب الآتى.

توارى سنوات حتى تحقق النصر، ولاحت بشائر مرحلة جديدة فى الأفق، ترفع الشعارات ذاتها، لكنها تسلك فى اتجاه آخر تماما.

بحنكة أريب، رسم على ياويكا خريطة المرحلة الجديدة، مداخلها ومخارجها، منافذها الشرعية وغير الشرعية، وحدد لنفسه مساحة اللعب، خلع بدلته الرسمية وألقى بنياشينه الوهمية فى جب عميق، واستدعى كل خبراته الالتفافية وثروته التى تراكمت بفعل الولاء التام، وفتح صدره على اتساعه يستنشق هواء الانفتاح السخى، استورد دون هوادة، وصدر دون رحمة، وتاجر فى كل شىء دون أن يرف له جفن.

فى المشهد الأخير من الفيلم، يظهر أبناء على ياويكا: تامر وسامر، وقد صارا فى طليعة البيزنس فى صيغته المعولمة: أصحاب شركات أوراق مالية تضارب فى البورصة بملايين الدولارات، مساهمين فى قرى سياحية وشركات استثمار عقارى واستصلاح أراضى ومشاريع ترفيهية باذخة، وبطبيعة الحال والمرحلة، لم يتزوج أحدهما ابنة جناينى، تزوجا من بنات طبقتهما الجديدة، مما أثلج صدر أبوهما ووثق روابطه بالقيادات العليا.

أما إنجى فقد ذبلت وتوارت، وألقى بها على ياويكا فى مصحة للأمراض العقلية، بعد أن اكتشفت خياناته المتعددة، وزواجه من ابنة واحد من النافذين الكبار، الذين أسهموا فى صعوده المعجز.

وقد ترك المخرج نهاية الجزء الثانى مفتوحة... مفتوحة على الآخر.
عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات