بجاحة الغرب وحياء العرب - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 11:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بجاحة الغرب وحياء العرب

نشر فى : الأربعاء 25 أكتوبر 2023 - 8:30 م | آخر تحديث : الأربعاء 25 أكتوبر 2023 - 8:30 م
منذ بداية المعركة الحالية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلى، تخلى قادة الدول الغربية عن الحد الأدنى من الإنسانية، وتحلوا بأكبر قدر من البجاحة والغطرسة فأعطوا إسرائيل تصريحا مفتوحا بقتل أى فلسطينى على الأراضى المحتلة لا فارق فى ذلك بين الفدائى المسلح والمدنى الأعزل والمرأة والطفل، فكانت النتيجة أكثر من 6500 شهيد بينهم 2360 طفلا، و1292 سيدة، و295 مسنا إلى جانب أكثر من 18 ألف مصاب بحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية حتى أمس الأول، مقابل مقتل 1400 إسرائيلى أغلبهم من العسكريين والمستوطنين بحسب بيانات تل أبيب.
وإذا كان نجاح المقاومة الفلسطينية فى توجيه ضربة عسكرية غير مسبوقة للاحتلال الإسرائيلى فى مستوطناته غير الشرعية، وقواعده العسكرية بغلاف غزة المحتل يوم 7 أكتوبر الحالى وقتل وأسر مئات الإسرائيليين، قد أفقد الإسرائيليين صوابهم فقرروا شن حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة، فإنه أيضا كشف عن الوجه الاستعمارى القبيح للدول الغربية التى لم تتقبل فكرة أن توجه مقاومة شعبية محدودة التسليح ضربة بهذه القدرة والإتقان لقوة الاحتلال، فكان القرار هو ضرورة القضاء على هذه المقاومة مهما كانت التكلفة البشرية والاقتصادية التى سيتحملها المدنيون الفلسطينيون.
ومنذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى» الفلسطينية، أطلقت أمريكا جسرا جويا لمد آلة القتل الإسرائيلية بكل ما تحتاجه من أسلحة وذخائر وكأن الجيش الإسرائيلى يواجه جيشا حقيقيا وليس مجموعة من المقاتلين الذين لا يملكون سوى إرادتهم الوطنية القوية وأسلحة محدودة، كما تسابق قادة الدول الغربية فى إعلان الدعم المطلق لإسرائيل واعتبار المقاومة الفلسطينية المسلحة إرهابا يجب القضاء عليه، رغم أنه وعلى مدى عشرات السنين لم يتورط أى فصيل فلسطينى مسلح فى أى عملية عسكرية خارج فلسطين المحتلة، وكانت ومازالت الفصائل الفلسطينية تمارس الكفاح المسلح الذى تكفله لها القوانين والمواثيق الدولية داخل أراضى فلسطين المحتلة.
ويبلغ تبجح قادة الغرب مداه عندما يصرون على أن قتل أكثر من 6000 فلسطينى هو حق مشروع لإسرائيل تحت شعار الدفاع عن النفس، دون أن يرد عليهم أحد بأن ما تفعله قوات الاحتلال ليس دفاعا عن النفس وإنما دفاع عن الاغتصاب والاحتلال لأراضى الشعب الفلسطينى، وأن آلة القتل الإسرائيلية التى قضت على أكثر من 6000 روح فى قطاع غزة بدعوى وجود مقاومة مسلحة فيها، هى التى قتلت أيضا نحو 100 فلسطيني فى الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر دون أن تكون هناك عمليات مقاومة مسلحة فى الضفة، وإنما احتجاجات شعبية على قتل إخوانهم فى غزة.
فى الوقت نفسه تحدث ويتحدث القادة العرب عن ضرورة توصيل المساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطينى المحاصر فى غزة، وربما تحلى بعضهم بقدر أكبر من الشجاعة فتحدثوا عن ضرورة وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والإسرائيليين وحماية أرواح المدنيين «من الجانبين» مساوين بين الفلسطينيين الذين يفقدون فى كل يوم مئات الشهداء والجرحى الذين لا يجدون حتى رباط شاش لتضميد جراحهم، والإسرائيليين الذين لم يفقدوا سوى عدد قليل للغاية من القتلى بعد انتهاء الأيام الأولى من عملية «طوفان الأقصى».
ليس هذا فحسب، بل إننا لم نجد أى مسئول عربى ولا حتى من السلطة الفلسطينية من يتحدث عن حق الفلسطينيين فى المقاومة المشروعة وفقا للقوانين الدولية، ولا عن أن غالبية الإسرائيليين الذين قتلوا فى الأيام الأولى للعملية الفلسطينية كانوا يعيشون فى مستوطنات غلاف غزة المحتل وأن هؤلاء المستوطنين هم جزء من آلة الاحتلال التى يحق للفلسطينيين مقاومتها بكل السبل.
أخيرا لا يجب على الدول العربية مهما كانت خلافاتها السياسية أو الأيديولوجية مع مكونات المقاومة الفلسطينية، أن تسمح ولو بالصمت للدول الغربية بشيطنة فصائل المقاومة ووصفها بالإرهاب لأن هذه المقاومة هى خط الدفاع الأخير ضد مشروع الهيمنة الصهيوني على المنطقة، والذي قد لا ترى فيه بعض الأنظمة العربية خطرا حقيقيا على وجودها، بل وربما ترحب به بدعوى التصدى لهيمنة أخطر من جانب دول أخرى. فما بين تبجح قادة الغرب واستهانتهم بأرواح الفلسطينيين، واستحياء قادة العرب فى الحديث عن الصراع، تغلى فى قلوب وعقول الشعوب العربية مشاعر السخط وتتزايد مشاعر القهر التى تهدد بانفجار بركان غضب يهدد الجميع.
التعليقات