هرم الغضب - معتز بالله عبد الفتاح - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 12:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هرم الغضب

نشر فى : الخميس 24 نوفمبر 2011 - 9:35 ص | آخر تحديث : الخميس 24 نوفمبر 2011 - 9:35 ص

المتظاهرون لا يغضبون بسبب واحد ووحيد إلا إذا كان كرد فعل لكارثة كبرى مثل نكسة عام 1967 أو كسلسلة متصلة الحلقات من الإخفاقات والقرارات الخاطئة. من يبنى هرم الغضب، عادة، ليس الغاضبون، وإنما من يدفعون الغاضبين كى يتبنوا مواقف ومشاعر سلبية تجاههم.

 

المشير طنطاوى، شخصيا، والمجلسان الأعلى والوزارى، نجحوا فى بناء هرم الغضب بالتأخير الشديد فى إجراء الانتخابات المصرية. كل ما دون ذلك كان يمكن أن يغفر طالما أننا نعلم أن البلاد تتجه نحو انتخابات فى موعدها.

 

هرم الغضب كان يمكن أن يتوقف تصاعده لو كان العنصر الزمن له قيمة عند المشير والمجلس الأعلى. هرم الغضب كان يمكن أن يتوقف تصاعده لو كانت هناك إنجازات تذكر فى مجالات أخرى يمكن أن تشفع أى أخطاء أخرى، ولكن التردى الشديد فى أحوالنا الأمنية والمجتمعية والاقتصادية جعلنا حائرين: إذا كنتم غير قادرين على الإدارة، فلماذا تؤجلون الانتخابات وتتمسكون بمقاعد أنتم غير مؤهلين لها. هرم الغضب كان يمكن أن يتوقف تصاعده لو كان هناك تواصل سياسى أفضل وتوضيح للناس بشكل أكثر إقناعا لماذا تتخذ القرارات على النحو الذى تتخذ عليه.

 

نحن أمام هدفين متعارضين: الأول أن تتم الانتخابات فى موعدها، والثانى، أن نحاكم من هم مسئولون عن تردى أوضاعنا انتهاء بقتل أبنائنا.

 

المسئولية السياسية جامعة للمجلسين. ولكن فى نفس الوقت، لدى ما يكفى من معلومات أن المعضلة الكبرى تتمثل فى رئيسى المجلسين: طنطاوى وشرف. بل يقودونى عقلى إلى أن المسئول الأول عن تصاعد هرم الغضب هو المشير طنطاوى شخصيا وقبل أى شخص آخر. هو لم يتعلم من أخطاء مبارك، وهو غير مؤهل للتعامل مع ثورة سريعة وهو بطىء، وهو غير قادر على أن يقابل الثورة بثورية فى الفكر، بل هو أقرب فى ذهنى إلى شخص محافظ جدا وازداد محافظة لدرجة الرجعية فى الفترة الأخيرة.

 

 

ما العمل؟

 

الحل عند المشير طنطاوى وليس عند غيره. عليه أن يعترف بخطئه وأنه كان ذا قرار، ولكنه لم يكن ذا بصيرة. المشير طنطاوى عليه أن يتنحى بدون إثارة بلبلة أو إحداث هزة فى مؤسستنا الوطنية العسكرية. عليه أن يترك إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لشخص آخر، أكثر قدرة على التفاعل مع شارع ثورى، ومجتمع مكلوم، صبر وضحى ولم يجد عائدا.

 

فى هذه اللحظة شرعية الشخص والمؤسسة تتلازمان بحكم المنصب، لكنهما تتمايزان بحكم الوظيفة. المشير طنطاوى ليس هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإنما هو الأول بين قياداتها. وإن ترك منصبه، مع شرف، فهذا لن يقضى على المؤسسة أو ينحرف بها، بل العكس هو الصحيح: سيعيد للمؤسسة قدرتها على استكمال الأشهر القليلة القادمة، وسيعطى رسالة لمن قرروا الاعتصام والتظاهر أن أحدا لن يخطئ دون حساب، وسيزيد من فرصة أن تمر الانتخابات فى موعدها.

 

لو أجرى استفتاء على بقاء المجلس العسكرى فى إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية، فسيختار معظم الناس استمرارها. ولو أجرى الاستفتاء على بقاء المشير طنطاوى على قمة المجلس العسكرى، فأعتقد أنه سيجد ما لا يحبه.

 

اقتراحى إذن أن يترك المشير منصبه، وليستمر نضال شعبنا فى طريق التحول الديمقراطى ولتكن الخطوة الأولى فى إطفاء هرم الغضب.

معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وميشجان، ويدير حاليا وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط في جامعة ميشجان المركزية في الولايات المتحدة. حصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة وماجستير الاقتصاد ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من الولايات المتحدة. كما عمل في عدد من مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة ومصر، له ثمانية كتب والعديد من المقالات الأكاديمية منشورة باللغتين الإنجليزية والعربية.
التعليقات