حوارٌ مع أخٍ سورى - نادر بكار - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 10:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حوارٌ مع أخٍ سورى

نشر فى : الثلاثاء 24 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 24 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

خارجا من صلاة الجمعة فى آخر أيام رحلتى إلى الولايات المتحدة، سلمت على خطيب المسجد وأبديت له ثناء على الخطبة ثم هممت بالانصراف فعاجلنى بالسؤال عن حزب النور وموقفه من الإخوان فى مصر وكيف أنه بصراحة يمقت هذا الحزب ويحمله عبء الدماء التى سالت.. عرفت أنه سورى وازدادت الحلقة من حولنا بإخوة سوريين ومصريين كلهم يحمل هما تنوء به الجبال.

قلت: يا أخى الكريم إنما اخترنا أهون الشرين فقد نتحمل مضطرين خرقا فى السفينة يعيبها لكنه لا يغرقها بدلا من سقوطها فى يد ملك يأخذ كل سفينة غصبا، فاندفع قائلا: «وهل تشبهون أنفسكم بالخضر؟ ــ يريد بذلك أننا استعرنا المثال من قصة الخضر مع نبى الله موسى ــ هل علمتم الغيب لتتأهبوا له قبل أن يصير واقعا ملموسا؟ ألم يكن منكم من يعيب ويشنع على الصوفية ادعاءهم معرفة أولياء الله بعض الغيب مستدلين بواقعة الخضر؟»

قلت: سبحان الله.. وجه الاستدلال هنا ليس تشبيخ أنفسنا بالخضر قطعا، وإنما فى تصرف الخضر نفسه الذى صار مقبولا رغم ضرره إذا ما قورن بضررٍ أعظم منه.. قال وهل منعتم الضرر؟ ألم تسل الدماء أنهارا وكنتم تزعمون السعى لحقن الدماء؟ قلت ها أنت ذا تؤكد صحة استدلالنا وتنقض شبهتك الأولى بنفسك.. نعم فعلنا ما فعلنا ولم نكن نعلم الغيب، ولو كنا نعلمه لاستكثرنا من الخير وما مسنا السوء، قال: إذن انفضوا يدكم من الموضوع بأكمله، قلت علينا المحاولة وليس علينا إدراك النتائج «قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون».

قلت: يا أخى الكريم أنت تعيش هنا فى الولايات المتحدة بعيدا آلاف الأميال عن واقعنا فى مصر بل حتى عن واقعك فى سوريا، وقد اخترت لنفسك ثغرا تقف عليه مدافعا عن الإسلام بالدعوة إليه فى وسطٍ يبعد كل البعد عن معانى الإيمان وذلك أمر محمود لا ألومك عليه، ولا أثرب عليك مثلا أنك تركت قومك فى سوريا يواجهون الموت بكل صوره أكثر من عامين كاملين وأنت هنا آمن فى سربك معافى فى بدنك وعندك قوت يومك، فأنا قد عرفت لك دورا هنا فى الدفاع عن قضية بلادك من فوق منبر مختلف عن منابر الجهاد المباشر.. لا ألوم عليك لأنى أحكم على موقفك ــ مع الفارق بالطبع ــ بنفس ما أحكم به على موقفنا.. أننا لم نرد جمع كل التيار الإسلامى فى خانة واحدة بجريرة بعض أفراده وفصائله يواجه شعبا وجيشا وشرطة وقضاء وإعلاما.

قال لى أنتم قوم مداهنون ترون الظلم ولا يطرف لكم جفن بل تطرون على الظالم وتثنون على صنيعه.. قلت: سامحك الله، تردد ما يصل إليك من أكاذيب دون أن تكلف نفسك عناء البحث أو التثبت، إذ يكفى عندك للتصديق أن يأتيك الخبر من مواقع وصفحات الإخوان الإلكترونية لتصدقه دون تفكير.. نظرة منك إلى بياناتنا الرسمية مع كل حادثة وقعت تعلم بها أنا بُرَآء من تهمة كهذه.. قال أو يكفى الكلام؟ قلت: نعم.. ألم تقل فى خطبتك منذ قليل ناقلا عن النبى صلى الله عليه وسلم: فإن لم يستطع فبلسانه؟ فهذا وسعنا وطاقتنا.

ثم أما تذكر كيف كان عبدالله بن حذافة السهمى صامدا أمام التعذيب والتنكيل وهو فى قبضة الروم فلما يئس منه ملك الروم عرض عليه أن يقبل ــ عبدالله ــ رأسه فى مقابل أن يطلق سراح كل من تحت يديه من أسرى المسلمين؟ محاولة إذلال قطعا وقبول بإكرام من لا يستحق إلا الإهانة، لكن ابن حذافة رضى الله عنه قبل، لا لشىء إلا لأجل حسابات المصالح والمفاسد التى تلومها الآن على.. أو تدرى؟ الأخطر عندى من القصة كان رد فعل عمر بن الخطاب نفسه لما علم بها.. قبَّل هو رأس عبدالله لما أتاه وقال حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبدالله بن حذافة.. يريد إكرامه بعدما أهرق ماء وجه من أجل استنقاذ المسلمين.. أما تجد فيها ما يستأنس به؟