ماذا لو حكم هؤلاء الرجال العشرة والسيدتان مصر؟ - ضياء رشوان - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 9:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا لو حكم هؤلاء الرجال العشرة والسيدتان مصر؟

نشر فى : الإثنين 24 أغسطس 2009 - 5:37 م | آخر تحديث : الإثنين 24 أغسطس 2009 - 5:37 م

 لا شك أنه لمطالعة الموقع الإلكترونى للحزب الوطنى الديمقراطى فوائد عديدة، ليس منها فقط معرفة طريقة تفكير النخبة التى تحكم مصر منذ أكثر من ثلاثين عاما والمرشحة للاستمرار فى حكمها لسنوات لا يعلمها إلا الله مع تسارع خطوات سيناريو «التوريث» خلال الشهور والأسابيع الأخيرة، ولكن أيضا معرفة طريقة تنظيم الحزب الداخلية ومراكز القوى الرئيسية فيه، وهو ما قد يكون مفيدا لتوقع شكل حكم مصر بأكملها إذا ما نجح هذا السيناريو.

فأما عن طريقة تفكير أصحاب «الفكر الجديد» فى الحزب، أو باسمهم الحقيقى: أمين وأعضاء أمانة السياسات، فهى باتت واضحة لعموم المصريين وخاصتهم، لا سيما فيما يتعلق بالقضايا السياسية الرئيسية التى تثقل كاهل البلاد وأهلها منذ أن حكمهم الحزب الوطنى. فهم قوم لم يوافقوا فقط على التعديلات الدستورية الأخيرة بل كانوا وراءها بكل ما احتوته من إبعاد القضاة عن الإشراف على الانتخابات البرلمانية بما يفتح الباب لتزويرها كاملة، وتشريع قانون للإرهاب يطيح بمواد حاكمة فى الدستور نفسه تحفظ للمصريين حرياتهم الأساسية، وإبقاء لمدد رئاسة الجمهورية مفتوحة بلا نهاية، ووضع قيود لا حصر لها على حق عموم المصريين فى الترشيح لهذه الرئاسة، وتأكيد تغول سلطات الرئيس على كل ما عداه من سلطات فى البلاد بما فيها التشريعية التى بات من حقه حل مجالسها دون الرجوع للشعب والقضائية التى يرأس مجلسها الأعلى ويشكله كما يريد. ولم يقف أهل «الفكر الجديد» عند حدود إجراء التعديلات الدستورية التى أطاحت بما بقى من حريات سياسية وعامة، بل إنهم راحوا يدافعون عن مد حالة الطوارئ أو فى أحسن الأحوال الصمت عن الحديث بشأنها، وحرضوا وشجعوا كل اعتداءات الحكومة التى وقعت خلال السنوات الأخيرة على فئات عديدة من المصريين المعارضين باستخدام القوانين المقيدة للحريات أو بدونها، وقبل كل ذلك مساهمتهم الفعالة فى الافقار المتواصل والسريع لقطاعات واسعة من هؤلاء المصريين بسياساتهم الاقتصادية التى أحالت المجتمع كله إلى غابة حقيقية يأكل فيها الغنى والقوى الفقير والضعيف.

ذلك عن طريقة التفكير التى باتت معروفة ومكشوفة، فماذا عن طريقة التنظيم الداخلية فى الحزب الحاكم ومراكز القوى الرئيسية فيه؟ فى هذا الإطار يعطى التحليل المدقق لهيكل الحزب التنظيمى كما هو منشور على موقعه الإلكترونى عن عدد مهم من النتائج والمؤشرات التى ينصرف بعضها إلى توزيع القوى بداخله وبعضها الآخر إلى فلسفة بأكملها لحكم مصر سيكون لها انعكاسات مباشرة عليها إذا ما نجح الرجل الأقوى فى الحزب، أى جمال مبارك نجل الرئيس فى تولى الرئاسة خلفا لوالده. وهنا يظهر أول المؤشرات الداخلية، حيث يتولى مبارك الابن أربعة مواقع حزبية قيادية لا ينافسها فى أهميتها أى قيادى آخر فيه، فهو أمين عام مساعد الحزب وأمين أمانة السياسات وعضو الأمانة العامة وعضو هيئة مكتب الأمانة العامة. وفى المكان التالى لمبارك الابن من حيث أهمية المواقع يأتى أحمد عز وإن كان يتفوق عليه فى عددها، حيث يشغل خمسة منها، فهو يتولى موقع أمين أمانة التنظيم وعضو الأمانة العامة وعضو هيئة مكتب الأمانة العامة وعضو أمانة السياسات وعضو هيئة مكتب نفس الأمانة. ويأتى فى المكان الثالث كل من الدكتورين حسام بدراوى ومحمد كمال، حيث يشغل كلاهما موقع عضو كل من الأمانة العامة وأمانة السياسات وهيئة مكتبها، بينما للأول موقعه كأمين أمانة قطاع الأعمال وللثانى موقعه كأمين أمانة التدريب والتثقيف السياسى. ويحل بعد ذلك فى ترتيب المواقع والقوة د. محمد الدكرورى أمين أمانة القيم والشئون القانونية وعضو الأمانة العامة وأمانة السياسات، ويتلوه الوزراء د. يوسف بطرس غالى ود. محمود محيى الدين ورشيد محمد رشيد بعضويتهم فى الأمانة العامة وكل من أمانة السياسات وهيئة مكتبها، ويحل بعدهم د. محمد رجب ود. نبيه العلقامى ود. يمن الحماقى بعضوية الأمانة العامة لثلاثتهم وعضوية أمانة التنظيم وهيئة مكتبها للأول وأمانة المجالس الشعبية المحلية وهيئة مكتبها للثانى وأمانة الشئون المالية والإدارية للثالثة، ثم أخيرا د. عالية المهدى بعضوية كل من أمانة السياسات وأمانة التنظيم.

ويعطى هذا التعدد للمواقع الحزبية وطبيعتها للرجال العشرة والسيدتين الأكثر قوة فى الحزب الحاكم وربما فى مصر أكثر من معنى ذى دلالة على نمط توزيع القوة بداخل هذا الحزب والطريقة التى يمكن أن تحكم بها مصر إذا ما تحقق سيناريو التوريث. فهناك أولا معنى تركيز السلطة فى يد نخبة ضئيلة من قيادات الحزب تتميز كلها بالتمحور حول أمانة السياسات التى يشغل عضوية هيئة مكتبها ثمانية أشخاص بمن فيهم أمينها جمال مبارك كلهم أعضاء فى الأمانة العامة للحزب، منهم أربعة أمناء لأمانات رئيسية فى الحزب هم أحمد عز أمين التنظيم ود. حسام بدراوى أمين قطاع الأعمال ود. محمد كمال أمين التدريب والتثقيف السياسى د. محمد الدكرورى أمين القيم والشئون القانونية، وهو وضع غير متكرر فى أمانات الحزب الأربعة عشرة الأخرى. كذلك فإن هيئة مكتب أمانة السياسات تستأثر دون غيرها من الأمانات بعضوية وزراء المالية والاستثمار والتجارة وهم أنفسهم أعضاء فى الأمانة العامة للحزب، بينما يبقى وزيران آخران فقط فى الهيكل القيادى للحزب الحاكم هما د. مفيد شهاب وأنس الفقى كأعضاء فى الأمانة العامة ويشغل الأول موقع الأمين العام المساعد.

ويأتى المعنى الثانى لهذا الوضع الاستثنائى لأمانة السياسات بداخل الحزب الوطنى فى أن هذا التركيز للسلطات والمواقع إما أنه يعنى التمحور حول «شلة» أو مجموعة تحظى بثقة أمين السياسات ونجل الرئيس فلا يجد غيرها لكى يوزع عليها مواقع الحزب الرئيسية، أو أنه لا يجد فى الحزب الذى يقوده من مؤيدين خلصاء وأكفاء لكى يوزع عليهم هذه المواقع. وفى الحالتين، فإن تطبيق نفس النهج على حكم مصر فى حالة نجاح سيناريو التوريث سوف يعنى كارثة حقيقية للبلاد التى ستكون محكومة حينها برئيس ومعه «شلته» الصغيرة المتعاظمة النفوذ والمتعددة المواقع، أو برئيس معزول عن حزبه وشعبه لا يجد بينهم من يعتبره أهلا لثقته أو حائزا خبرة بما يؤهله لتولى مواقع قيادية فى نظام الحكم. أما المعنى الثالث والأخير فهو اجتماعى ــ سياسى، فأعضاء هيئة مكتب أمانة السياسات ليس منهم أى أمين أو عضو فى الأمانات التى من المفترض أن تعبر عن أغلبية المصريين والحزب الوطنى نفسه مثل أمانات العمال والفلاحين والشباب والمهنيين، فهى أمانة فقط لرجال الأعمال أو ممثليهم فى الحكومة أو الحزب، أما أهل الأغلبية من المصريين فليس لهم مكان ليس فقط فى تشكيلات أمانة السياسات بل وقبلها فى السياسات نفسها التى يضعها ويطبقها أمينها السيد جمال مبارك وصحبه وحواريوه.

ضياء رشوان  كاتب مصري وباحث في شئون الجماعات الإسلامية
التعليقات