نظام بلاك ووتر عالمى - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 8:18 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نظام بلاك ووتر عالمى

نشر فى : الثلاثاء 24 فبراير 2015 - 11:50 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 24 فبراير 2015 - 11:50 ص

نشرت جريدة ذى أمريكان كونسرفيتيف مقالا للصحفية كيلى فلاوز حول ما قامت به وزارة الدفاع الأمريكية من تغيير فى طبيعة الحروب بعد حربها فى العراق وأفغانستان، من خلال اعتمادها على شركات عسكرية خاصة، زادت من حدة الصراعات فى العالم، والتى أعادت النظام العالمى إلى العصور الوسطى. تشير فلاوز إلى كتاب صدر حديثا للكاتب شون ماك فيت، وهو مظلى سابق فى الجيش، عمل فى وقت لاحق فى أفريقيا لدى مؤسسة دينكورب الدولية، وهو الآن أستاذ مشارك فى جامعة الدفاع الوطنى، تحت عنوان "المرتزقة الجدد: الجيوش الخاصة وما تعنيه للنظام العالمى" يبين فيه أن اعتماد البنتاجون على موردى أشخاص للمساعدة فى خوض حروبها، أطلق العنان لحقبة جديدة من الحروب تلتقى شركات عسكرية الخاصة تأسست حديثا بالطلب من السوق العالمية المتفجرة بالصراعات.

وتوضح فلاوز ما قاله فيت بأن هذا يتزامن مع ما أطلق عليه ـ هو وآخرون ـ التحول الحالى من الهيمنة العالمية لقوة الدولة القومية إلى بيئة "متعددة المحاور" تتنافس فيها سلطة الدولة مع الشركات عابرة القومية، والهيئات الحاكمة العالمية والمنظمات غير الحكومية، والمصالح الإقليمية والعرقية، والمنظمات الإرهابية فى لعبة شطرنج العلاقات الدولية. ويرى فيت أن الوصول إلى محترفين يحملون السلاح لصالح مؤسسات خاصة، يخصم من احتكار الدول التقليدية للقوة، ويعجل بظهور فجر هذا العصر الجديد.

ويطلق فيت على ذلك، العصور الوسطى الجديدة حيث "يتميز نظام عالم لامركزية الدولة والتعددية القطبية، بتداخل السلطات والولاءات". فلن تختفى الدول، "لكن أهميتها ستقل عما كانت عليه قبل قرن من الزمان". ويقارن هذه البيئة القادمة بالنظام الذى كان سائدا فى أوروبا قبل هيمنة الدول القومية ذات الجيوش النظامية.

وتضيف فلاوز ما صرح به فيت بأن هناك أوجه تشابه بين تلك الفترة فى التاريخ، وانتشار الشركات العسكرية الخاصة اليوم فى العالم. كما تتبع أصول تبنى هذه الخصخصة حديثا فيما بعد الحرب الباردة، حيث كانت كل من واشنطن ولندن، على حد سواء رائدة فى الاستعانة بمصادر عسكرية خارجية، وهو ما بدأ بشكل جدى فى الثمانينيات. وبحلول عام 2003، لم يكن هيكل قوات أمريكا العسكرية الصغير يتحمل هذا العبء من زمن السلم. فاعتمدت وزارة الدفاع بشكل متزايد على الموردين لدعم الحرب وشنها.

•••

واستخدمت الولايات المتحدة الموردين فى العراق وأفغانستان أكثر مما فعلت فى أى حرب فى تاريخها: ففى عام 2010 نشر الموردون قوات فى مناطق الحرب قوامها 207 آلاف فرد، بينما كان عدد القوات القادمة من الولايات المتحدة 175 ألفا. أما فى الحرب العالمية الثانية، لم تورد الشكات الخاصة سوى بنسبة 10 فى المائة من القوى العاملة العسكرية.

ومن عام 1999 إلى عام 2008، فى ذروة الحروب، زاد إنفاق البنتاجون على الاستعانة بمصادر خارجية وحدها زادت من 165 مليار دولار إلى 466 مليار دولار سنويا. وكانت محاولات الرقابة مثيرة للشفقة، وفقا لما وثقه مفتشو الحكومة أنفسهم، مرارا وتكرارا. وثبت أن النجاح فى تنظيم أو فرض قواعد السلوك على المتعاقدين أمر بعيد المنال، أيضا.

وتستدل فلاوز بما قاله فيت، وهو موظف سابق فى مؤسسة داين كورب، التى دشنت عملها فى البوسنة: "هذه الصناعة وجدت لتبقى". حيث ازدهرت مؤسسة داين كورب كأحد الموردين الأساسيين لواشنطن فى كل من الأمن وإعادة الإعمار فى أفغانستان والعراق على الرغم من الاتهامات بالمغالاة فى الفواتير وضعف الأداء فى العمل.

ولعل شركة بلاك ووتر، صاحبة أسوأ سمعة بين جميع الموردين، قد اتهمت بالاحتيال، والعنف ضد المدنيين والقتل لسنوات قبل أن تضطر إلى "إعادة تغيير صوتها". ومع ذلك، أدين أربعة من حراسها السابقين بالقتل فى أكتوبر، فى قضية تتعلق بمذبحة قتل فيها 17 عراقيا فى ساحة النسور 2007.

وتبرز فلاوز محاولة إريك برنس، مؤسس بلاك ووتر، التهرب من خلال العديد من تغيير شكل شركته (لم يعد اسمها "بلاك ووتر"، حيث قام بتسميتها "اكس إى" والآن "أكاديمى"). ونجح فى تشغيل عدد مما يسمى شركات وهمية والعمليات الأمنية الدولية داخل وخارج نطاق حكومة الولايات المتحدة، بما فى ذلك مؤسسات لمكافحة القرصنة فى شمال أفريقيا.

وتعتبر فلاوز وفقا لما يقوله فيت، أن "الحرب غير النظامية أكثر انتظاما من الحرب العادية"، وبينما تضاعف عدد الصراعات الداخلية ثلاث مرات تتضاءل عدد الحروب بين الدول منذ بلغت الذروة فى عام 1965. ونتيجة لذلك، تم الاستعانة بالشركات العسكرية الخاصة على نحو متزايد على مدى الخمسة عشر عاما الماضية من قبل الدول والمنظمات غير الحكومية، والشركات على حد سواء، لحماية السفن فى أعالى البحار وحقول النفط فى الصحارى، ولتأمين البعثات الإنسانية، وتعزيز الجيوش ضد حركات التمرد، والعمل كمفتشى الأمن فى السفارات والقواعد العسكرية، والقصور فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.

•••

على الجانب المظلم، فإن العديد من الشركات متعددة الجنسيات، التى كانت الولايات المتحدة تستعين بها فى السابق، بدأت مشروعاتها الخاصة فى أماكن مثل العراق واتخذت مهاراتها الخاصة فى كسب العملاء بغض النظر عن المهمة. ولا شك أنه من الصعب تتبع أنشطتها، ومن المستحيل كبح جماحها.

وعلى سبيل المثال، استأجر معمر القذافى مرتزقة من مختلف أنحاء أفريقيا، "من أجل قمع ثورة شعبية ضده، بوحشية"، وبالمثل، نشرت صحف فى عام 2011 أن "ريفليكس ريسبونسيس"، إحدى شركات برنس، تم التعاقد لجلب قوة من عدة مئات من الحراس لأمير إمارة أبوظبى، من أجل "مساعدة حكومة الإمارات العربية المتحدة فى جمع المعلومات الاستخبارية، والأمن، ومكافحة الإرهاب وقمع من أى ثورات". ولم توقف الولايات المتحدة الاستعانة بالشركات العسكرية لحماية الدبلوماسيين فى أفغانستان والعراق، وتدريب الجيوش الأجنبية، وإجراء الاستخبارات. وفى هذه المرحلة، تعتبر هذه الشركات أكثر نشاطا وأفضل تجهيزا للقيام بهذا العمل فى الخارج ممن يدفعون لها، وفقا لما يقول ماك فيت، الذى يرى أن الاستعانة بها يمنع القلق العام ـ والتدقيق ـ التى يصاحب وضع الجنود الأمريكيين فى طريق الأذى.

وتشير فلاوز إلى ما أعلنه ماك فيت للمرة الأولى حول كيفية التعاقد معه من قبل داينكورب نيابة عن مورد سرى فى الولايات المتحدة للمساعدة فى منع مجموعة من متمردى الهوتو وقوات التحرير الوطنية، من ارتكاب إبادة جماعية أخرى ضد التوتسى خلال الحرب الأهلية الدائرة فى بوروندى. وفى احدى المرات تم تكليف ماك فيت بحماية رئيس بوروندى من محاولة اغتيال وشيكة. وظل الرئيس آمنا، وانتهت الحرب الأهلية بحلول عام 2005.

هذا بالإضافة إلى تدريب داينكورب للجيش الليبيرى فى عام 2011، ليظهر الجانب الذى يمكن استخدام الشركات العسكرية فيه لغايات إيجابية. موضحا أن ذلك يمكن أن يفشل، مما قد يؤدى إلى استيلاء على السلطة لصالح العملاء من خلال العنف. وبحكم طبيعتها، تهدف الشركات العسكريةإلى التربح من الصراع ودائما ما تكون عرضة لخق الصراع وتوسيع مداه لمصلحتها الخاصة.
علاوة على ذلك، لا تلتزم جيوش الشركات الخاصة بأى قواعد للحرب أو الاتفاقيات الدولية؛ ويعتبر إيريك برينس أفضل مثال. كما يمكن للشركات العسكرية أن تختبئ فى البلدان ذات المعايير والقواعد الضعيفة. فضلا عن أن لديها إمكانية الوصول إلى تجارة الأسلحة العالمية وأحدث التقنيات العسكرية، بما فى ذلك طائرات بدون طيار.

•••

وتتساءل فلاوز عن الحل لتجيبها رؤية فيت بأنه من الصعب حظر الشركات العسكرية أو محاولة تنظيمها، لأن من شأن ذلك أن يدفعها إلى العمل السرى وإلى عالم المحتالين. معتبرا أن تحفيزا للممارسات المرغوبة عن طريق جعلها مربحة قد يكون أفضل. ملاحظا، مع ذلك، أنه عندما كان لدى الجيش الامريكى "قوة السوق" وكان فى أفضل وضع لضبط الأسعار والممارسات فى بداية حروبه، وهو ما فشل فى القيام به.
وأوضحت فلاوز عدم مشاركة فيت فى الجدل حول ما إذا كانت سلبيات الشركات العسكرية أو مورد للمرتزقة بشكل كبير فى فحوى كتابه. وتركه لحكم القارئ، معللا ذلك بأن مهمته الاستكشاف فقط.

وترى فلاوز فى النهاية أنه لن يكون الأمر سهلا. حيث استأجرت الوكالات الأمريكية ـ وهى تعلم ـ شركات لديها تاريخ ملوث. واستخدموا شركات القطاع الخاص للقيام بعمليات سرية مثيرة للجدل، بما فى ذلك استجواب المعتقلين فى سجن أبوغريب، وبرنامج سرى للاغتيالات، تابع لوكالة المخابرات المركزية، يضم شركة بلاك ووتر.

التعليقات