برامج التدريب.. آداة البنتاجون لتجنيد طلاب وطالبات الثانوية - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 3:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

برامج التدريب.. آداة البنتاجون لتجنيد طلاب وطالبات الثانوية

نشر فى : الجمعة 23 ديسمبر 2022 - 8:40 م | آخر تحديث : الجمعة 23 ديسمبر 2022 - 8:40 م
نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب ريتشارد روبنشتاين، يقول فيه إنه فى سبيل حفاظ البنتاجون على مكانته كأكبر مؤسسة عسكرية فى العالم، فإنه يسعى إلى تجنيد أكبر عدد من الشباب والشابات فى مدارس الثانوية العامة بإنشاء برامج تدريب عسكرية اختيارية، لكن فى حقيقتها إلزامية. الكاتب يقول إنه وإن كانت برامج البنتاجون لا تعلم العنف وإنما مهارات القيادة والانضباط، إلا أنها فى النهاية برامج تعليم حرب لا سلام. كما يقول إنه وإن كان فى استطاعة المدارس المدنية تعليم هذه المهارات، إلا أن ميزانيتها لا تسمح بالقيام بهذه المهمة، والقول بغير ذلك يعنى ضرورة خفض الميزانية العسكرية. دعا الكاتب فى النهاية إلى ضرورة إيجاد بدائل لإيقاف عسكرة المدارس... نعرض من المقال ما يلى:

فى 11 ديسمبر 2022، نشرت صحيفة ذا نيويورك تايمز مقالا فى صفحتها الأولى عن فيلق تدريب ضباط الاحتياط الصغار أو JROTC الذى وُصف بأنه «برنامج ممول من الجيش الأمريكى مصمم لتعليم مهارات القيادة والانضباط والقيم المدنية، ولفتح أعين الطلاب على فكرة العمل العسكرى»، إلا أن الحقائق التى عرضها مقال التايمز معروفة منذ سنوات.
• • •
بداية، برنامج البنتاجون هذا، الذى يسجل فيه الآن أكثر من نصف مليون «طالب وطالبة» فى حوالى 3500 مدرسة ثانوية فى جميع أنحاء الولايات المتحدة، تأسس خلال الحرب العالمية الأولى وتوسع بشكل كبير منذ السبعينيات. وليس من قبيل المصادفة أن هذا التوسع حدث بالتزامن مع إنشاء لجنة (القوات المسلحة المتطوعة بالكامل) بموجب أمر تنفيذى من الرئيس ريتشارد نيكسون فى نهاية حرب فيتنام، كانت مهمة اللجنة وضع خطة شاملة للقضاء على التجنيد الإجبارى والتحرك نحو قوة مسلحة متطوعة بالكامل. أدى التجنيد إبان حرب فيتنام إلى خلق حركة مناهضة للحروب، وبحلول عام 1973، تم إنهاء عمل اللجنة. ولكن كيف، إذن، يمكن ضمان تطوع الشباب بأعداد كافية للمخاطرة بحياتهم فى مغامرات إمبريالية أمريكية من أجل الحفاظ على أكبر مؤسسة عسكرية فى تاريخ البشرية؟
الإجابة، بجانب رفع معدلات الأجور وفتح أبواب التجنيد أمام الإناث، تتمثل فى إنشاء برنامج تدريب وتجنيد فى المدارس الثانوية، لا سيما تلك الموجودة فى المجتمعات الحضرية الفقيرة التى يسكنها إلى حد كبير الأشخاص الملونون، وكذلك فى المناطق الريفية التى كانت الخدمة العسكرية فيها تقليدًا وعرفًا.
النقطة الرئيسية التى أكدتها التايمز هى أن هذه البرامج من المفترض أن تكون «اختيارية» للطلاب والطالبات، لهم حرية أخذها أو رفضها، ولكنها غالبًا ما تكون إلزامية فى الواقع، إن لم يكن فى القانون. على سبيل المثال، يتم تسجيل الطلاب فى العديد من المدارس بشكل تلقائى، ومن أجل رفع أسمائهم، عليهم أن يكافحوا لإتمام بعض الإجراءات المعقدة.
من هنا جاء العنوان الرئيسى على صحيفة التايمز «فى العديد من المدارس العامة، التدريب العسكرى ليس اختياريا». صحيح العنوان جاذب للأنظار، لكن المسألة ليست فى التجنيد الإلزامى مقابل التجنيد الطوعى، بل القضية الرئيسية هى ما إذا كان يجب استخدام المدارس العامة الأمريكية لإقناع الطلاب بالالتحاق بالخدمة العسكرية من خلال استغلال ظروفهم الفقيرة.
• • •
تصر برامج البنتاجون على أن ما تقوم بتدريسه ليس عدوانا أو أساليب لنشر العنف والإكراه، ولكن الانضباط الذاتى، واحترام السلطة، والقيادة، والعمل الجماعى التعاونى. وغالبًا ما يُنظر إلى هذه الفضائل على أنها غير موجودة فى المجتمعات المعزولة التى تعانى من الفقر المدقع، والمستوى المرتفع من العنف فى الشوارع. وهكذا، تشير هذه البرامج إلى أن العديد من الآباء فى المجتمعات الفقيرة يوافقون عليها، حيث أنهم يقدمون أنواعًا من التدريب المفيد الذى لا يبدو أن الآباء أنفسهم ولا المدارس المحلية بصفتها المدنية قادرة على توفيره.
لكن فى الحقيقة، تساعد برامج القوات المسلحة الأمريكية على توطين الفقر ومدارس مدنية غير كفؤة، إلى أن تظهر القوات المسلحة الأمريكية فى رداء المنقذ الذى يَعِد بانتشال الطلاب من هذه الآفات من خلال تعليمهم أن يكونوا منضبطين، مطيعين للسلطة، معتزين بعملهم، ومتحكمين فى دوافعهم، وقادرين على العمل مع بعضهم البعض فى فرق.
• • •
لكن ألا يمكن أن يتم تدريس هذه المهارات من قبل المدارس نفسها أو من قبل المنظمات المدنية الأخرى؟ ربما، لكن القوات المسلحة وحدها تتلقى مئات الملايين من الدولارات من أموال الضرائب كل عام لتشغيل برامجها التى تستهدف الشباب من الجنسين.
ثم وألا يمكن للمجتمعات الفقيرة أو المتدهورة ــ التى بها هذه المدارس ــ أن تتطور من خلال خطة التنمية الفيدرالية للمناطق غير الصناعية أو المهملة؟ بالتأكيد، لكن من شبه المؤكد أيضا أن هذا سيتضمن خفض الميزانية العسكرية التى تستهلك الآن ما يقرب من تريليون دولار من أموال الضرائب كل عام.
على أى حال، فإن الغرض من برامج البنتاجون ليس القضاء على عدم المساواة، ولكن غرس الاحترام والطاعة لوزارة الدفاع الأمريكية. يتم تدريس هذه البرامج بالمدرسة الثانوية من قبل قدامى المحاربين المتقاعدين الذين قد يكونون أو لا يكونون حاصلين على شهادات جامعية، ولكنهم لديهم النزعة العسكرية. ولذلك فإن المعرفة التى ينقلونها تتضمن حكايات من تاريخ الولايات المتحدة تؤكد على الدور النبيل والأساسى الذى تلعبه القوات المسلحة، وتجنب انتقاد حروب أمريكا أو مقاتليها.
• • •
يصر البنتاجون على أن تجنيد الطلاب ليس الهدف الأساسى لهذه البرامج، لكن جزءًا أساسيًا من مهمتهم هو «خلق مواقف وانطباعات إيجابية تجاه الخدمات وتجاه الوظائف فى القوات المسلحة».
ولكن بالتأكيد! وسواء أكان التجنيد اختياريا أو إلزاميا أو أى شىء بينهما، فإنه أولا وأخيرا تعليم حرب وليس برنامج تعليم السلام. خلال الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضى، بذل الطلاب المناهضون للحرب وأولياء الأمور جهودًا لإخراج جميع برامج التدريب العسكرى من المدارس العامة. يمكن للمرء بالتأكيد المطالبة فى الوقت الحالى لاستبعاد برامج البنتاجون، ولكن من المحتمل أن تفشل المحاولة ما لم يتم اقتراح تدابير فعالة بديلة لهذه البرامج قادرة على حل المشكلات المجتمعية، لتشكل بحق تحديًا للعسكرة المستمرة للمدارس.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلي

التعليقات