لا تنتظروهم - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا تنتظروهم

نشر فى : الإثنين 23 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 23 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

اللاعب الجيد هو من يمكنه اللعب بمهارة تحت ضغط الخصم، والمهاجم الموهوب، قادر على إحراز الأهداف رغم مضايقات المدافعين، وأحيانا عنفهم وضربهم تحت الحزام.

هذه القاعدة الذهبية فى كرة القدم صالحة أيضا فى الحياة، وصالحة جدا فى السياسة، والمغزى أن على الحكومة أن تعمل بجد لتحقيق أهداف ثورتى 25 يناير و30 يونيو، بصرف النظر عن ألاعيب الإخوان وتابعيهم وسعيهم الدءوب لاستفزاز الناس وتنغيص حياتهم، ولعل هذا يفسر ما قاله الأستاذ هيكل فى حواره مع لميس الحديدى الخميس الماضى: «تعطيل مسيرة الوطن فى انتظار وفاق الإخوان خطأ كبير».

فالإخوان لن يسعوا إلى وفاق، ولم تبد منهم حتى الآن بادرة واحدة، تشير إلى استعدادهم للاعتراف بأخطائهم وإعادة ترتيب أوضاعهم، فقد اختاروا أن يعيشوا فى المظلومية، وأن يواصلوا إنكار كل ما جرى فى أعقاب ثورة المصريين عليهم فى 30 يونيو، وبقى أتباعهم أسرى ما تراه الجماعة من ضلالات، وما تبثه «الجزيرة» من أكاذيب.

لن يتوقف الإخوان عن وصف ثورة المصريين ضدهم بالانقلاب، لن يتوقفوا عن نشر الشائعات وتلويث جدران الشوارع بعباراتهم البذيئة، لن يتوقفوا عن مسيراتهم المستفزة الداعمة للإرهاب، غير عابئين بما تخلفه من ضحايا ومصابين سواء بين أتباعهم،أو بين من يتصدون لسخافاتهم وتطاولهم على الجيش والشرطة والشعب.

لن يتوقف الإخوان عن هذه الممارسات البائسة، ليس لأنهم أصحاب قضية،ولا لقناعتهم أن مرسى آت لا ريب فيه، وإنما لأن الدعم القطرى والتركى مستمر، ولأن التعليمات هى أن يجهدوا قوات الأمن، وأن يشتتوا تركيز الحكومة، وأن يعكننوا على الناس، وأن يعرقلوا خارطة المستقبل، فتبدو مصر للعالم دولة فاشلة، وحينها، تتدخل القوى المستفيدة من وجودهم فى السلطة، والتى أنفقت المليارات كى تمكنهم منها، فتعيد مرسى إلى الحكم، والإخوان إلى صدارة المشهد السياسى، وحولهم نفر من التكفيريين والجهاديين والمتأسلمين، وتابعيهم بإرهاب إلى يوم الدين.

هكذا يفكر الإخوان، وهكذا تمضى محاولاتهم الخسيسة لإرباك البلد، والتى فشلت حتى الآن، وستواصل الفشل بإذن الله فى تحقيق أهدافها الدنيئة، بدءا من محاولات احتلال المترو إلى تعطيل السيارات فوق الكبارى، إلى افتعال زحام أمام محطات البنزين، إلى رن جرس الموبايل دون الرد لإسقاط الشبكة، وصولا إلى قطع الطرق وشل حركة المرور.

هذه الجماعة البائسة وأتباعها الأكثر بؤسا، حكموا مصر عاما كاملا بطريقة رفضها المصريون، وعبروا عن هذا الرفض فى مشهدين لم يشهد تاريخ مصر المعاصر نظيرا لهما منذ ثورة 1919، لكن الجماعة المنكِرة المنكَرة، رفضت أن ترى الحقيقة الساطعة كقرص الشمس، فلما لفظها الشعب وعاقبها بما تستحقه، قررت هى أن تعاقبه، لأنه لايستحق جماعة «ربانية» مثلها.

الجماعة وتابعوها وتحالف دعم الإرهاب الذى يطلق على نفسه «تحالف دعم الشرعية»، يعيشون عالما افتراضيا هروبا من هول الصدمة التى تلقوها فى 30 يونيو، هذا شأنهم، أما حين تمس أوهامهم حياة الناس وتعطّل مسيرة الوطن، فلا بد من التعامل معهم بحزم القانون وسطوته.

إذا كانت هذه الجماعة اختارت أن تبقى خارج ترتيبات المستقبل فلتبقى كما تريد، ولا جدوى من دعوات إدماجها ضمن أوضاع جديدة هى تنكرها أصلا، أما إذا اختارت أن تعرقل نهضة الوطن وتشدّه معها إلى الماضى، فالشعب وجيشه وشرطته سيلقنوها درسا لن تنساه أبدا.

أما الحكومة، فلا يجب أن تنتظر «وفاق الإخوان»، عليها أن تعمل ونحن معها، إنقاذا لوطن يعيش فينا ونعيش فيه، وليس «سكنا» فى دار الخلافة، أو «حفنة طين منتنة» كما قال سيد قطب.

على الحكومة أن تواصل العمل لإنجاز خارطة المستقبل فى توقيتاتها المحددة، وأن تؤكد دوما انحيازها لغالبية المصريين، وأن تبذل جهدها كله لتحقيق العدالة الإجتماعية ومكافحة الفقر والأمية والبطالة، وقد كان إقرار الحد الأدنى للأجور خطوة مهمة على الطريق، ونتوقع المزيد.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات