إلغاء الدعم.. بين التمنى والقدرة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إلغاء الدعم.. بين التمنى والقدرة

نشر فى : الجمعة 23 أبريل 2010 - 3:02 م | آخر تحديث : الجمعة 23 أبريل 2010 - 3:02 م

 هل تتمنى الحكومة أن تتخلى تماما عن دعم الوقود والسلع الغذائية؟ الإجابة بالطبع نعم.. ومن كل قلبها. لكن هل تنوى الحكومة اتخاذ قرار برفع الدعم فعلا الآن؟ الإجابة بالقطع لا، لأن ذلك سيفجر ثورة اجتماعية حقيقية قد لا تبقى ولا تذر. إذا ما الذى تنوى الحكومة فعله وما الذى تقدر عليه؟

مصدر حكومى كبير قال لنا قبل شهور فى «الشروق» إن الحكومة لن تتخلى عن دعم السلع الغذائية من سكر وأرز وزيت لأنه لا يكلفها فى أفضل الأحوال أكثر من عشرة مليارات جنيه سنويا، فى حين أن مشكلتها الحقيقية تتمثل فى دعم الوقود من بنزين وسولار وخلافه حيث يكلفها حسبما تقول أكثر من 66 مليار جنيه سنويا.

وما بين تمنى الحكومة بإلغاء الدعم، وعدم قدرتها الفعلية على تحويل ذلك إلى حقيقة هناك مساحة رمادية كبيرة تقوم فيها الحكومة بتجريب العديد من السيناريوهات والتسريبات علها تهتدى إلى حل أمثل يوفر لها ما تعتقد أنه عبء كبير وفى الوقت نفسه يقوم الشعب بتجرعه دون أن يشعر بألم أولا، وإذا شعر لا يقوم بإلقاء الدواء أرضا وصب جام غضبه على الدكتور وصاحب الصيدلية بل ومخترع الدواء نفسه.

التسريبات الحكومية عن التخلص من عبء الدعم تدريجيا نلمحه بوضوح منذ شهور، وهو يتيح للحكومة قياس مدى تقبل الرأى العام له من جهة، وفى الوقت نفسه يتيح لها القسم بأغلظ الأيمان أنها لم ولن تفكر فى إلغاء الدعم وأن حبها للفقراء ومحدودى الدخل يزيد على حب عنتر لعبلة وشوق جمهور الزمالك لهزيمة الأهلى والحصول على الدورى وحب المعدومين للحمة هذه الأيام،

ما هو شبه مؤكد أن الحكومة لن تقدم على المساس بالدعم هذه الأيام وكذلك فى الشهور المقبلة، لأنه يفترض أنه لا يوجد سياسى حكيم يقدم على اتخاذ قرار خطير والحزب الوطنى مقدم على انتخابات الشورى بعد أسابيع قليلة ثم انتخابات مجلس الشعب فى أكتوبر المقبل، وربما يمتد الأمر حتى انتخابات الرئاسة بعدها بعام.

لكن الذى يحدث عمليا أن الحكومة مستعدة عمليا للخطة الحاسمة.. الدراسات موجودة وقاعدة البيانات جاهزة.. فقط الجميع ينتظر مخرجا مسرحيا وسينمائيا عالميا كى يتفتق ذهنه عن طريقة تنفيذ ترضى الجميع، وفى كل الأحوال لن تعلن أنها ستلغى الدعم بل «ستدلعه» وتقول إنه تحريك أو إعادة هيكلة أو أى مسمى آخر.

هل يتم بيع البنزين بسعر أعلى للسيارات الفارهة، ومقابل ذلك يتم الإغداق على محدودى الدخل فى البداية، أم هل يتم الأمر بإعادة توزيع الدعم بالكوبونات أو البطاقات الذكية بما يضمن وصوله فعلا إلى مستحقيه، هل يتم تخيير المواطن بين الدعم النقدى والعينى.. المؤكد أن جعبة الحكومة مليئة بالكثير وربما بها أكثر مما فى جعبة أى «حاوى» محترف، لكن المشكلة أن حتى الحاوى المحترف يساوره القلق فى لحظات كثيرة أن يخرج جزء من الجمهور عن النص ويكتشف أن كل ما يقوم به مجرد حيل.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي