نقاط على حروف - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 1:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نقاط على حروف

نشر فى : الإثنين 22 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 22 يوليه 2013 - 8:00 ص

بالعلم وبما جرى على أرض الواقع، فإن ما جرى فى 30 يونيو ثورة وليس انقلابا...

الانقلاب يقوم به الجيش ضد حكومة مدنية بهدف الاستيلاء على السلطة، وهو أمر يمكن ملاحظته بسهولة فى الحالة السودانية التى شهدت دورات من الحكم المدنى ثم الانقلاب عليه، وبهذا المعنى فإن ما قام به الضباط الأحرار فى 23 يوليو 52 كان انقلابا، لكنه تحوّل إلى ثورة حين تبنى الضباط الأحرار مطالب الجماهير خصوصا على صعيد العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة، وهو أمر يناقض تماما ما جرى فى 30 يونيو، فقد خرجت الملايين تطالب بعزل مرسى وإقصاء جماعته عن الحكم، ولم يكن أمام جيش مصر الوطنى العظيم، سوى الاستجابة لمطالب الناس، فانحاز إليها، تماما كما فعل فى 25 يناير، لكننا لم نر جنرالا رئيسا للدولة أو رئيسا للحكومة، وأعلن قائد الجيش بوضوح ابتعاده ورجاله عن المسار السياسى، وانصرفوا لمهامهم فى الدفاع عن حدود مصر وأمنها القومى ضد الإرهابيين خصوصا فى سيناء.

الجوهر الكامن خلف ثورة 30 يونيو ليس عزل مرسى وجماعته واستبدال سلطة بأخرى، الدلالة الأشمل هى أن المصريين فى عمومهم يرفضون المشروع السياسى للإخوان ولتيار الإسلام السياسى كله. هى ثورة مجتمع ضد جماعة تهدد كيانه واستقلاله ووسطيته وفهمه للدين وللحياة، كان المجتمع يدافع عن نفسه ضد أفكار جماعة فاشية منغلقة، تتناقض أولوياتها وأجندتها وفهمها لمعنى الوطن والمواطنة، مع ما استقر عليه وعى الغلبة الغالبة من المصريين والذى تشكّل عبر آلاف السنين.

بهذا المعنى، فإن دعوات المصالحة التى تنهمر علينا هذه الأيام والتى لا أشك فى حسن نوايا أصحابها، ترتكب خطأ فادحا إن هى تجاهلت هذه الدلالات، وسيكون إعادة دمج الإخوان والمتأسلمين فى الحياة السياسية بالصيغة ذاتها التى سبقت 30 يونيو، أشبه بإغلاق الجرح قبل تنظيفه، ما يؤدى إلى تقيحات وبثور ودمامل، قابلة للانفجار فى أى لحظة. ليست هذه دعوة للإقصاء بحال، فالمتأسلمون يعيشون بيننا، ومنهم أهلنا وأقاربنا وجيراننا، ولن يتبخروا أو يختفوا من حياتنا لأن بعضنا يريد ذلك، فما المطلوب إذن؟

إطار سياسى وقانونى ملزم يعمل الجميع فى إطاره، المتأسلمون وغيرهم، يبعد الدين عن السياسة، ويجرّم استغلال الشعارات الدينية والمتاجرة بها فى العمل السياسى، ويحصر الخلاف بين الفرقاء فى حدود الصواب والخطأ، وليس الإيمان والكفر، إطار يعلى شأن المواطنة، ويؤكد انه لا فضل لمصرى على آخر مهما كانت ديانته أو ووضعه الاجتماعى، إلا بالعمل لصالح الوطن ورفعة شأنه.

تصبح المصالحة حرثا فى البحر، لو أنها تجاهلت محاسبة المحرضين على العنف والداعين للاستقواء بالخارج وتقسيم الوطن، وفق إطار قانونى عادل، يضمن لهم حق الدفاع عن أنفسهم، ويقتص للمجتمع منهم إذا ثبتت التهم الموجهة إليهم.

لا جدوى من مصالحة لا تخضع جماعة الإخوان لأقصى درجات الشفافية باعتبارها جمعية أهلية تسرى عليها القوانين التى تسرى على بقية الجمعيات،فنعرف حجم أموالها ومصادر تمويلها وأعضائها، وأن ننهى إلى الأبد حالة «البلهلينا» التى ترفل فى نعيمها هذه الجماعة، والتى سمحت لها أن تبقى دولة داخل الدولة، وأن تبقى سرية انقلابية منغلقة،خارج السلطة وعلى قمتها.

أول خطوة على طريق النجاح بعد ثورة 30 يونيو، هى أن تنتهى إلى الأبد من حياتنا سياسات «البيْن بيْن».

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات