.. وقلوبهم شتّى - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:58 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

.. وقلوبهم شتّى

نشر فى : الإثنين 23 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 23 أبريل 2012 - 8:00 ص

«تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى».

 

تعكس هذه الآية الكريمة حال المحتشدين فى ميدان التحرير الجمعة الماضية، والتى تعددت فيها المنصات وتباينت الشعارات، دعك من هذا الشعار «التوافقى» البذىء: يسقط حكم العسكر، فهم يعرفون أن العسكر راحلون، وأن المجلس العسكرى هو أحرص الأطراف على تسليم السلطة فى موعدها، وكلام المشير عن ضرورة وضع الدستور قبل الانتخابات الرئاسية «كى لا تنفجر أزمة الدستور فى وجه الرئيس القادم» بنص تعبيره، لا يعنى أبدا أن المجلس لا يريد أن يرحل.

 

لماذا إذن كانت هذه المليونية؟

 

أنصار الأستاذ حازم أبوإسماعيل أرادوا أن يثبتوا وجودهم، وأن يمنحوا مرشحهم خروجا مشرّفا بعد أن صار خروجه من السباق مؤكدا بسبب جنسية والدته الأمريكية، ولا أظن أن أكثرهم يصدق أن اللجنة الرئاسية تآمرت لاستبعاده، أو أن أمريكا والمجلس العسكرى لا يريدانه رئيسا لمصر كما يدعى، لكنهم أرادوا أن يقولوا لنا إنهم وإن غادر مرشحهم السباق، فإنهم باقون فى المشهد، بقوة الحشد لا بشرعية القانون.

 

جماعة الإخوان المسلمين أرادت أن تقول للمجلس العسكرى إن ورقة الشارع معها، وأنها جاهزة للعب بها عند اللزوم، وإنهم إن لم يحصلوا على التورتة كلها «البرلمان والحكومة والرئاسة»، فسيقلبونها رأسا على عقب، وقد قال المهندس خيرت الشاطر صراحة عقب استبعاده، إن الجماعة ستدفع الملايين من أنصارها إلى الشوارع والميادين، وأنهم مستعدون لتقديم آلاف الشهداء لإنقاذ الثورة التى سرقت، دون أن ينتبه إلى أن القوى السياسية الأخرى تتهم الإخوان بسرقة الثورة، وربما هذا هو الذى دفع الجماعة للمشاركة بهذه الكثافة، برغم أن رسالة القوى الإسلامية وصلت فى الجمعة السابقة، لكنهم أرادوا أن «يحزّموا» هذه المليونية، كى لا يخرج الآخرون بشعارات معادية، وبالمرّة، يرفعون شعار عزل الفلول، وهو شعار يستهدفون به عمرو موسى لا أحمد شفيق، فهو فى تقديرهم المنافس الأخطر على مرشحهم، ولذا يضعه الموقع الرسمى للجماعة فى السلة ذاتها التى يضع فيها عمر سليمان وأحمد شفيق، ويشير إليه باعتباره «أمير الفلول». أما الائتلافات الثورية فقد كانت تحشد لهذه المليونية منذ أسابيع، وكان شعارها الرئيسى لا لجمعية تأسيسية لا تمثل كل الأطياف، وهى تقصد طبعا استئثار القوى الإسلامية صاحبة الأغلبية فى البرلمان بتشكيل الجمعية ووضع الدستور، فلما تحقق لها ما أرادت بضغط المجلس العسكرى على الإخوان، وبمعارضة أغلب القوى السياسية، قررت أن تواصل مليونيتها حتى وإن رفعت شعاراتها القديمة، وقد توهم بعضهم أن الإخوان «سيعتذرون عن إساءتهم للثورة» وأنهم تابوا وأنابوا، وأن هذه هى اللحظة المواتية «لجرّهم إلى ملعبنا، ولنبدأ من نقطة الصفر»، من الميدان باعتباره ــ بحسب هذه الائتلافات ــ مصدر الشرعية الوحيد، لا البرلمان ولا صندوق الانتخاب، متناسين هذه اللافتة العريضة التى ميّزت مليونية الإخوان والسلفيين فى الجمعة السابقة: «شرعية الميدان = ثورة + برلمان».

 

قال لى سياسى كبير إننا مقبلون على ثلاث أو أربع سنوات من الفوضى، وأن هذا الغضب العارم الذى يشتعل فى النفوس، لن ينطفئ قبل مواجهات كبيرة تسيل فيها الدماء، وأسوأ تجلياته هو أن يصطبغ بصبغة طائفية، بعدها يمكن للنفوس أن تهدأ وللتوافق أن يحدث.

 

أتمنى أن يكون مخطئا.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات