عود على بدء - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 7:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عود على بدء

نشر فى : الإثنين 21 نوفمبر 2011 - 9:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 21 نوفمبر 2011 - 9:40 ص

هكذا، ونحن على بعد خطوة واحدة من أول انتخابات برلمانية حقيقية بعد الثورة، يعيدنا مشهد ميدان التحرير مساء السبت الماضى إلى أجواء ما قبل 11 فبراير، أجواء ما قبل التنحى.

 

لا أعرف ماذا سيكون رد المجلس العسكرى والحكومة على ما جرى، فالمقال الذى بين يديك أكتبه فى السادسة من صباح الأحد، وأتمنى أن تشهد الساعات المقبلة انفراجا، يعيد الأمور إلى طبيعتها، فتهدأ الأوضاع ويطمئن الناس على إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها، فأسوأ نتيجة يمكن الوصول إليها عقب هذه الأحداث هى تأجيل الانتخابات.

 

لا أميل إلى مقولات رددها البعض بعد لحظات من الأحداث، اتهموا فيها القوى الإسلامية بأنها وراء تفجير الموقف على هذا النحو، بدعوتها إلى مليونية الجمعة الماضية، فقد مرت المليونية بسلام، وكانت حضارية ومسئولة إلى أبعد مدى، وأخلى الإسلاميون الميدان فى السادسة من مساء اليوم نفسه، ثم كان الصدام بين الأمن ومجموعة من المعتصمين، بعدها تداعت الأحداث على النحو الذى شهدناه، والذى أسفر حتى كتابة هذه السطور عن وفاة شخص واحد وإصابة 750.

 

أعرف أن هناك من يدعون إلى ثورة ثانية، بدعوى أن الثورة سرقت وأنها لم تحقق أهدافها، وأعرف أن كثيرين من أصحاب هذه الدعوة نزلوا إلى الميدان فورا عقب تفجّر الأحداث لإعلان غضبهم وتسخين الأجواء تمهيدا لثورتهم الثانية التى لا أعرف ولا يعرفون بالتأكيد إلى أين تقودنا، لكننى أخشى أن تسلمنا دعوة من هذا النوع إلى حرب أهلية، فالمشهد الآن يختلف جذريا عنه قبل 25 يناير، فقد وحدتنا كراهية مبارك ونظامه على مدى ثمانية عشر يوما، وما أن أزحناه حتى تفرغنا إلى حروبنا الصغيرة، وتبدت سوءاتنا على نحو فاضح، وانفجرت شرايين الغضب فى كل اتجاه، حتى تحولت مباريات كرة القدم من فرصة للمتعة والاستجمام، إلى معارك بالطوب والعصى والشماريخ، وسيطر حوار المولوتوف على سجالاتنا اليومية، وصار سلاحا جاهزا فى كل خناقة أو مظاهرة أو اعتصام، والأهم هو صراع الهوية الذى قسّمنا إلى مسلمين ومسيحيين، وسلفيين وصوفيين، وإسلاميين وعلمانيين، وهو صراع لم تحسمه مصر عبر تاريخها الحديث، وأرجوك أن تعود إلى سجالات نخبة بدايات القرن، إلى طه حسين وعلى عبدالرازق وحسين فوزى وتوفيق الحكيم وسلامة موسى ويحيى حقى وغيرهم، لتكتشف أننا نعيد إنتاج ما قتلوه بحثا، ولكن بصورة أكثر بدائية وبداوة.

 

مرة أخرى، لا مخرج لنا من كل ما يجرى إلا الذهاب إلى صنايق الانتخاب، فالانتخابات المقبلة هى خطوتنا الأهم لهدم ما تبقى من النظام القديم، وبناء نظامنا الجديد. الانتخابات المقبلة ــ أيا كانت نتائجها ــ هى اختيارنا الحر لأول مرة منذ عشرات السنين، وعبرها ستولد أول شرعية من رحم الثورة.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات