الوزير المارق - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 7:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوزير المارق

نشر فى : الإثنين 21 يونيو 2010 - 11:40 ص | آخر تحديث : الإثنين 21 يونيو 2010 - 11:41 ص
ورّط وزير التربية والتعليم النظام، ودفع الحكومة إلى مواجهة سعت دوما إلى تجنبها، وخالف ما اعتدناه من أسلافه، فلم يسمح بالغش الجماعى والفردى، ولم يغض الطرف عن تسريب الأسئلة وبيع الإجابات النموذجية، وبالغ فى عناده، فلم يصرح ــ كسابقيه ــ بأن الامتحانات جاءت فى مستوى الطالب المتوسط، وأن الأسئلة الصعبة سيتم إعادة توزيع درجاتها أو إلغائها من الأساس، استجابة لهذا المشهد المؤثر الذى يفتت القلب ويدمى الفؤاد ــ وهو أيضا مشهد متكرر ــ حيث تحتضن أم ثكلى ابنتها التى انخرطت فى البكاء، بعد أن داهمتها الأسئلة الصعبة على غير توقع.

خالف الوزير نصوص التعاقد غير المكتوب بين الدولة والناس، وهو أشبه بمقايضة تتخلى فيها الدولة عن تعليم أبنائهم بالمجان وتوظيفهم،على أن تمنحهم فى المقابل شهادات جامعية،يزينون بها جدران بيوتهم ويفاخرون بها فى مجالسهم.

ارتضى الناس بهذه الصيغة، واعتبروا أن تصعيب الأسئلة وتفعيل لجان المراقبة ومحاصرة الغش والغشاشين نقض للاتفاق،ماداموا هم من يتكفلون بتعليم أبنائهم، وينزفون دماء قلوبهم فى الدروس الخصوصية والسناتر، ومادامت الحصيلة فى النهاية صفرا، فالأولاد سينضمون إلى زملائهم العاطلين،مهما كانت نوعية الكليات التى تخرجوا فيها، قمة أو قاع.
ولهذا فإنهم ينتفضون حين لا يتمكن أبناؤهم من «تقفيل» الامتحان، أى الإجابة الصحيحة عن جميع الأسئلة، ولا يصدقون أن الأصل فى الامتحان أنه يقيس مستويات الطلاب، وأن امتحان الطالب المتوسط يظلم النابهين والمتميزين، ويساويهم بالخاملين محدودى القدرات، والأسئلة ينبغى أن تعكس هذا التمايز وتؤكده، وأن الغش يضيع تعب المجتهدين، ولا يفرق بين من سهر الليالى فى الاستذكار والتحصيل، ومن أرقه السهاد بين قنوات الدش وساحات الدردشة على الإنترنت.

يعزف الوزير بدر منفردا، وربما بدت نغمته الصحيحة نشازا وسط جوقة من الموسيقيين الذين برعوا فى خداع المستمعين، ما يعكس حالة من عدم التناغم بين أعضاء الفريق، وأداء من هذا النوع ينتظره مصيرمن ثلاثة: إما أن ينضم الوزير إلى الجوقة فيعزف على طريقتهم،وإما أن يكون من القوة بحيث يشد إلى أسلوبه فى العزف باقى أعضاء الفريق، وإما أن يتم استبدال عازف آخر به يقرأ النوتة كما كتبها المايسترو، دون خروج عن النص.

هل تعرفون أكثر ما يدهشنى فى هذا المشهد العبثى؟
نحن، الذين نصر على أن نلحق أولادنا بكليات القمة ليكونوا فى «قمة» العاطلين، ولا نبذل جهدا فى اكتشاف قدراتهم ومواهبهم التى لو أعطيناها فرصة للانطلاق لأسعدتهم وأسعدتنا بهم.
غيّروا أفكاركم، وترفقوا بأبنائكم.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات