البحث عن داوود عبد السيد - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 8:35 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البحث عن داوود عبد السيد

نشر فى : الأحد 21 يونيو 2009 - 6:20 م | آخر تحديث : الأحد 21 يونيو 2009 - 6:20 م

 شاهدت أخيرا فيلمى «إبراهيم الأبيض» للمخرج مروان حامد و«دكان شحاتة» للمخرج خالد يوسف، وهما اللذان حظيا بقدر هائل من الدعاية والترويج حتى قبل أن يخرجا إلى شاشات العرض، ودهشت زوجتى التى رافقتنى فى المرتين حين سألتها عقب نهاية العرض فى كل مرة: هو فين داوود عبد السيد؟

بدا لى المشهد الأول من فيلم «إبراهيم الأبيض»، كما لو كان محاكاة للمشهد الأول من الفيلم الذى حصل على جائزة الأوسكار هذا العام «المليونير المتشرد» إذ يبدأ الفيلمان بمطاردة لاهثة خلف طفل ارتكب جرما، يتم خلالها استعراض الواقع الأليم لحياة الفقراء وقاطنى المناطق العشوائية فى مومباى كما فى القاهرة، قبل أن نتابع مسيرة الشخصية الرئيسية التى تباينت نهايتها فى الحالتين، ففيما ينعم «جمال» بنهاية سعيدة تعود إليه حبيبته ويفوز فى مسابقة من سيربح المليون وينقلان إلينا حالة السعادة تلك عبر أغنية النهاية عن الأحلام الممكنة، يسقط ابراهيم الأبيض مضرجا فى دمائه بعد معركة شرسة بالأسلحة البيضاء مع رجال المعلم زرزور.

وإذا كان فيلم «الأوسكار» نجح فى كشف حالة الفقر المدقع والظلم الاجتماعى والاستبداد السياسى فى أحياء مومباى الفقيرة، ودفعنا إلى التعاطف مع العائشين فى هذه المناطق، فإن «الأبيض» يفعل العكس تماما، يدفعنا إلى الخوف من قاطنى هذه الأماكن وكراهيتهم، ماداموا على هذه الصورة البشعة التى نقلها إلينا الفيلم : تجار مخدرات وبلطجية وخارجون على القانون وقتلة. باختصار، لم يقدم لنا الحكاية ضمن سياق اجتماعى أشمل، إنما قدم لنا سيرة حياة مجرم، بعضها حقيقى وأكثرها أسطورى.

«دكان شحاتة» حالة أخرى من الغضب الزاعق «ملحمة» تتنبأ بفوضى عارمة تأكل الأخضر واليابس بعد سنوات قليلة من الآن، ويتابع التحولات التى شهدها المجتمع المصرى فى ثلث القرن الأخير من وجهة نظر صانعى الفيلم طبعا، عبر أسرة قدم عائلها من الصعيد إلى القاهرة فى ستينيات القرن العشرين، وهى الرسالة التى أثقلت كاهل الفيلم والمشاهد معا، وبدا السيناريو « كوكتيل » من أفلام ومسلسلات عديدة، تم حشرها متجاورة، ناعيا إلينا غياب الطيبة والتسامح والوداعة.. وطغيان الجشع والقسوة والأنانية. وبصرف النظر عن الدلالات الرمزية لـ«دكان شحاتة» والعلاقات المتشابكة بين الأخوة وما يطرأ عليها بفعل الثراء المفاجىء الذى ينعم به الأخوة ويحرم منه شحاتة، فإنك فى الحقيقة تشعر بأن كل ماتراه وتسمعه سبق أن رأيته وسمعته من قبل، لاجديد سوى هذا الادعاء الذى يصدح من أبواق السياسة بأكثر مما ينهل من ينابيع الفن.

السينما المصرية عرفت أفلاما عديدة جالت فى مناطق الفقر والعشوائيات ومساحات الأحلام المؤجلة، والتشوهات التى طالت طبائع الناس بفعل التحولات الانقلابية فى السياسة والاقتصاد، لكن بجمال وتعاطف وفنية أعلى بكثير مما رأيناه فى « الأبيض» و«شحاتة».

الميزة الأكبر لهذين الفيلمين أنهما يجعلانك تتذكر «سواق الأتوبيس» و«الكيت كات» و«أحلام هند وكاميليا» و«سارق الفرح» و«ليه يابنفسج» و«قشر البندق» و«هيستريا» و«سوبر ماركت» و«عفاريت الأسفلت» و«يادنيا ياغرامى»، وتتساءل بجد : هو فين داوود عبد السيد ومحمد خان وخيرى بشارة؟

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات