أين العمل العربى المشترك فى مواجهة الوباء؟ - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 2:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أين العمل العربى المشترك فى مواجهة الوباء؟

نشر فى : الإثنين 20 أبريل 2020 - 9:55 م | آخر تحديث : الإثنين 20 أبريل 2020 - 9:55 م

نشر موقع «إندبندنت عربية» مقالا للكاتب «طونى فرنسيس»، تناول فيه الغياب التام لدور الجامعة العربية فى مواجهة الوباء، وكيف تستطيع الجامعة الاستفادة من الوباء كفرصة فتصب اهتماماتها على زيادة موازنات البحث العلمى، نعرض منه ما يلى:
لم تخرق إصابات وباء كورونا فى العالم العربى السقوف التى سجلت فى أنحاء أخرى من العالم. بقيت الأرقام منخفضة نسبة إلى ما حصل فى الصين وأوروبا وأمريكا، وحتى مقارنة بدولة محاذية هى إيران.
لكن هذا الجانب الإيجابى لا يمكن ولا ينبغى الركون إليه، وقد حذرت هيئات صحية دولية من مخاطر انفجار الوباء فى الشرق الأوسط إذا تم تخطى التدابير المعتمدة من عزل وحجر منزلى والتزام تدابير التباعد الاجتماعى.
اجتهدت دول عربية عدة فى محاولة حصر الوباء وصده، وحققت نجاحات ملموسة، فى مصر، أكبر هذه الدول من حيث التعداد والاكتظاظ السكانى، وفى دول الخليج العربى، حيث اتخذت السعودية تدابير صارمة لمنع انتشار المرض وعزله والقضاء عليه، وقدمت الإمارات نموذجا فى إدارة المواجهة جعلها تحتل مرتبة أولى على مستوى العالم بين الدول الطليعية فى عمليات الفحص الاستباقى والمعالجة والمساعدة، وهو ما عملت عليه الكويت، فى ما سعت الدول المغاربية إلى الصمود، آخذة بعين الاعتبار اجتياح الجائحة لبلدان قريبة مؤثرة تشكل مثلثا يتحكم تاريخيا بالمغرب العربى: إيطاليا وفرنسا وإسبانيا.
نجا العالم العربى، حتى الآن وإلى حد ما، من كارثة كبيرة كانت ستضاف إلى الكوارث التى يعيشها. فالعراق وسوريا ولبنان، دول تواجه فوضى اجتماعية وانهيارا فى مؤسسات السلطة وحروبا تحمل الدمغة الإيرانية الممهورة بتوقيع كورونا. وليبيا، حيث يشتد التدخل التركى دعما لحكومة طرابلس، لم تشهد حتى هدنة بسيطة لتمييز مصاب القتال عن مصاب الكورونا، وفى اليمن يوغل حلفاء إيران بالرقص على حافة الوباء، فى ما تضع هيئات الصحة العالمية يدها على قلبها نتيجة اهتراء النظام الصحى اليمنى بأكمله.
مع ذلك، لم تقع مصيبة كبرى بعالم العرب، إلا أن مصائب كبرى كشف عنها الوباء وفضحها، فحواها غياب عربى شبه تام عن التخطيط المسبق، جماعيا أو فرديا، لمواجهة الكوارث، وانعدام الإسهام فى البحث عن أدوية لمعالجة مرضى كورونا، وعجز يكاد يكون مطلقا عن وضع سياسات استراتيجية توفر الأمن الغذائى والدوائى، الأمر الذى جعل البلدان العربية تنخرط فى سباق مع دول أخرى لاستيراد الكمامات والمستلزمات الطبية من سوق تتحكم فيه «مافيات» تجارية استغلالية وحكومات تقف محتمية فى الظل.
ويتساءل المرء عن دور المؤسسات العربية المشتركة، بدءا من جامعة الدول العربية التى مضى على تأسيسها 75 عاما ونيف، ومجالسها المتفرعة، ومنها مجلس وزراء الصحة العرب وقطاع الشئون الاجتماعية الذى يترأسه أمين عام مساعد. كما يتساءل عن موازنات البحث العلمى فى عموم العالم العربى والمبالغ الهزيلة التى تخصصها الحكومات له مقابل ما تفعله دول أخرى فى العالم، بينها إسرائيل!
ومن المؤسف الغياب شبه الكامل للجامعة العربية «الصحية» عن غزو يتعرض له وطنها، وليس فى أرشيف نشاطات الجامعة سوى تصريح للأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشئون الاجتماعية، السفيرة هيفاء أبو غزالة، يوضح أن اجتماع وزراء الصحة العرب 27 فبراير أصدر قرارا بشأن كورونا يدعو إلى اجتماع على مستوى الخبراء فى العاشر من مارس فى القاهرة، إلا أنه لم يحصل، واكتفت الأمانة العامة باتخاذ إجراءات تحفظ «سلامة السيدات والسادة الموظفين». عقمت الأمانة العامة مبنى الجامعة، ونظمت العمل بنصف الموظفين وألغت مواعيد الاجتماعات كافة خلال مارس وإبريل، وعممت مواد التعقيم والتنظيف فى المقر.
كان هذا إسهام الجامعة فى المكافحة، يضاف إليه ذلك النص الصادر فى 27 فبراير، والذى سيزعج الولايات المتحدة، لإشادته الحماسية المبكرة «بإنجازات الصين الشعبية فى مواجهة الفيروس... والتضامن معها حكومة وشعبا، وتثمين موقفها المنفتح فى التعاون والشفافية بشأن مكافحة تفشى كورونا...».
ليست جامعة الدول العربية كيانا حديث العهد، إنها من عمر الأمم المتحدة وهيئاتها المتنوعة، وهى أقدم من المفوضية الأوروبية أو مجموعة الدول الأوراسية برئاسة روسيا. لقد قامت كل تلك الهيئات بدورها الذى أنشئت من أجله، ولو لم يكن ذلك الدور كاملا فى حالات عدة، ولا يمكن إغفال رغبة المسئولين العرب فى الاستجابة لمطالب النخب والشعوب العربية بتحويل العمل العربى المشترك إلى عمل فاعل. وفى السياق جاء تنويع جدول أعمال القمم العربية، وعقدت أكثر من قمة اقتصادية عشية اندلاع «الربيع العربى»، ثم تأثرت المجموعة العربية سلبا نتيجة الانقسامات والثورات والتدخل التوسعى الإيرانى، إلا أن ذلك لم يمنع بروز دول مجلس التعاون فى أعمال خليجية مشتركة طوال السنوات الماضية، وصولا اليوم إلى مبادرات لتحقيق مخزون استراتيجى من الغذاء والدواء، فى استجابة للتحديات الجيوبوليتيكية أساسا، ثم إلى الوقائع التى فرضها فيروس كورونا.
كانت الاستنتاجات الأولى بعد اكتساح الوباء الكرة الأرضية تقول بضرورة التعاون الإنسانى العالمى، على مختلف المستويات، لمحاصرته ووأده. أكد الجميع على دور الدول المركزى فى المواجهة، إلا أنهم اكتشفوا أهمية التعاون الإقليمى والدولى. ومن الطبيعى أن تتحرك المنظومة العربية لتشكل إطارا متقدما فى مواجهة المخاطر التى تتهدد عالمنا، على المستوى البحثى العلمى والإنتاجى، إذ لا يعقل أن ينتظر العالم لقاحا قد يولد فى أمريكا أو أوروبا أو آسيا أو حتى إسرائيل، فى ما يغط العالم العربى فى سبات منتظرا منْ يقدم له دواء لمرضه.
لقد آن الأوان، لجعل الوباء فرصة للعرب، كما هو للعالم كله، فينصرفون لتخصيص الموازنات الكبرى للبحث العلمى، ويحولون مؤسساتهم الاجتماعية والصحية والعلمية إلى مؤسسات فاعلة وناشطة واستباقية، فى استقلال تام عن حسابات السياسات اليومية، وربما تناقضاتها. إنه تحدى العصر، لكنه بدقة، تحدى كورونا.

النص الأصلى:
https://bit.ly/3eAiUZR

التعليقات