عن تهديد ترامب للصحافة الأمريكية - قضايا إعلامية - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 11:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن تهديد ترامب للصحافة الأمريكية

نشر فى : الإثنين 20 فبراير 2017 - 12:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 20 فبراير 2017 - 12:05 ص
نشرت مجلة Columbia Journalism Review مقالا لـ«لى سيجل» ــ الكاتب والمؤلف لعدة كتب ــ حول الذعر الذى تسبب به ترامب وممارساته للأمريكيين وبخاصة على صعيد الصحافة والصحفيين، الذين لم يعد لديهم شك بالتهديد الذى أضحى يمثله ترامب على حياتهم الصحفية وكل ما يتعلق بذلك المجال، كما يتطرق المقال إلى ما يجب على الصحفيين فعله إزاء جميع هذه التهديدات.
بداية يتطرق الكاتب إلى الصحفيين ورؤيتهم لأنفسهم؛ حيث يقول إنهم يعتقدون وبخاصة خلال هذه الأوقات بأنهم يقومون بالدور الذى دوما ما كانوا يمارسونه، من حيث قيامهم بالكشف عن الحقيقة والإبلاغ عنها ونشرها للكافة، كما أنهم يرون بأنهم قوة مؤثرة للغاية خاصة داخل البيت الأبيض وذلك التأثير يزداد بشكل كبير، وبالتالى فهم يتعرضون لمخاطر عديدة، ومن هنا فعليهم أن يؤدوا المهام الموكلة إليهم بحذر حتى لا يرتكبوا أية أخطاء خاصة حيال من يتربصون بهم وينتظرون خطأهم، بل وعليهم التأكد عدة مرات مما ينشرونه من أخبار وما تتضمنه من معلومات، وذلك لقطع الطريق على من يحاول التشكيك فى مصداقيتهم أو هز ثقة الجماهير بهم، ويجب أن يتم هذا حتى وإن جاءت نتائج تقاريرهم مخالفة لآرائهم الشخصية.
لابد أن يعى الصحفيون كيف ألا يغلبوا توجهاتهم وآراءهم على ما يقدمونه من حقائق، فآراؤهم مكانها بعيد عن جدران المؤسسات الصحفية التى يعملون بها. لذا فيمكنهم التعبير عن آرائهم كيفما يشاءون ولكن بمنازلهم، كما أن عليهم ضبط أنفسهم أثناء استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعى الخاصة بهم. إضافة إلى ذلك فعليهم تجنب المظاهرات وكل أشكال التجمعات العامة، والتضامن مع زملائهم الصحفيين. ويضيف الكاتب أن عليهم أيضا أن يتحلوا بالجرأة فى سرعة توجيه النقد لزملائهم وإدانة أى أخطاء للصحفيين الآخرين. كما يجب على الصحفى أن يكون مقداما وشجاعا أكثر من أى وقت مضى، حتى لا يسمح لذلك النظام الجديد أن يعمل على تآكل المعايير الاجتماعية والسياسية. فلابد أن يكونوا كصحفيين أكثر حرصا وحذرا أثناء ممارستهم لمهنتهم حتى لا يتعرضوا للإهانة أو اللدغات الترامبوية، فعليهم تناول أوجه القصور فى مهنتهم قبل أن تصدر من الآخرين، وأن يدافعوا عن الصحافة بكل ما أوتوا من قوة، وألا يسمحوا للآخرين أن يتدخلوا فيما يقومون به من أعمال ووظائف.
يقول الكاتب إن الصحافة فى جوهرها وسواء كانت فى أفضل حالاتها أو أسوأها فهى ليست مجرد وظيفة أو كأى مهنة؛ بل أنها بمثابة وسيلة للأفراد من أجل التعبير عنهم ومساعدتهم والكشف عما يهمهم، فهى أشبه بالمحامى الذى يعبر ويدافع عن هموم غيره أو كالطبيب الذى يرتبط أدائه لوظيفته ليس فقط بشخصه ومستقبله المهنى بل يرتبط أيضا بحياة الآخرين ومستقبلهم.
على نحو آخر فإنه عندما يصف ترامب الصحفيين بالكاذبين، وعندما يقول إنه يخوض حربا مع وسائل الإعلام وأفرادها الذين يعدون من أكثر الأشخاص تخليا عن الشرف على وجه الأرض على الإطلاق، وعندما يدعى أنهم ينشرون أخبارا مزيفة لا أساس لها من الصحة، وأنهم لا يغطون بدقة الهجمات الإرهابية التى تحدث فى جميع أنحاء العالم، هو حينها لا يوجه فقط النقد أو يهد بنيان أحد أهم أعمدة ومظاهر الديمقراطية الأمريكية، بل أنه يذهب بعيدا عن ذلك حيث ينتقد هويات الأفراد ويوجه النقد الشخصى إليهم وإلى ما ينتمون إليه وإلى طريقة عملهم التى اعتادوا عليها منذ وقت بعيد.
***
إن أكثر قوة يتميز بها ترامب ــ وفقا لعدد من مواقفه الأخيرة، تتمثل فى قدرته على جعل الآخرين يشعرون بأنهم ضعفاء وأنهم معرضون للهجوم طوال الوقت. فقد كشفت ممارسات ترامب عن خوف الكثيرين من التعبير عن هوياتهم، وذلك عقب استخدام ترامب المتكرر للهويات كسلاح أثناء هجومه على أعدائه أو أى شخص يوجه له النقد، وذلك من أجل تقويض وجودهم ومن ثم إلهائهم بمواضيع أخرى تشتتهم وتضعف موقفهم أمامه. وأخيرا أصبح هناك أعداد غير قليلة تشعر بالخوف وعدم الأمان طوال الوقت جراء مثل هذه الممارسات العنصرية، وكل ذلك يحدث تحت سمع وبصر الوافد الجديد إلى البيت الأبيض.
رغم ذلك لا يعتقد الكاتب بأن الولايات المتحدة تتجه نحو الدولة الاستبدادية فى هذه المرحلة من تاريخها، ولكن المقلق يتمثل فى الشعبية المفاجئة لمصطلح «تهديد وجودى»، وهو يعكس واقعا جديدا يجعل المجتمع الأمريكى أقرب إلى تحقيق واحد من شروط الاستبدادية وجعل الحياة تتمحور حول الصراعات المستمرة.
نتيجة لذلك الوعى الخاطئ الذى بات ينتشر بكثرة ــ بفعل ترامب وتصرفاته، فقد سقط عدد كبير من أصحاب الهويات الاجتماعية ــ وبخاصة الضعيفة منها ــ ضحية لذلك، بل أنهم باتوا تحت حصار النظام الاجتماعى الجديد الذى يجرى تنفيذه من قبل ترامب وقادة الحزب الجمهورى.
فيما يتعلق بالصحفيين فهم يتعرضون لقلق مزدوج، فهم فى كثير من الأوقات يكونون مجبرين على تغيير تصوراتهم وفقا للمفاهيم والقيم الجديدة التى بات المجتمع يتقبلها، وفى الوقت ذاته يخشون أن يؤثر ذلك على تدخل المجتمع فى وظيفتهم والنهج الذى يعملون به، ومن ثم يتم إجبارهم على التصرف بطريقة بعينها. لكن ذلك ليس بالضرورة سلبيا بشكل كامل، فمن الممكن أن يقلل من الفجوة فيما بين رؤية الصحفيين لأنفسهم من خلال وجهة نظرهم ورؤيتهم لأنفسهم من خلال عيون خصومهم، وإجمالا فعلى الصحفيين التمييز بين رؤية أنفسهم كصحفيين ورؤيتهم كأفراد داخل وسائل الإعلام.
إن السؤال المهم فى ذلك الصدد يتمثل فى كيف تظل الصحافة مربحة وتحمل رسالة وهدفا فى الوقت ذاته، فهناك العديد من النقاشات التى تدار حول ضرورة أن تكون الصحافة واضحة فيما يتعلق بمعارضة ترامب ونظامه، وتلك بالطبع معضلة حقيقية لما ينطوى عليه ذلك الدور من ردود فعل ترامب، وفى طريقها نحو ذلك سيتوجب عليها الانقلاب على مجموعة الظروف التى تقيدها، وبالطبع فإن التحول نحو ذلك لن يكون سهل على الإطلاق كما أنه من الصعب قياسه فى حال تحققه الآن، لكن الانتظار لفترة طويلة من أجل تحقيق ذلك لن يساهم فقط فى تشويه سمعة مهنة الصحافة بل من الممكن أن يؤدى إلى فقدانها تماما، ربما يكون خلال عاصفة من عواصف ترامب.
يختتم الكاتب بأن الصحفيين عليهم التوقف عن الشعور بالأسف تجاه أنفسهم، فعليهم البدء فى اعادة اكتشاف أنفسهم، والتوقف عن التفكير فى مدى صعوبة أن يكونوا صحفيين، والتذكرة بزمن ازدهار وسائل الاعلام والمقاتلة من أجل الاستمرار والبقاء رغم كل ما يفعله ترامب.

النص الأصلى

التعليقات