سحب الشاب نفسا من مبسم الشيشة وأطلقه فى الهواء ثم قال: طيب دلوقتى لو أمر الله نفد يبقى إيه العمل؟
رد عليه الكهل بحكمة الواثق: لازم فيه ترتيب.
طيب والترتيب ده إحنا ما نعرفش عنه حاجة ليه؟
يعنى إحنا عارفين كل حاجة.
بس ده موضوع مهم مايصحش يبقى فى السر.
شوف، فيه حاجة اسمها مطبخ صنع القرار، وفيه حاجة اسمها تقدير موقف، وعلشان صانع القرار ياخد القرار الصح، لازم يعمل تقدير موقف، وده بيقوم على معلومات وتنبؤات واحتمالات، وبيكون فيه سيناريوهات لكل الاحتمالات.
واحد من السيناريوهات دى إن السر الإلهى يطلع؟
طبعا.
هو إيه اللى طبعا؟
يعنى ضرورى يكون فيه حد جاهز يمسك البلد لو ده حصل.
الأستاذ جمال قال كذا مرة إنه مش عايز، ومفيش نائب.
بس فيه آلية...
قاطعه الشاب: فيه إيه؟
آلية يا ابنى آلية، يعنى فيه انتخابات فى خلال ستين يوم يتولى الأمور فيها رئيس مجلس الشعب.
انتخابات إيه دى الدنيا حتبقى فوضى، والحرس القديم حيضرب فى الحرس الجديد، وعز حيخبط فى الشريف وساويرس حيهبش فى نظيف والشرطة حتضرب فى الشعب والشعب حيقطع فى بعضه، دى حتبقى حوسة.
ماتنساش إن إحنا عندنا حكومة.
آدى دقنى لو شفت واحد منهم ساعتها.
هيروحوا فين؟
هم وبتوع البيزنس وفلوس البنوك حيشدوا على برّه.
يا نهار اسود.
وأنا وإنت والبشر اللى قاعدين دول هنعض فى بعض، واللى إيديه تطول حاجة حياخدها.
وأمريكا حتسيبنا ؟
ما هى دى الفوضى الخلاّقة.
سحب الشاب نفسا أخيرا من الشيشة وكتمه كله فى صدره وقال للكهل وهو يغادر: بمناسبة تقدير الموقف أنا مفلّس، عطلان زى ما أنت عارف، قدّر الموقف بقى وحاسب لى على الطلبات، سلام.
طبق الأصل من حوار سمعته على القهوة، أتمنى أن يكون بين أوراق الرئيس التى يقرأها صباح اليوم.