دولة الخوف - نجاد البرعي - بوابة الشروق
الأربعاء 15 مايو 2024 4:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دولة الخوف

نشر فى : الإثنين 19 يناير 2015 - 8:30 ص | آخر تحديث : الإثنين 19 يناير 2015 - 8:30 ص

ستجرى الانتخابات البرلمانية القادمة فى ظل مناخ من الخوف لم تعرفه مصر خلال الخمسة عشر عاما الماضية. خوف على الدولة، وخوف من الدولة. يخاف قطاع من المصريين على الدولة.

نجح البعض فى إقناعهم بأن المطالبة بالحرية والدفاع عن حقوق الانسان يؤديان إلى تقويض أركانها وإشاعة الفوضى فيها. نجحوا فى إقناعهم بأن التعذيب أداة مطلوبة للحكم وفرض النظام. أقنعوهم بأن الازدراء بقواعد العدالة والتغول عليها هو السبيل الوحيد لحماية الدولة من دعاة الفوضى. اقتنع البعض بأن داعش هى نتيجة الثورة على نظام بشار الاسد وليست نتيجة ممارسات نظام بشار الاسد.

وان تفكك الدولة فى ليبيا واليمن هو نتيجة للمطالبة بالحرية وليس نتيجة القمع وغياب الحرية فى عهد الطغاة الفاسدين اللذين حكموهما. الخائف على الدولة معذور.

الإعلام لا يقدم باستفاضة نماذج ناجحة لدول وصلت عن طريق الديمقراطية إلى الحرية، تدعم حقوق الانسان ولا تتباهى بانتهاكها أو تقدم المبررات لذلك. لم يقدم احد للناس بإنصاف التجربة التونسية التى اسقطت نظام بن على الفاسد الوحشى، واقامت بدلا منه نظاما ديمقراطيا تعدديا يحترم حقوق الانسان، دون ان تتفكك تونس أو تنهار أو تتقاتل التيارات السياسية فيها.

لم يقدم احد للخائفين على الدولة من الحرية التجربة المغربية التى بدأها الحسن الثانى، واستكملها خليفته محمد السادس.

بدأت عملية الاصلاح السياسى هناك من داخل النظام الحاكم وبقيادته، واستطاعت ان تقدم للعرب والعالم نموذجا لعدالة انتقالية تؤدى إلى مصالحة وطنية حقيقية وقطيعة مع الماضى دون الدخول فى احتراب اهلى. على الضفة الاخرى هناك مصريون يخافون اليوم على الحرية من الدولة.

يرى هؤلاء ان الدولة قد اصبحت قاسية يجب الخوف منها وليست قوية يتعين احترامها. دولة قاسية لا يحترم بعض مسئوليها الدستور والقانون، تحيل الصحفيين والاعلاميين إلى التحقيق ثم المحاكمة بتهم مثل «تكدير السلم العام»، تقوم بإصدار قوانين تقمع حريات التعبير وتتضمن ألفاظا لا يمكن معرفة معناها مثل «أشياء أخرى»!!، دولة تضغط على المجتمع المدنى لتدجينه أو اقصائه، ولا تستمع إلى الاحزاب السياسية بانتباه وجدية، بل تخاطبها بتعال وفوقية.

لم يحاول الرئيس والوزراء إقناع الخائفين على الحرية بأنهم لا يرغبون فى بناء دولة قاسية عنيفة. لم يتم أى تحقيق فى عمليات الفساد لا قبل ٢٥ يناير ولا بعدها. لم تقم الجهات القضائية بالتحقيق مع المتورطين فى عمليات التعذيب وإحالتهم إلى المحاكمة بالتهمة نفسها التى تحقق فيها مع المتظاهرين وترسلهم إلى السجون، على كثرة ما اصدر الرئيس من تشريعات فى غيبة البرلمان فإنه لم يصدر تشريعا واحدا يضمن حقوق الانسان فى مقابل تشريعات صدرت تنتهك تلك الحقوق.

ما بين الخوف على الدولة والخوف من الدولة ستجرى الانتخابات المقبلة. ولكن أى برلمان هذا الذى سينتخبه الخائفون من الحرية والخائفون عليها.

التعليقات