حركة المحافظين - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 4:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حركة المحافظين

نشر فى : الإثنين 19 يناير 2015 - 8:30 ص | آخر تحديث : الإثنين 19 يناير 2015 - 8:30 ص

بحسب ما نشرت الصحف، فإن تأخر الإعلان عن حركة المحافظين سببه اعتذار عدد كبير من المرشحين لهذا المنصب عنه.

ويمكن توقع اسباب الاعتذار، بعيدا عما يسوقه المعتذرون من اسباب تتعلق بظروفهم الشخصية.

وبرأيى، فإن منصب المحافظ والوزير وغيرهما من مناصب السلطة التنفيذية، لم تعد مغنما يسعى اليه الساعون إلى حصد المغانم، صار عبئا يضع صاحبه فى مرمى جهات مراقبة عديدة على رأسها وسائل الاعلام، التى ترصد وتتابع اداء المسئولين، وتضع المسئول فى مواجهة مباشرة مع المواطنين، وهو ما يدفع كثيرين إلى الناى بأنفسهم عن المواقع القيادية، التى لن تجلب لهم سوى «التجريس» والأذى.

وللحق، فإن كثيرا مما تشير اليه الصحف والفضائيات يكون صحيحا ومعبرا عن خلل حقيقى فى مواقع العمل، كما ان بعضه يكون متجنيا ومنحازا و«شخصيا» وينال من الموظف العام ودون تدقيق، استنادا إلى ان المواطن دائما على حق، والأمر ليس كذلك فى كل الظروف.

اتصور ايضا ان حجم المشكلات التى تعانى منها المحافظات جميعها فى القطاعات والمرافق المختلفة، يدفع المسئول إلى التفكير الف مرة قبل قبول المنصب، فالموارد محدودة، والطموحات عالية، والناس لم يعد فى قوس صبرهم منزع، وهو ما يدفع المهندس ابراهيم محلب إلى وصف حكومته بأنها حكومة محاربين، وهى ينبغى ان تكون كذلك بالفعل، فهى فى مهمة انقاذ لا مجال فيها للفشل والاخفاق.

لكن تأخير حركة المحافظين للأسباب السابقة، يعنى ان الاختيار لم يجر على الأسس المعتمدة «اياها»، اى اهل الثقة والمتذلفون والمشتاقون، وإلا لانتهت الحركة فى سهولة ويسر، فهؤلاء عادة جاهزون وتحت الطلب، لا اشتراطات لديهم ولا مخاوف، لأنهم محدودو الفكر والموهبة، ولا رغبة لديهم ولا قدرة على الانجاز.

ولذا فإننى اتمنى ألا يصيب اليأس رئيس الحكومة فيلجأ للاختيار الأسهل: «اهل الثقة»، ونعاود الكرة من جديد.

الأمر المهم هو ان صعوبة اختيار المسئولين للمناصب التنفيذية ينبغى ان تدفعنا للتفكير فى ضرورة وجود مؤسسات علمية ومعاهد اكاديمية لإعداد قادة المستقبل اداريا ومهنيا، واكسابهم الخبرات اللازمة للقيادة فى سن مبكرة، ومنحهم فرصا حقيقية فى المحليات والوزارات ومؤسسات الدولة، كى يكونوا جاهزين للعمل لحظة الاختيار.

اعرف ان لدينا معهدا لإعداد القادة لكننى اجهل ما اذا كان يقوم بهذا الدور ام لا، وأتصور ان الجامعات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدنى ومراكز البحث العلمى، مطالبة بإنشاء معاهد من هذا النوع لصقل وتهيئة قيادات مبدعة وخلاقة نحتاج اليها بشدة.

واتمنى ان نفكر قليلا فى امكانية ان تعمل المحافظات بعيدا عن الصيغة المركزية الحالية، وان نمنح بعضها ولو على سبيل التجربة، بعضا من «الاستقلال الذاتى» عن العاصمة، وان نحررها من القيود البيروقراطية التى تكبلها وتعوق عملها، وان ننشئ صيغا للتكامل بين بعضها تبعا لمواردها ونوعية انشطة ساكنيها وطرق عيشهم.

اتمنى ايضا ان يتم تقييم عمل المحافظ كما يجرى تقييم رئيس شركة كبرى أو بنك، اى ان توضع اهداف محددة فى بداية ولايته يتم متابعتها بدقة، ويحاسب عليها فى نهاية كل عام، واذا اعتمدنا اسلوب اللامركزية ومنحنا المحافظة قدرا من الاستقلالية والمحافظ مساحة من حرية الفعل والحركة، فإن مشكلات البطالة وسوء التعليم والصحة والاسكان والمواصلات وغيرها، يمكن ان تحل فى نطاق المحافظة او الاقليم الذى يضم عدة محافظات، ويكون نجاح المحافظ فى هذه الملفات معيارا لاستمراره فى منصبه من عدمه، أو تصعيده إلى وظيفة اعلى.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات