خطر الفوضى العالمية - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الثلاثاء 14 مايو 2024 2:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطر الفوضى العالمية

نشر فى : الإثنين 18 ديسمبر 2023 - 10:30 م | آخر تحديث : الإثنين 18 ديسمبر 2023 - 10:30 م
نشر موقع project syndicate مقالا لمحمد العريان، رئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج، تناول فيه الأسباب التى أدت إلى زيادة التشكيك فى شرعية النظام الدولى ــ بقيادة الغرب، والتى تدفع، فى نفس الوقت، باتجاه التحول من اقتصاد عالمى أحادى القطب إلى اقتصاد عالمى متعدد الأقطاب.... نعرض من المقال ما يلى:
شهد النظام الاقتصادى العالمى بقيادة الغرب عاما قاسيا فى 2023. السبب الرئيسى لم يكن الصين، بل كان الإجهاد الداخلى هو الذى أدى إلى تفاقم الشكوك فى مختلف أنحاء العالم حول مدى فاعلية هذا النظام وشرعيته. ولكن من غير المرجح أن ينشأ نظام دولى جديد فى أى وقت قريب.
من المؤكد أن الشكوك حول النظام الاقتصادى الذى يقوده الغرب بدأت قبل وقت طويل من عام 2023. فعلى مدى السنوات الخمس عشرة الأخيرة فقط، تسببت أخطاء السياسية التى أفضت إلى سلسلة من الارتباكات فى تقويض مصداقيته وعمله السلس. تشمل هذه الارتباكات والأخطاء الأزمة المالية العالمية فى عام 2008، واستخدام العقوبات التجارية والاستثمارية كسلاح على نحو متزايد، والتوزيع غير العادل للقاحات كوفيدــ19، وسوء تقدير البنوك المركزية للتضخم باعتباره «مؤقتا»، والعواقب المترتبة على الزيادات العنيفة فى أسعار الفائدة من جانب البنوك.
كما ازداد النظام المتعدد الأطراف ضعفا بسبب عجزه عن معالجة تحديات عالمية ملحة مثل تغير المناخ وأزمة الديون الطاغية فى الجنوب العالمى. ومع اشتداد هذه الضغوط، يُنظَر إلى المؤسسات التى يهيمن عليها الغرب على نحو متزايد باعتبارها عاجزة وغير شاملة بالقدر الكافى.
تسبب تطوران على وجه الخصوص فى تغذية الإحباط الواسع الانتشار إزاء النظام الذى يقوده الغرب هذا العام. فأولا، تمكنت روسيا، كما بات ثابتا بالوثائق الآن على نطاق واسع، من الحفاظ على علاقات تجارية نشطة على الرغم من العقوبات الخانقة ظاهريا، والتى قيدت قدرة البلاد على استخدام نظام الدفع الدولى سويفت (SWIFT) ووضعت سقفا لأسعار صادراتها من النفط. ورغم أن خطط التجارة والمدفوعات المرتجلة التى ابتكرها التكنوقراط الروس جاءت بعيدة كل البعد عن كونها مجدية من حيث التكلفة، فإنها مكنت روسيا من تقليص الأضرار التى لحقت باقتصادها المحلى وتمويل جهودها الحربية فى أوكرانيا.
علاوة على ذلك، تلقت روسيا، فى الجهود التى بذلتها للتحايل على العقوبات الغربية، الدعم من مجموعة متنامية (وإن كانت لا تزال صغيرة نسبيا) من البلدان. وأدى النجاح المحدود الذى حققه نظام العقوبات إلى تآكل الاعتقاد بأن البلدان فى مختلف أنحاء العالم ليس لديها خيار سوى أن تكون جزءا من النظام الاقتصادى الذى يقوده الغرب.
ثانيا، كان الدور الذى تلعبه أمريكا فى الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، من منظور عدد كبير من البلدان، سببا فى فضح خواء الالتزام المعلن من جانب الغرب باحترام حقوق الإنسان الأساسية وامتثاله غير المتسق للقانون الدولى.
مع استمرار تصاعد الأزمة الإنسانية فى غزة، أعربت دول عديدة عن قلقها من أن الولايات المتحدة، بتقاعسها عن كبح جماح أقرب حلفائها، تعمل على تمكينها عن غير قصد. وكان القرار الذى اتخذته إدارة بايدن بتجاوز صلاحيات الكونجرس لتقديم مزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل، بعد يوم واحد فقط من استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد قرار فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار فى غزة لأسباب إنسانية، إلى تعزيز هذا التصور.
بصرف النظر عن موقف المرء من هذه التطورات، فإنها تدعو إلى التشكيك فى فاعلية وشرعية النظام الدولى الذى يقوده الغرب، وتهدد بالتعجيل بالانتقال الجارى من اقتصاد عالمى أحادى القطب إلى اقتصاد عالمى متعدد الأقطاب. ومع نجاح قوى متوسطة فى فرض نفسها على نحو متزايد على الساحة العالمية، فإن هذا يشجع دولا أصغر حجما متحالفة مع الغرب على التفكير فى احتمال التحول إلى «دول متأرجحة».
يتعين على القوى الغربية أن تواجه هذا التهديد بشكل مباشر. ورغم أن إصلاح الضرر الذى وقع بالفعل سوف يستغرق وقتا طويلا، فمن الأهمية بمكان أن يركز الزعماء السياسيون على التخفيف من خطر تفاقم حالة التفتت ومنع الانزلاق السريع إلى الفوضى الدولية من خلال تعزيز البنية المتعددة الأطراف القائمة. ويجب أن تبدأ هذه الجهود بإعادة تنشيط مبادرات الإصلاح السابقة داخل المؤسسات الرئيسية، بدءا بصندوق النقد الدولى والبنك الدولى. يجب أن يكون التركيز الأساسى على الصوت والتمثيل، وتفكيك عمليات التعيين التى عفا عليها الزمن والتى تعود بالفائدة على المصالح الغربية، وتحديث الإجراءات التشغيلية.
تشكل هذه الإصلاحات أهمية بالغة للنظام الذى يقوده الغرب والذى خدم العالم على نحو حسن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. إذا سُمِح للإطار الدولى الحالى بالفشل، فلن يحل محله نظام جديد يرتكز على الصين، بل مزيد من الفوضى العالمية. ومثل هذه النتيجة كفيلة بإلحاق الأذى بالجميع فى الأمد القريب، ومن شأنها أن تعيق أيضا قدرتنا الجماعية على التصدى للتحديات المعقدة والمتنامية الطويلة الأجل التى نواجهها جميعا.

النص الأصلى:
التعليقات