تحرير قبيلة رابعة - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 8:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحرير قبيلة رابعة

نشر فى : الإثنين 18 أغسطس 2014 - 7:45 ص | آخر تحديث : الإثنين 18 أغسطس 2014 - 7:45 ص

هذا المقال نشر فى 18 نوفمبر الماضى..

واليوم أعيد نشره بمناسبة ذكرى «تحرير رابعة»

منذ البداية، سعت منصة التحريض على العنف والكراهية التى تم نصبها فى ميدان رابعة، إلى بث روح القبيلة بين المعتصمين، بكل ما تنطوى عليه من تعصب وبداوة وإنكار واستكبار.

قال لهم صفوت حجازى: «لاتصدقوا إلا ما تسمعوه هنا، فكل ما خارج حشدنا هذا باطل»، وقال لهم آخر: «اعتصامنا قطعة من الجنة»، وقال لهم ثالث: «حشدنا يصلى ويذكر الله، وحشودهم غارقة فى الفسق والمجون» وقال لهم رابع: «قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار».

كان هذا تأكيدا على فكرة الفرقة الناجية،الجماعة المؤمنة وما دونها باطل وقبض الريح،كان تأكيدا على معنى القبيلة وتقاليدها، والقبيلة كما تعلم، تنتمى إلى عصر ما قبل نشوء الدولة، وعليها قام الولاء لجماعة الإخوان التى ترى نفسها «قبيلة كونية» عابرة للحدود والأوطان.

وحين تم حشر الأتباع فى هذا الانتماء الضيق،كان من السهل على خطباء المنصة المدربين أن يلهبوا حماستهم بخطاب متطرف يعدهم بالنصر أو الشهادة، والثأر من «الأغيار الأوغاد».

كان الانتصار لهوية القبيلة كما قدمه خطباء المنصة، شجاعة تماثل شجاعة المسلمين الأوائل فى التصدى لقوى الكفر والطغيان، وفى أجواء القبيلة المنغلقة، فإن الصوت الغالب هو الأكثر ديماجوجية وهوسا، فالقبيلة تواجه خطرا داهما يهدد وجودها فى الصميم، وعلى جميع أفرادها أن يهبوا دفاعا عنها، وبالمناسبة، كانت هذه هى السمة المشتركة بين كل الجماعات التى ارتكبت جرائم الإرهاب الوحشية فى أى مرحلة من مراحل التاريخ، وفى أى مكان فى العالم، والذين لم يشعروا أبدا بتأنيب الضمير وهم يذبحون ضحاياهم، بل كانوا يشعرون بأنهم يؤدون رسالة سامية كى تبقى القبيلة على قيد الحياة، فما بالك إذا اقترن ذلك بدعاوى كاذبة، تصور للأتباع أنهم لا يدافعون فقط عن هوية القبيلة وأسباب وجودها، وإنما أيضا عن الدين والشريعة، هنا يصبح الانتصار للقبيلة نصرة لشرع الله، وعمل تباركه السماء، ويثاب عليه صاحبه باعتباره جهادا فى سبيل الله.

صنعت منصة رابعة هوية جديدة لأتباعها، سلختهم عمّن حولهم، وصبت عليها بعد فض الاعتصام، مزيدا من نيران الكراهية والرفض للمجتمع بكل مكوناته.

والذين أدهشهم تهليل أبناء القبيلة لخبر قدوم البوارج الأمريكية لتأديب الجيش المصرى على استجابته لإرادة المصريين بعزل مرسى، أو حتى فرحهم الغامر بهزيمة المنتخب أمام غانا، عليهم أن يفهموا الأمور فى هذا الإطار.

بكل دهاء وخسة، جرّت الجماعة أتباعها إلى هذا النفق، وأمعنت فى تأجيج شعورهم بالتميز والاختلاف والفرادة، وساعدهم على ذلك مرسى نفسه، الذى انتخبه المصريون ليمكنهم من العيش الحر الكريم، فلم يفعل سوى أن مكّن الجماعة منهم، سيرا على هوى شاطره ومرشده وإرشاده.

«تحريرالقبيلة» من أوهام صنعتها الجماعة ودعّمتها أطماع دولية وإقليمية ليس عملا هيّنا،ويستلزم جهودا إعلامية وسياسية وتربوية متواصلة، لكنه يبقى مرهونا بقدرة أبناء القبيلة أنفسهم على تفنيد أكاذيب المنصة وادعاءات محرضيها، وأن يبدأوا من «أولا» لا من «تاسعا» أو «عاشرا»، أى أن يطرحوا الأسئلة الصحيحة عن حكم مرسى والجماعة ومخططاتهم المشبوهة،قبل أن يستجيبوا لكربلائية كاذبة صنعتها الجماعة، كى يبقى التنظيم على قيد الحياة،ولتذهب مصر وأهلها إلى الجحيم.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات