مسئولية الأغلبية - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 9:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مسئولية الأغلبية

نشر فى : الإثنين 18 يناير 2010 - 10:23 ص | آخر تحديث : الإثنين 18 يناير 2010 - 10:23 ص

 ستظل الفتنة قائمة ما بقيت أسبابها، وسيبقى حادث نجع حمادى قابلا للتكرار، ما بقيت تلك طريقتنا فى التعامل مع المسألة.

عقب الجريمة، تبارت الصحف فى نشر أخبار من نوعية: «مسيحى ينقذ مسلما من قبضة ثلاثة مسجلين خطر»، أو تصريحات لمسئولين تؤكد أن ما يجرى ليس سوى أحداث فردية.

ردود الأفعال تلك لا تؤكد فقط وجود الفتنة، وإنما تزيدها اشتعالا، والكلام عن وحدة عنصرى الأمة، ينطوى على اعتراف صريح بالأزمة: فمن الذى جعل من المصريين عنصرين؟

هل هناك تمييز ضد الأقباط؟ نعم، تمييز جارح لا يليق بدولة هى الأقدم فى العالم، وبوطن يدعى أنه متمدين وأنه لكل أبنائه والعائشين على أرضه، وقد تجاوزت المسألة الآن التضييق الذى تمارسه الدولة على بناء الكنائس، أو الحظر «السرى» على وصول الأقباط إلى مناصب عليا فى الجهاز الإدارى، والسموم التى يطلقها الدعاة الجدد على الفضائيات واعتبارهم الأقباط كفارا أو فى أحسن الفروض أهل ذمة. وصلت الأزمة الآن إلى حضيض الشعبوية، وشهدنا خلال السنوات القلائل مواجهات تندلع لأتفه الأسباب، ورد الأقباط على دعوات التمييز ضدهم بالعزلة والاحتماء بالكنيسة، واكتسب تعبير «الشعب» القبطى ـ وهو تعبير كنسى فى الأساس ـ دلالات مغايرة تعطى سلطات سياسية لقيادته الروحية ممثلة فى البابا، وانتشرت مواقع المتطرفين من الجانبين على شبكة الإنترنت تبث سمومها بلا توقف.

الدعوات إلى أسلمة المجتمع تساهم بقوة فى تأجيج النيران، وهى أسلمة لا صلة لها بالوسطية التى عرفها المصريون وعاشوا فى ظلالها قرونا، إنما هو تدين شكلى لا يقيم نهضة ولايسعى إليها، ويستهدف طمس الهوية الوطنية لحسابات أخرى، وإذا كان النظام شغلنا عبر ربع القرن الأخير بقصة التوريث، فقد شغلنا الإسلام السياسى بسؤال الهوية.

ألم تلاحظ مثلا، وفى أفقر الأحياء، أنه ما إن تقام كنيسة حتى يبنى على الفور أمامها مسجد كبير، وقد يقام آخر خلفها «لإحكام الحصار»!، مع أن المنطقة قد تكون أحوج لبناء مدرسة أو مستوصف أو مصنع صغير لتشغيل العاطلين.

نحن جميعا مصريون، متساوون فى الحقوق والواجبات، هذا هو ما تؤكده نصوص الدستور، وما ينبغى أن تؤكده الأغلبية المسلمة، فهى المسئولة عن بث الطمأنينة فى نفوس الأقلية، يعنى المساواة الكاملة والشعور الذى لا يتزعزع بالمواطنة، هذا دورنا نحن، بعيدا عن الحكومة والنظام السياسى.

من أحمد لطفى السيد:
«مصريتنا تقتضى علينا أن يكون وطننا هو قبلتنا، لا نوجه وجهنا شطر غيره».

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات