الأوهام التى تحكمنا - معتز بالله عبد الفتاح - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 10:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأوهام التى تحكمنا

نشر فى : الإثنين 17 أكتوبر 2011 - 9:25 ص | آخر تحديث : الإثنين 17 أكتوبر 2011 - 9:25 ص

ما هذا الكم من المخاوف التى تحكمنا؟ ما هذا الكم من الأوهام التى تحكم طريقة تفكيرنا. لماذا نتبنى الرأى ثم نبحث عن المعلومات التى تدعمه مع أن الترتيب ينبغى أن يكون أن نحصل على المعلومات أولا ثم نتبنى الرأى؟

 

وقد تساءلت من قبل: هل نصلى ثم نتوضأ أم نتوضأ ثم نصلى؟ هل نذاكر قبل الامتحان أم نذاكر بعد الامتحان؟ هل نعرف معلومات صحيحة وسليمة أولا ثم نتبنى موقفا أو نعلن رأيا أم نعلن رأينا ونتبنى موقفا ثم نبحث عن المعلومات التى تؤيده ونتجاهل ما عداها؟

 

الفرق بين القاضى والمحامى أن القاضى يستمع للأدلة والبراهين الموثقة أولا ثم يعلن رأيا، أما المحامى، فبحكم التعريف، يفعل العكس. هو يتبنى موقف الدفاع عن موكله فيبحث فقط عما يبرئه.

 

وأفضل المحامين هو من يملك قلب قاض وعقل محام؛ فلا يختل عنده ميزان الحق والعدل حتى وإن تبنى موقفا متحيزا؛ ذلك أن تحيزه يكون ابتغاء تكامل أسمى يستهدف التوازن فى مواجهة ممثل النيابة الذى يميل بدوره لأن يكون متحيزا لصالح الإدانة، وإلا ما قدم المتهم إلى المحاكمة.

 

فيكونون جميعا فى النهاية وكأنهم متحيزون للعدالة، حتى وإن بدا كل منهم فى موقعه وكأنه متحيز لموقف ما يتبناه.

 

وبما أن القضايا العامة ليست فى موضع تقاض، إذن فنحن مطالبون أن نلعب دور المحقق الأمين والقاضى النزيه والمحامى العاقل وكلمة السر فى كل هذا ألا نتعامل مع مخاوفنا وكأنها معلومات، أو نظرية المؤامرة السائرة بيننا وكأنها حقائق لا ترقى إلى الشك، ولا نسمح للراغبين فى الشهرة على الفاضى أن يحكموا أجندتنا.

 

هل المسألة رأى مبنى على معلومات أم هى «فَتى» مبنى على إدعاءات؟ وقد لا تكون هذا ولا ذاك. وإنما مجرد عدم اتساق بين المعلن شفاهة أو كتابة وبين الحادث واقعا وفعلا. لكن فى النهاية علينا أن نكون مستعدين ألا نقع فى فخ البحث فقط عما يؤيد وجهة نظرنا دون أن نسمح للآخرين أن يعبروا عن وجهة نظرهم، لأن تكامل وجهات النظر المبنية على معلومات سليمة وموثقة هى المدخل الوحيد لتكامل الصورة والاقتراب من الحقيقة.

 

الساحة مليئة بمن يهاجمون الآخرين. بعض علماء النفس السياسى يربطون صراحة بين من يحاولون اغتيال الآخرين معنويا ويسعون للنيل منهم وإحساسهم بأنهم لم يحققوا الكثير فى حياتهم. هؤلاء أقدر الناس على طرد الكفاءات وذوى المهارات من الساحة حتى يتساوى الجميع فى الفشل ويكون الضحية هى الوطن، بل أكثر من ذلك حين يتساوى الأفضل مع المفضول فى الكفاءة، تكون الساحة أوسع للأجرأ على نقد الآخرين ونقضهم.

 

مرة أخرى: هل نعرف المعلومات الصحيحة والموثقة ثم نتبنى موقفا، أم نتبنى الموقف ثم نبحث عما يدعمه حتى ولو اضطررنا لتدمير الأدلة المعادية أو تجاهلها؟

 

أرجوكم الترتيب مهم، فلنعرف ثم نعلن رأينا وليس العكس. وكما جاء فى الفقه: «الحكم على الشيء فرع عن تصوره» أى عن التعرف عليه. إذن الترتيب مهم.

 

وهم «الرأى قبل المعلومة» شائع، وعلينا أن نتغلب عليه.

معتز بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعتي القاهرة وميشجان، ويدير حاليا وحدة دراسات الإسلام والشرق الأوسط في جامعة ميشجان المركزية في الولايات المتحدة. حصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة وماجستير الاقتصاد ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من الولايات المتحدة. كما عمل في عدد من مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة ومصر، له ثمانية كتب والعديد من المقالات الأكاديمية منشورة باللغتين الإنجليزية والعربية.
التعليقات