الفجوة السياسية بين أمريكا وإسرائيل - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 3:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الفجوة السياسية بين أمريكا وإسرائيل

نشر فى : السبت 17 يناير 2015 - 8:10 ص | آخر تحديث : السبت 17 يناير 2015 - 8:10 ص

نشرت صحيفة ذى أميريكان كونسيرفايتيف مقالا للكاتب سكوت ماكونيل حول ما وصفه بالفجوة بين السياسة الأمريكية والإسرائيلية فى علاقتهما ببعضهما البعض، مثيرا إحدى الحوادث التى استدل من ردود الفعل الرسمية حولها على وجود تلك الفجوة. بدأ الكاتب بذكر ما حدث فى بداية شهر يناير الحالى من مهاجمة مستوطنين إسرائيليين لسيارتى دبلوماسيين أمريكيين فى الضفة الغربية بالحجارة، والهراوات، والفئوس. وقيل إن أفراد الأمن الأمريكيين المرافقين للسيارتين شهروا أسلحتهم ولكن لم يستخدموها. وفى الوقت نفسه، كان مسئولون فى القنصلية الأمريكية يحاولون التحقيق فى اتهام مستوطنين إسرائيليين بتدمير أشجار زيتون فلسطينية على أراض يملكها أمريكى من أصل فلسطينى. (وفى شريط جانبى طريف لهذا الحادث الذى لا يدعو للضحك، أنزلت قوات الدفاع الإسرائيلية على ما يبدو من موقعها على شبكة الإنترنت رابط فيديو يصف قذف الحجارة على السيارات بـ«الإرهاب»، تم بثه لتبرير الرد العسكرى الإسرائيلى القاسى على الصبية الفلسطينيين الذين يلقون الحجارة على سيارات المستوطنين الإسرائيليين).

ووصف الكاتب رد إدارة أوباما على الحادث بالـ«الخجول»، ممزوجا بلهجة اعتذارية تقريبا. حيث صدر بيان من متحدث منخفض المستوى باسم وزارة الخارجية قائلا إن الإدارة تشعر «بقلق بالغ» بسبب الهجوم و«تعمل مع السلطات الإسرائيلية» فى التحقيق الذى تجريه بشأن الحادث. وقد يتصور المرء أن هجوما على الدبلوماسيين الأمريكيين فى الشرق الأوسط من شأنه جذب بعض الاهتمام فى وسائل الإعلام الأمريكية، وخصوصا أن من نفذوه مواطنو «الحليف الأكبر للولايات المتحدة» ولكن لم يكن هناك تغطية تذكر، فقد اقتصرت على فقرة قصيرة فى صحيفة نيويورك تايمز، وبعض إشارات إضافية طفيفة، هذا كل شيء!

<<<

ويشير ماكونيل إلى أن الحادث يأتى كنوع من أنواع ختام موسم العطلات، فخلال فترات الراحة عمل الدبلوماسيون الأمريكيون بشكل محموم على منع صدور قرار للأمم المتحدة برعاية الفلسطينيين والدعوة إلى بدء مفاوضات مباشرة بهدف إقامة دولة فلسطينية فى غضون مهلة مدتها سنة واحدة، وبالنسبة لإسرائيل لوضع حد لاحتلالها. وقد نجحت جهودهم، فامتنعت نيجيريا بشكل غير متوقع فى آخر لحظة، لتمنع الوصول إلى الأصوات التسعة التى كانت مطلوبة من أجل تمرير القرر إلى مجلس الأمن الدولى. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كانت ستعترض فى المجلس على أى حال، إلا أن الفيتو كان من شأنه إحراج إدارة تدعى تأييد حل الدولتين.

وفى أثناء عطلة الكونجرس، تفاخرت لجنة الشئون العالمية الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) أنها رعت ثلاثة قرارات تزيد الدعم الأمريكى لإسرائيل. وذكّرت أيباك الجميع بأن إسرائيل «شريك استراتيجى رئيسى» وهو وصف لا تمنحه لأى بلد آخر على وجه الأرض.

ويرى الكاتب أنه من الضرورى وضع علاقة إسرائيل بالكونجرس الأمريكى فى الاعتبار. ففى خلال زيارة السناتور ليندسى جراهام لإسرائيل مؤخرا، طرح صيغة لوصف العلاقة بشكل مثير للاهتمام. ففى مقابلة مع صحيفة شيلدون أديلسون الإسرائيلية، طمأن جراهام الإسرائيليين بأن علاقة الرئيس أوباما مع رئيس الوزراء نتنياهو التى يصفها كثيرون بالباردة ليس لها فى الواقع تأثيرا يذكر: «الرؤساء يأتون ويذهبون. وكان لإدارة بوش مشكلات مع سياسات إسرائيل. وبلغة رجال الأعمال، فالمستأجر الرئيسى هو الكونجرس» وهى استعارة كاشفة، تشير إلى ملكية إسرائيلية للعلاقة الأمريكية الإسرائيلية. ويدفع الأمريكيون الإيجار، وهو الأمر الذى يعتبر الكونجرس دائما على استعداد للقيام به.

ويضيف ماكونيل بأنه فى مؤتمر صحفى مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، طمأن جراهام نتنياهو إلى أن الكونجرس سوف «يتبع خطاك» بشأن المفاوضات الأمريكية مع إيران. وهو تصريح مهم من مشرع أمريكى بارز ــ يسلم القيادة فى قضية أمن قومى حيوية لدولة أجنبية! الأمر الذى لم تنتبه إليه وسائل الإعلام الأمريكية، فيما يمثل نوعا من المفاجأة، حيث من المعلوم على نطاق واسع أن نتنياهو يريد الفشل للمفاوضات الأمريكية مع إيران، ويفضل دفع الولايات المتحدة إلى حرب مع الدولة الفارسية.

<<<

ويبرز الكاتب قدرة نتنياهو على توجيه الكونجرس الأمريكى بشكل أوضح فى تذبذب الرأى العام الأمريكى تجاه إسرائيل. وهذا لا يعنى أن معظم الأمريكيين صاروا معادين لإسرائيل، فمعظمها يؤيدها. لكن استطلاعات الرأى الأخيرة تشير إلى أن غالبية الأمريكيين يريدون أن تكون واشنطن منصفة بشكل عام بين اسرائيل والفلسطينيين. ويعرض ماكونيل إحدى النتائج الـ«مستغربة» مؤخرا، حيث تزايد عدد الأمريكيين الذين يؤيدون «حل الدولة الواحدة» التى تضم، اليهود الإسرائيليين والعرب الفلسطينيين، ويتمتعون على حد سواء، بالحقوق المدنية والتصويت فى فلسطين. وهى مفاجأة أقل مدعاة للصدمة مما يبدو، حيث يعيش الأمريكيون التعددية الثقافية فى بلدهم، على الرغم من أنه خيار لم يختره عدد يذكر منهم قبل 50 عاما. ووفقا لاستطلاع أجراه مؤخرا شبلى تلحمى من معهد بروكينجز بجامعة ميريلاند، يؤيد 73 فى المائة من الأمريكيين إما حل الدولتين وإما حل الدولة الواحدة مع حقوق متساوية لكلا الشعبين، بما يزيد تقريبا ثلاث مرات عن إجمالى عدد أولئك الذين يفضلون إما الضم الإسرائيلى للضفة الغربية أو استمرار الوضع الراهن للاحتلال الإسرائيلى، تتخللها أحيانا نوبات التظاهر بإجراء محادثات السلام.

والجدير بالذكر أنه على نحو عام، يميل الشباب والديمقراطيون للفلسطينيين أكثر من الجمهوريين وكبار السن. وتعتبر الأصوات المؤيدة لإسرائيل أكثر عاطفية (وتقدم لصالحها تبرعات مالية اكثر) من بقية الأمريكيين.

غير أن الفكرة ليست فى انقسام الرأى العام الأمريكى ــ على الرغم من كونه كذلك ــ أو أن الشعور العام يتحول حتما بعيدا عن الدعم القوى لإسرائيل إلى موقف أكثر حيادية، على الرغم من أن هذا صحيح كذلك. ولكن المشاعر الحقيقية من الأمريكيين غير ممثلة بالكامل تقريبا فى الكونجرس الأمريكى، الذى تعهد فى الآونة الأخيرة بإجماع الأصوات تقريبا ــ بدعم الحكومة اليمينية فى إسرائيل مهما فعلت. ويتوقع الكاتب بشكل مبالغ صدور قرار من الكونجرس بالاعتذار للمستوطنين الإسرائيليين عن مساعى الدبلوماسيين الأمريكيين للتحقيق فى تدميرهم من بساتين الزيتون الفلسطينية! متسائلا هل يثير مثل هذا القرار الدهشة حقا؟

التعليقات