بعث جديد للأزهر - عماد الغزالي - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بعث جديد للأزهر

نشر فى : الإثنين 16 يناير 2012 - 9:20 ص | آخر تحديث : الإثنين 16 يناير 2012 - 9:20 ص

ها هو الأزهر الشريف يعود مع شيخه «الطيب»، منارة للوسطية الدينية الأصدق تعبيرا عن روح مصر والمصريين، حاضنا للرؤى التوافقية فى زمن الفتنة، وملهما لمعنى المسئولية الوطنية فى زمن التكالب والمصالح وتعظيم الذات.

 

فى الأسبوع الماضى وحده، أصدر الأزهر بيانين غاية فى الأهمية، الأول هو بيان الأزهر حول «استكمال أهداف الثورة واستعادة روحها»، وتضمن 12 بندا أهمها منع المحاكمات العسكرية للمدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وسرعة محاكمة رموز النظام السابق «بما لايخل بحرمة الحق ومقتضى العدل وواجب النزاهة»، واستكمال الوفاء بحقوق أسر الشهداء والمصابين فى العلاج والتعويض والرعاية التامة، والمضى فى البناء الديمقراطى لمؤسسات الدولة «وتسليم السلطة للمدنيين فى الموعد المحدد». و«الالتزام بما أسفرت عنه الانتخابات النزيهة الحرة من نتائج» والتعاون بين شباب الثورة وممثلى الشعب المنتخبين فى بناء مصر المستقبل تحت مظلة الديمقراطية». وعلى أساس من الشرعية البرلمانية والتوافق الوطنى «وعودة الجيش» ذخر الوطن وحامى انتفاضته الثورية إلى دوره فى حراسة حدود مصر وأمنها القومى».

 

قبله بثلاثة أيام صدر بيان الأزهرعن منظومة الحريات الأساسية، الذى أكد فيه على حرية العقيدة وحقوق المواطنة، والإعلاء من شأن العقل إذا تعارض مع النقل» تغليبا للمصلحة العامة وإعلاء لمقاصد الشريعة»، واعتبر حرية الرأى «أم الحريات» والمظهر الحقيقى للديمقراطية، وشدد على تشجيع الإبداع الفنى والأدبى دون المساس بعقائد الآخرين، وكذلك حرية البحث العلمى باعتباره «قاطرة التقدم البشرى».

 

وفى منتصف يونيو الماضى، وفى ذروة الجدل حول المواد فوق الدستورية والمواد الحاكمة للدستور، أصدر الأزهر وثيقته حول مستقبل مصر، والتى أجمع الفرقاء من كافة الأطياف السياسية على اعتبارها صيغة جامعة لما يمكن أن يحويه دستور مصر الجديد من مواد، بدعمها للدولة الوطنية الدستورية، واعتمادها النظام الديمقراطى القائم على الانتخاب الحر المباشر، وغيرها من البنود الرائعة.

 

أزعم أن مبادرات الأزهر الثلاث هى التجسيد الأمثل لما يطمح إليه غالبية المصريين، الذين صوّتوا بالملايين فى استفتاء مارس، وفى الانتخابات البرلمانية، وكذلك سيفعلون فى انتخابات الرئاسة إن شاء الله، والذين لن يقبلوا بعد الآن أن يتحدث أحد باسمهم دون تفويض، والذين لن يقبلوا أن يوصفوا بعد بـ«حزب الكنبة».

 

هؤلاء يأملون فى انتقال «آمن للسلطة» لا «انتقال فورى» يفكك الدولة ويبعثر أواصرها ويشعل الفوضى فى أرجائها، يطمحون إلى استقرار حقيقى يحترم اختياراتهم كما عبروا عنها فى أول انتخابات حرة تشهدها مصر منذ ستين عاما، يرفضون إهانة جيشهم الوطنى ويثمنون دوره فى حماية الثورة، ويعرفون للشهداء وشباب الثورة «الحقيقيين» فضلهم.

 

هذه هى مصر التى عبرت عنها مبادرات الأزهر الشريف فى بعثه الجديد.

 

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات