هل ستنجح حكومة «الشاهد» - امال قرامى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 9:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل ستنجح حكومة «الشاهد»

نشر فى : الإثنين 15 أغسطس 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : الإثنين 15 أغسطس 2016 - 9:30 م

لم يمر تعيين رئيس الحكومة الجديد بسلام ولم يحقق الإجماع المنشود؛ إذ استمر الجدل القانونى حول مدى دستورية هذا التعيين وتباينت الآراء حول مدى قدرة «الشاهد» على قيادة البلاد فى مرحلة حرجة استشرى فيها الفساد، وهو الذى تقلد منصبًا فى حكومة سحبت منها الثقة وعجزت عن إدارة الأزمات. ولئن حاول «الشاهد» الإصغاء إلى فاعلين مختلفين: كالأحزاب الكبرى والنقابات والرجال والنساء، والإعلاميين والفنانين وغيرهم إلا أنّه لم يستطع أن يغير معايير انتقاء الوزراء الذين سيشكلون حكومته. فقد ظلت المحاصصة الحزبية آلية حاسمة تحكم عملية الاختيار فللنداء مرشحوه باعتباره الحزب الفائز فى الانتخابات، وللنهضة مرشحوها باعتبارها الحزب القوى والمهيكل.. ولأصحاب الأموال مرشحوهم لِمَ لا وهم يضخون الأموال ويعدلون موازين القوى.. وللائتلافات النسائية مرشحات باعتبارهن قد قدمن الدعم الكلى للنداء فى الانتخابات، وفى الكواليس فاعلون آخرون يمارسون الضغط حفظًا لمصالحهم.
وفى سياق بٌرّر فيه تغيير الحكومة بأنه إجراء ضرورى من أجل ضبط الأولويات وإنقاذ البلاد يغدو العمل بالمحاصصة الحزبية غير معبّر عن تغيير العقليات وتجديد الفعل السياسى. وطالما أن تقديم أصحاب الولاءات الحزبية على أصحاب الكفاءات الفعلية مستمر فإن الأمل فى الإصلاح مفقود... وطالما أن نفس الوجوه التى ترشحت فى الانتخابات هى ذاتها التى تهيمن على قوائم الأحزاب فلا توقعات بتكريس الديمقراطية... وطالما أن التداول على المناصب سيبقى فى دائرة محدودة جدا تراعى فيه الطاعة للأوامر وغض الطرف عن التجاوزات فإن نشدان الحد من الفساد مجرد وهم.
***
لن يتجرأ «الشاهد» على تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة ولن يتسنى له الإفصاح عن معايير انتقاء الوزراء الذين سيشكلون حكومته بكل شفافية ولن يعترف بأنه كان مسيرًا لا مخيرًا.. ولن يكشف النقاب عن تفاصيل التفاوض فقد اعتدنا فضخ المستور وعرض الاعترافات بعد فوات الأوان... ولن يتمكن «الشاهد» أيضا من فرض خياراته مادام النظام البرلمانى يجعل منح الثقة فى الحكومة بيد الأحزاب المؤثرة داخل البرلمان.
إنّ هذه الإكراهات الممارسة على «الشاهد» تثبت مرة أخرى عسر تحقيق النقلة النوعية فى عالم السياسية التونسية. فأنى لمن بقى أسير المنظومات التقليدية أن يبتكر الحلول؟ وأنى لمن لم يستطع أن يفرض خياراته بكل استقلالية أن تكون له إرادة سياسية؟ وأنّى لمن تحكمت فيه القوى المؤثرة فى المشهد السياسى أن يكون الحازم، والمصرّ على محاسبة المفسدين والمفلتين من العقاب؟
علامات كثيرة ومؤشرات عديدة تنبئ بفشل «الشاهد» فى تحقيق الأهداف التى رسمها لحكومته أو حددت له من قبل. فالنداء مكدود يحاول أن ينقذ ما تبقى من حزب تفكك وتفرق أصحابه إلى ملل ونحل، وتقلصت قاعدته الشعبية، والنهضة لن تستطيع مؤازرة «الشاهد» لأنها مشغولة بالتصدعات داخلها والتى باتت مرئية ودبت فيها عدوى البحث عن المناصب، وحدث ولا حرج عن بقية الأحزاب التى تعرت وما عاد بالإمكان ستر عوراتها. ونذهب إلى أنّ أسطورة التوافق لن تصمد طويلًا مادامت السياسة فى قطيعة مع الأخلاق والمصلحة الخاصة مقدمة على المصلحة الوطنية.
ومع كل يوم نتساءل إلى أى مدى كان الشعب التونسى مستعدًا لبلوغ «الرشد السياسى والاقتصادى والثقافى والدينى» ومؤهلًا لحمل الأمانة وإحداث التغيير المنشود؟ إلى أى مدى كان التونسي/ة مؤهلًا للتأقلم مع مناخ الحريات وقادرًا على التفاعل مع الوضع الجديد بكل مسئولية وجدية؟ إلى أى مدى كان التونسي/ة قادرًا على العمل والبذل والتضحية فى سبيل الوطن؟ إن القضية لا تتعلق، فى نظرنا، بفقدان القيادة السياسية الوطنية وغياب التصورات والرؤى الإصلاحية فحسب...القضية أعمق بكثير إنّه شعب أفلس أخلاقيًا...إلا من رحم ربك.

التعليقات